وثائق خطيرة من 300 الف صفحة.. ما الذي تخبرنا به الوثائق الجديدة في قضية اغتيال خاشقجي؟!

وثائق خطيرة من 300 الف صفحة.. ما الذي تخبرنا به الوثائق الجديدة في قضية اغتيال خاشقجي؟!
  أمر قاضي المحكمة الجزئية الأمريكية "بول إنجلماير" في مايو الماضي إدارة ترامب بإصدار ونشر جميع الوثائق المتعلقة بقضية مقتل الصحفي السعودي في جريدة واشنطن بوست جمال خاشقجي، كون قضية اغتياله ذات أهم

 

أمر قاضي المحكمة الجزئية الأمريكية "بول إنجلماير" في مايو الماضي إدارة ترامب بإصدار ونشر جميع الوثائق المتعلقة بقضية مقتل الصحفي السعودي في جريدة واشنطن بوست جمال خاشقجي، كون قضية اغتياله ذات أهمية كبيرة وأصبحت قضية رأي عام عالمية .

في الوقت الذي كانت فيه مبادرة "عدالة المجتمع المفتوح" ، الفرع القانوني لمؤسسة المجتمع المفتوح قد رفعت دعوى قضائية في بداية يناير السابق لإصدار ونشر تلك الوثائق بموجب قانون حرية المعلومات الأمريكي.

ومن المقرر أن يتم إصدار الوثائق بمعدل مثير للإعجاب يبلغ 5000 صفحة شهرياً، إلى أن يتوفر إجمالي 300000 صفحة تحتفظ بها وزارة الخارجية ووزارة الدفاع  ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في جعبتها بخصوص قضية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي.

ونظراً لأن الوثائق تحتوي على معلومات ذات اهتمام كبير بين الجمهور والمشرعين وغيرهم من صانعي السياسات والصحفيين، اوضح القاضي إنجلماير أن إصدارهم في الوقت المناسب يعد أهمية عامة قصوى لجميع المهتمين.

وجادل ممثلو وزارة الخارجية في البداية بأن إصدار ونشر 5000 وثيقة شهرياً سيتطلب ما بين 60 إلى 73 عاملاً للتدقيق في السجلات، وبالتالي إبطاء عملية معالجة 98 % من طلبات قانون حرية المعلومات، لكن القاضي اعتبر القضية مهمة بما فيه الكفاية وتتطلب موارد إضافية لتحقيق المطلوب .

وقد وصف أحد محامي المجتمع المفتوح هذا الحكم، والإلحاح الشديد الذي يتم اتباعه لتنفيذه، بأنه توضيح صريح ومهم للإدارة الأمريكية لنشر وإصدار جميع الوثائق الضرورية بخصوص هذه القضية التي تشغل العالم والتي يجب أن تتم بموجب قانون حرية الحصول على المعلومات الأمريكي للصحفيين .

وتم إصدار المجموعة الأولى من هذه الوثائق في الأسبوع الأول من أغسطس ، والتي كانت تحتوي على وثائق من وكالة الاستخبارات المركزية و وزارة الدفاع ووزارة الخارجية ومدير المخابرات الوطنية و وكالة الأمن القومي الأمريكي .

وتحتوي العديد من الوثائق الصادرة على رسائل بريد إلكتروني تستجيب لاستفسارات وسائل الإعلام مع ظهور تفاصيل جديدة عن جريمة الاغتيال، وكانت هناك إشارة كبيرة إلى نقاط الحوار في البيت الأبيض من خلال الموجز الذي قدمته السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض سارة هاكابي ساندرز .

وكانت نقاط الحديث ذات الأهمية الخاصة هي العلاقة والسياسة الدفاعية القوية نحو المملكة العربية السعودية من قبل ادارة ترامب، وأهمية هذه العلاقة في مكافحة الإرهاب وضمان الأمن الإقليمي، على الرغم من أن دعم المملكة وصف بأنه مشروط .

ومن المثير للاهتمام أن نرى كيف ستتغير الردود على الاستفسارات بعد صدور تقرير الأمم المتحدة الشامل والذي سيشمل كافة الوثائق التي ستصدر قريباً، والذي أطلق عليه "مقتل خاشقجي" : الإعدام خارج نطاق القضاء" ، والذي تتحمل دولة المملكة العربية السعودية المسؤولية الكاملة عنه" ، في يونيو.

