علوم

ماهي العلاقة بين العلاج بالليثيوم ومشاكل الكلى؟

9 أيلول 2019 13:40

يعد الليثيوم أحد أكثر العلاجات فعالية للاضطراب الثنائي القطب، ولا يساعد فقط في منع الانتكاس، ولكنه أيضاً يقلل من خطر الانتحار بين أولئك المرضى، لكن الأطباء يقلقون في المقام الأول حول نوعين من مشاكل ال

يعد الليثيوم أحد أكثر العلاجات فعالية للاضطراب الثنائي القطب، ولا يساعد فقط في منع الانتكاس، ولكنه أيضاً يقلل من خطر الانتحار بين أولئك المرضى، لكن الأطباء يقلقون في المقام الأول حول نوعين من مشاكل الكلى لدى المرضى الذين يتناولون الليثيوم للاضطراب الثنائي القطب.

• العطش والتبول الزائد

أكثر مشاكل الكلى التي يسببها الليثيوم شيوعاً هي ضعف القدرة على تركيز البول، والذي قد يصيب ما يصل إلى 60٪ من الأشخاص المصابين باضطراب ثنائي القطب خلال الأسابيع أو الأشهر الأولى من تناول الليثيوم، وتستمر المشكلة لدى حوالي 20 ٪ إلى 25 ٪.

الأعراض الرئيسية مثل العطش المفرط (polydipsia) والتبول (polyuria)، يتم تجاهلها غالباً باعتبارها آثاراً جانبية بسيطة لا مفر منها لعلاج الليثيوم، لكن هذه الأعراض دليل على أن الكليتين لا تستجيبان لهرمون مضادات البول الذي يشير عادة إلى تركيز الكلى على تنظيم البول بجانب المثانة، وهي حالة مرضية تسمى بمرض السكري الكبدي الكاذب.

وينتج الأشخاص الأصحاء حوالي 1 إلى 2 لتر من البول يومياً، وأي زيادة عن ثلاثة لترات من البول الناتج في اليوم يعتبر تبولاً زائداً "البوليوريا"، وفي المرضى الذين يعانون من مرض السكري الكبدي الكاذب، قد يصل إنتاج البول إلى 15 لتراً يومياً، وإذا لم يتناسب تناول السوائل مع المخرجات، فقد يصاب الأشخاص بالجفاف لدرجة أنهم يصابون بأعراض عصبية مثل التعب والصداع والخمول، علاوةً على ذلك، يمكن أن يؤدي الجفاف أيضاً إلى إرتفاع مستويات الليثيوم السامة، والتي بدورها يمكن أن تلحق الضرر بالكلى والأعضاء الأخرى، وهذا أحد الأسباب التي تجعل الأطباء ينصحون المرضى الذين يتناولون الليثيوم بتناول كميات كافية ومتناسبة مع تناولهم للسوائل.

العلاجات الأولية: إذا شعر المريض بالعطش الشديد أو التبول بشكل متكرر أثناء تناول الليثيوم، فإن الخطوة الأولى هي التحول إلى جرعة مرة واحدة يومياً من الدواء الذي يتم تناوله قبل النوم، حتى يتباطأ إنتاج البول بشكل طبيعي، وإذا لم ينجح ذلك، يمكن للمرضى زيادة تناول السوائل لتجنب الجفاف، مع تناول جرعة أقل من الليثيوم.

ويمكن للمرضى أيضاً تجربة التحول من الليثيوم إلى دواء آخر أكثر استقراراً للحالة المزاجية للكلى مثل حمض "فالبرويك ديباكوت" أو "كاربامازيبين تيجريتول"، وباستثناء حالات تسمم الليثيوم أو الفشل الكلوي الحاد، من المهم تقليل جرعة الليثيوم ببطء بدلاً من إيقافها فجأة، لتقليل خطر الانتكاس والانتحار.

ويمكنك أخذ مدر للبول، إذا كانت فوائد الليثيوم للاضطراب الثنائي القطب واضحة إلى درجة أنه من المرغوب فيه إدارة مشكلة تركيز البول المستمرة، يمكن للمرضى تناول مدر للبول بالإضافة إلى الليثيوم، وعلى الرغم من أن مدرات البول تزيد عادة من كمية البول، إلا أن بعض مدرات البول يمكن أن تؤثر على كيفية تعامل الكليتين مع الليثيوم بطريقة تقلل فعلياً من إنتاج البول لدى الأشخاص المصابين بداء السكري الكبدي الكاذب.

