الصناعة في لبنان

تقارير وحوارات

الصناعة في لبنان .. حقائق صادمة عن ثروة مهملة

باولا عطية

13 تموز 2020 15:58

يشكل قطاع الصناعة في لبنان ما يقارب الـ18% من الناتج المحلي (القيمة السوقية لكل السلع النهائية) أي 3.8 مليار دولار اميركي وفق تقديرات الاختصاصيين، ويؤمن هذا القطاع، وظائف لقرابة الـ 240 الف عامل اي 26

يشكل قطاع الصناعة في لبنان ما يقارب الـ18% من الناتج المحلي (القيمة السوقية لكل السلع النهائية) أي 3.8 مليار دولار اميركي وفق تقديرات الاختصاصيين، ويؤمن هذا القطاع، وظائف لقرابة الـ 240 الف عامل اي 26 بالمئة من العمالة اللبنانية. وتؤكد مصادر في وزارة الصناعة وفق احصاءاتها للعام 2004 انّ "القطاع الصناعي في لبنان يشغل 135 ألف عامل بينهم 35 الى 50 ألف عامل أجنبي وبين 80 الى 90 ألف عامل لبناني".

وعلى مدى أكثر من 20 عاما اهملت الحكومات اللبنانية القطاع الصناعي، وارتكزت على سياسات الاستيراد والاستدانة لتنشيط القطاعين السياحي الخدماتي والمصرفي، ما خلق حواجز وتحديات كبيرة امام الصناعيين اللبنانيين، ومع بدء أزمة الدولار في لبنان أصبحت الصناعات اللبنانية الخيار الأول لدى اللبنانيين لكونها أرخص من السلع المستوردة.

وفي هذا الإطار يرى نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش في حديث خاص لـ "النهضة نيوز"، أنّ "مصائب قوم عند قوم فوائد، ففي ظل وضع الدولار، أصبحت الصناعات اللبنانية تحاول تغطية نقص البضائع والسلع التي يصعب استيرادها من الخارج، وأصبح المواطن اللبناني مجبرا على شراء المنتجات اللبنانية التي تتميز بجودتها العالية وسعرها التنافسي"، لافتا الى أنّ "المواطن اللبناني كان يفقد الثقة بالصناعات الوطنية مع العلم انّ لبنان يصدر العديد من السلع الى دول خارجية كأوروبا وأميركا".

وعن المشاكل التي يواجهها القطاع الصناعي في لبنان يقول بكداش "المشكلة الأولى هي في تامين السيولة لشراء المواد الأولية ، فمن شهر 9 الـ 2019 ونحن موعودين بسيولة تم ذكرها بأكثر من مذكرة ولكننا لم نشهد بعد أي شيء ملموس في هذا الخصوص، وقد عقدنا منذ فترة اجتماعا مع وزير الصناعة عماد حب الله حيث عرضنا له كجمعية صناعيين مخاوفنا وهواجسنا والمشاكل التي نعاني منها في هذا القطاع وأكّد لنا انّ وزارة الصناعة بالتعاون مع المصرف المركزي ستؤمن مبلغ قدره 300 مليون بدفعات 3 (100 ميون كل دفعة) لدعم القطاع كما أصدرت وزارة الصناعة ومصرف لبنان تعميم يسمح للصناعيين بشراء الدولار على سعر الـ1500 ليرة، حيث يعطي المصرف المركزي البنوك المبلغ المنشود بصفر فائدة داعما الفرق ونحن نؤمن المبلغ باللبناني ونشتري الدولار على الـ 1500 ليرة، الا اننا لم نشهد أي شيء ملموس حتى اليوم في هذا الاطار".

ويتابع بكداش "اما المشكلة الثانية فهي في الاتفاقيات التجارية التي تربط لبنان بالدول الأخرى، والمستفيد الأول من هذه الاتفاقيات هي الدول التي تصدر بضاعتها الى لبنان وليس العكس، فعلى سبيل المثال إذا أردنا ان نصدر بضائع الى سوريا يتوجب على لبنان ان يدفع ضرائب تصل الى الـ 14% تحت ما سمى ضريبة للجيش وضريبة للبلديات ونقل، "بينما سوريا تدخل بضائعها الى لبنان دون دفع جمرك! والحال مشابه مع المغرب وبين لبنان وأوروبا، حيث يمنع الأوروبيون على لبنان تصدير الالبان والاجبان لحماية صناعاتهم الوطنية، بالرغم من وجود مصانع لبنانية في فرنسا وفي وضع مشابه حين تدعم دولة ما صناعاتها وتحميها يحق للدولة الثانية ان تضع ضريبة على بضائع الدولة الأولى وهو ما لا يحدث في لبنان، فنحن اليوم نصدر البضائع إلى مصر والسعودية وتركيا التي لا تربطنا بها اتفاقيات تجارية ونستورد بضائعهم دون وضع ضريبة عليها خوفا من أن "نزعل هيدي الدول"، مضيفا "فالحكومات المتراكمة من سنة الـ90 لليوم "ما بدون يزعلوا حدا، حتى الاتراك يلي مش ماضيين معون اتفاقية ما بدنا نزعلون!".

