خلال الأيام الثلاث الماضية، عقد نائب كل من وزير الخارجية الأمريكي "جويل رابيون"، والسفير الامريكي السابق في البحرين "وليام روباك"، و الوزير السعودي لشؤون الخليج "ثامر السبهان"، اجتماعات متعددة مع قيادات "قوات سوريا الديمقراطية"، ومن تم تسميتهم بـ "وجهاء العشائر"، في مناطق "شرق الفرات"، من ريف دير الزور الذي تحتله "قسد"، بدعم من قوات الاحتلال الأمريكي.
الاجتماعات التي عقدت داخل القاعدة العسكرية غير الشرعية للقوات الأمريكية في "حقل العمر" النفطي، بريف دير الزور الشرقي، ناقشت ملفات ذات طابع "سياسي واقتصادي واجتماعي"، وبحسب المعلومات التي حصلت عليها "جريدتنا"، من مصادر متعددة، فإن الوزير السعودي قدم تعهدات بالدعم المالي الكبير وإنشاء هيكلية سياسية تدير شؤون مكونة من أبناء المنطقة، شريطة أن تبقى العشائر المقيمة في مناطق شرق الفرات، على علاقة موالية لـ "مجلس سوريا الديمقراطية"، المتحكم به من قبل "واشنطن"، إلا ان الشرط الأساسي هو قطع الطريق على أي محاولة للتصالح مع الدولة السورية.
السعوديين طرحوا عبر السبهان، اعتراف كامل بتنصيب بعض الشخصيات كـ "أمراء" للقبائل الكبرى كـ "العكيدات - البكارة - الشعطيات"، بدلاً عن المشايخ الأصليين، إضافة إلى تقديم منح مالية ضخمة لإدارة شؤون العشائر الداخلية، وإقامة مشاريع استثمارية لإعادة وتأهيل البنية التحتية للحقول النفطية من قبل الشركات السعودية، مع إعادة إعمار للقطاعات الخدمية عبر جمعيات خيرية تتبع للرياض.
الشروط السعودية ركزت على قطع العلاقة بشكل كامل مع مشايخ العشائر الموالية للدولة السورية، وإعلان عزلهم من مناصبهم الحالية، إضافة إلى عدم التنسيق أو التواصل مع أي طرف عشائري أو مسلح يوالي "أنقرة"، وتحييد المنطقة الواقعة إلى الشرق من الفرات عن أي عملية عسكرية يمكن أن تشنها تركيا في حال رفضت "قوات سوريا الديمقراطية"، الشروط التي تفرضها أنقرة لإقامة المنطقة العازلة.
وحضرت مواسم الحبوب ضمن الملفات الاقتصادية التي تم طرحها من قبل "السبهان"، الذي عرض أن تشتري دولته كامل الكميات المنتجة في ريف محافظتي "دير الزور" و"الرقة"، وشحنها عبر أراضي إقليم "شمال العراق"، إلى الأراضي السعودية، على أن يتم الشراء وفقاً للأسعار العالمية، وجاء الطرح السعودي كبديل عن "التهريب إلى العراق أو إلى تركيا أو إلى بقية المحافظات السورية"، الأمر الذي يجعل من موسم الحبوب في "سوريا" واحدة من منصات الحرب الاقتصادية التي تمارسها مجموعة من الدول ضد دمشق.
يعد التنافس السعودي - التركي، من أوراق القوة التي تضغط بها واشنطن على حليفها في أنقرة لتحصيل مواقف سياسية أكثر مرونة فيما يخص إقامة المنطقة الآمنة التي تريدها في الشمال السوري، بما يتناسب وبقاء استراتيجيتها قائمة في المنطقة على أسس متعددة، إضافة إلى أن السلطات السعودية يحاول من خلال وجوده كعضو في التحالف الأمريكي الوصول إلى مكتسبات اقتصادية وسياسية في ملف الشمال الشرقي من سوريا بعد خروجه بشكل نهائي من حسابات الميدان والسياسي في بقية المناطق خاصة في الشمال الغربي من "سوريا" الذي توالي الميليشيات المنتشرة فيه "أنقرة" و"الدوحة".