وبناءً على ما تم إصداره حتى الآن، يمكننا استخلاص ثلاثة استنتاجات عامة، وهي :

أولاً : الأمر الأكثر وضوحاً من مئات الوثائق التي تم إصدارها هو الصعوبة التي تعين على مجتمع المخابرات من خلالها تنسيق الرسائل مع البيت الأبيض، خاصة مع ظهور مزيد من التفاصيل حول مقتل الصحفي جمال خاشقجي .

ثانياً: اغتيال جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول يبدو كعمل غير مسبوق من عنف الدولة السعودية، فمن الصعب معرفة الخطوط الحمراء التي لا تزال موجودة للحكومة السعودية في تعاملها مع منتقديها.

حيث أن أبرز مقال نشرته مجلة "فانيتي فير" كان عبارة عن قصص أخرى عن المنشقين والمنتقدين للسعودية, و الذين تم تعقبهم في الخارج، مما يدل على أن الذين فروا من المملكة لا يزالون تحت سيطرتها ومراقبتها الكاملة، علاوةً على ذلك  تحتوي بعض الوثائق على استفسارات إعلامية حول ما إذا كانت المملكة العربية السعودية مسؤولة عن مقتل الناشط الإيراني أحمد مولا نيسي في هولندا في نوفمبر 2017م .

وتحتوي الوثائق أيضاً على شائعات بأن محمد بن سلمان قال إنه سيُطلق النار على جمال إذا لم يشغل وظيفة عرضته عليه قناة الأخبار السعودية "العربية"، في الوقت الذي يزعم فيه العالم بأن مقتل الصحفي في قنصلية بلاده كانت بناءً على أوامر من ولي العهد، فمن الصعب معرفة القصص الغريبة التي يصعب تصديقها في كثير من الأحيان .

ثالثاً: من المرجح أن تظل العلاقات الأمريكية-السعودية قيد التدقيق وتحت مجاهر التحقيق، مما يدل على مدى استخفاف الحكومة السعودية بأهمية وتأثير مقتل الصحفي جمال خاشقجي على علاقتها مع الولايات المتحدة وادارة ترامب.

وبقدر ما حاول ترامب التقليل من شأن قضية الاغتيال، وحتى رفض طلب الأمم المتحدة بإجراء تحقيق عبر مكتب التحقيقات الفيدرالي في مقتل خاشقجي، يبدو أنه من المحتمل أن أجزاء أخرى من الحكومة ستحاسبه قانونياً على ما يفعله للتستر على الجهة المنفذة للجريمة الشنيعة .

في الواقع صوت مجلس النواب في يوليو على قرار لمنع مبيعات الأسلحة الأمريكية للمملكة العربية السعودية ، وهي خطوة تجاوزها مجلس الشيوخ في نهاية المطاف، ولكنها تمثل المدى الذي تبقى فيه العلاقة السعودية على جدول أعمال و أجندات البيت الأبيض الأمريكي.

علاوةٌ على مواقف المرشحين تجاه المملكة العربية السعودية وسيلة للحكم على سياستهم الخارجية، والتي تؤثر بشكل كبير على فرصتهم في النجاح بالانتخابات الأمريكية الرئاسية القادمة.

ومن المرجح أن يكشف النشر التدريجي للوثائق المتعلقة بقضية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي عن مزيد من المعلومات حول كيفية إدارة العلاقة الأمريكية السعودية خارج البيت الأبيض حالياً وفي المستقبل.

والجدير بالذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد تسعة أشهر من مقتل خاشقجي، وفي نفس الشهر الذي صدر فيه تقرير الأمم المتحدة بخصوص القضية، وصف محمد بن سلمان بأنه صديق مقرب له، مشيداً به لأنه قام بعمل رائع حسب وصفه، مما يدل على أن الرأي العام العالمي قد لا يكون ذو تأثير حقيقي ومؤثر على العلاقات الأمريكية-السعودية وعلى سياسات الإدارة الأمريكية تجاه المملكة العربية السعودية.