وأكد نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش "اننا كل ما نطالب به هو المعاملة بالمثل لحماية صناعاتنا الوطنية، وتطبيق الاتفاقيات التجارية كما يجبن والمشكلة الثالثة هي في المصانع التي تحتاج الى طاقة مكثفة متل مصانع التدوير، (زجاج، وورق، وبلاستيك ...) في حين لبنان يعاني من مشكلة كبيرة في الكهرباء ما يؤثر على عمل هذه المصانع".

وأشار بكداش الى أنّ "البنوك حجزوا على أموال المودعين، فلو كان للتاجر حساب في المصرف لا يستطيع تحويل المال الى الخارج وتجار المواد الأولية يريدون FRESH MONEY ، وهي من أبرز المشاكل التي يعانيها الصناعيين، واقترحنا على المصارف أن نؤمن لهم المبلغ باللبناني ويعطونا المبلغ بالدولار، والا سيضطر صاحب المصنع الى شراء الدولار من السوق السوداء بمبالغ عالية جدا".

وأشار أيضاً إلى أن "لبنان يصدر دفاتر الى أوروبا، واحد المعامل اللبنانية كان يصدر السيراميك المستخدم بميترو باريس وشركة أخرى كانت تصنع الصناديق للشاحنات الضخمة وتصدرها الى أوروبا لشركات كبيرة كـ "رونو"، كما نصدر الصناعات الفضية الى اميركا وغيرها من الدول".

وعن سبب عدم وجود اكتفاء اقتصادي للبنان في ظل توفر جميع الصناعات تقريبا، أجاب دكاش "لأن الدولة اللبنانية لم تكن تدعم هذا القطاع من جهة ومن جهة أخرى المواطن اللبناني لم يكن لديه ثقة بمنتجاته اللبنانية وكان يفضل دائما المنتجات الأجنبية ويوليها على صناعاته المحلية، فاذا أردنا تحقيق اكتفاء اقتصادي يجب ان نولي الأهمية للصناعات الوطنية وعندما يزيد الاستهلاك في السوق الداخلي ستزيد مداخيل المصانع اللبنانية وبالتالي ستصبح فرصة التصدير أكبر".

ولم ينف بكداش تقصير جمعية الصناعيين أيضا عن قيامها بدورها في هذا المجال وتقصير الاعلام في تسليط الضوء على أهمية الصناعات اللبنانية، و"لذلك نحن اليوم نكثف اجتماعاتنا ومؤتمراتنا الصحافية ونحاول إيجاد حلول بالتنسيق مع الوزارات المعنية والمسؤولين في هذا الاطار؛ لتنشيط القطاع الصناعي في لبنان"، متابعا "اذا ما في تصدير ما في صناعة وصلنا تقريبا للـ4 مليار، ولازم نوصل للـ6 مليار ، ويجب أن يقتنع المواطن اللبناني بان المنتج المحلي جودته عالية، ويجب العمل على تطبيق الاتفاقيات التجارية كما يجب، ودعم المواد الأولية".

ولعل ما كان يجهله معظمنا هو عدد الصناعات الكبيرة التي ينتجها لبنان، من قطاع الادوية، قطاع مواد البناء والبيوت الجاهزة والمواد المنجمية، قطاع المجوهرات والفضيات قطاع المواد الغذائية والمشروبات الروحية والالبان والاجبان، قطاع المواد الكيميائية والبلاستيكية، قطاع الطباعة والورق والكرتون والتعبئة والتغليف قطاع الخشب والمفروشات الخشبية والمعدنية والبلاستيكية، قطاع المنسوجات والملبوسات الجاهزة وكمالياتها والازياء، قطاع الجلود والاحذية، قطاع الكهرباء والكابلات، قطاع الماكينات والمعدات، قطاع النشر ونسخ التسجيلات، وصناعات اخرى متفرقة مثل: الملح، ادوات منزلية خزفية وآلات موسيقية وغيرها…

بالإضافة الى صناعات متقدمة مثل: نظم واجهزة انذار، تجهيزات طبية ولوازم مختبرات وطب اسنان وصناعة الاطراف وتقويم العظام، تجهيزات معالجة مياه الصرف المبتذلة.

فللبنان طاقات عديدة وللصناعة فيه مستقبل باهر في حال تم الاهتمام بهذا القطاع واعطائه الأهمية المطلوبة والعمل على سن وتشريع قوانين لمصلحة هذا القطاع. فلا ينقص المنتجات اللبنانية شيء لكي تنافس المنتجات العالمية، فهل يمكن اصلاح اهمال 20 سنة بـ 3 سنوات؟

النهضة نيوز