يعتبر عقار "ثيازيد":

هيدروكلوروثيازيد" أحد مدرات البول الناجحة، وإذا تم وصفه للمرضى، يتم تقليل جرعة الليثيوم إلى النصف عادةً، لأن مدرات البول الثيازيدية تزيد من مستويات الليثيوم في الدم وقد تسبب التسمم، ومن المهم أيضاً مراقبة عدم توازن الشوارد، كالأملاح التي تنتقل في مجرى الدم، وعلى وجه الخصوص، يبحث الأطباء عن مستويات البوتاسيوم المنخفضة حيث قد يكون من الضروري إضافة البوتاسيوم في هذه الحالة.

لهذا السبب، فإن الخيار الأول هو عادةً تعاطي عقار الأميلورايد "ميدامور"، وهو مدر للبول يحتوي على البوتاسيوم، وقد يساعد المرضى على تجنب الحاجة إلى إضافة البوتاسيوم، وهناك ميزةٌ أخرى لهذا الدواء وهو أنه لا يؤثر على مستويات الليثيوم، مما يقلل من خطر التسمم.

• دور مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية:

 الأدوية المضادة للالتهابات غير الستيرويدية (NSAIDs) يمكن أن تقلل من التبول الزائد، ولكن كما هو الحال مع بعض مدرات البول، يمكن لهذه الفئة من الأدوية أيضاً تعزيز الليثيوم في الدم، إلى مستويات سامة في بعض الأحيان، فمضادات الالتهاب غير الستيروئيدية التي كثيراً ما تستخدم في حالة الاصابة بمرض السكري الكبدي هي "اندوميثاسين"، حيث يمنع "البروستاجلاندين" والمركبات التي تشارك في تنظيم تدفق البول بالإضافة إلى العديد من الوظائف الأخرى لها، ونظراً لخطر التسمم بالليثيوم، فإن استخدام مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية للسيطرة على مرض السكري الكبدي الناجم عن الليثيوم هو أمر مفيد فقط عندما يكون الليثيوم مفيداً بشكل فريد لإدارة الأعراض النفسية للمريض.

• انخفاض وظائف الكلى:

تحتوي كل كلية على مليون نيفرون، وهي وحدات معالجة صغيرة تعمل على تصفية النفايات وإنتاج البول، وتحتوي النيفرون على بنية معقدة، وفي نسبة صغيرة من المرضى، يتسبب الليثيوم في إتلاف ما يكفي من النيفرون لتقليل وظيفته تدريجياً، مما يتسبب نادراً بحدوث الفشل الكلوي.

 ويتم تشخيص الفشل الكلوي بمزيج من اختبارات الدم و البول، والمقياس القياسي لوظائف الكلى الكلية هو معدل الترشيح الكبيبي (GFR).

واستشهدت إحدى الدراسات بتحليل تقارير عن وظائف الكلى لدى 1117 مريضاً الذين يتعاطون الليثيوم، والذين شاركوا في الدراسات التي نشرت في الفترة من 1979م إلى 1986م، حيث وجدت أن (GFR) كانت في المعدل الطبيعي لدى 85 ٪ من المرضى، في حين انخفضت فقط لدى 15 ٪ منهم، ولكن لاحظ باحثون آخرون أن بعض المرضى الذين يتعاطون الليثيوم يعانون من انخفاض تدريجي بطيء في معدلات (GFR)، أو تلف في خلايا الكلى الخفية التي قد تفلت من الكشف السريري لسنوات.

العلاج بالليثيوم للاضطراب الثنائي القطب ليس هو السبب الوحيد لضعف وظائف الكلى، حيث تنخفض وظائف الكلى تدريجياً مع تقدم العمر، حتى عند الأشخاص الأصحاء، واثنين من الحالات المزمنة الشائعة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري، يمكن أن تزيد من إضعاف وظائف الكلى عن طريق إتلاف الأوعية الدموية المغذية لها.

العلامة الأولى لتدهور الكلى هي اكتشاف كميات صغيرة من البروتين الزلالي في البول، ومع تفاقم تدهور الكلى، توجد كميات كبيرة من الألبومين والبروتينات الأخرى في البول، وفي المرحلة التالية يصبح الشخص مصاباً بمرض الكلى المزمن، أو انخفاض وظيفي تدريجياً في الكلى، والأشخاص الأكثر عرضة للخطر هم المرضى الذين يتناولون الليثيوم باستمرار لمدة 20 عاماً على الأقل.

والجدير بالذكر أن مرض الكلى المزمن غير المعالج يمكن أن يؤدي في النهاية إلى الفشل الكلوي ثم الوفاة.

ويجب تقييم وظائف الكلى لدى المرضى قبل تناولهم لعقاقير الليثيوم، ومراقبتهم بانتظام.

وتوصي جمعية الطب النفسي الأمريكية باختبار وظائف الكلى كل شهرين إلى ثلاثة أشهر خلال الأشهر الستة الأولى من علاج الليثيوم، ثم متابعة اختبارات وظائف الكلى على الأقل سنوياً أو بشكل نصف سنوي بعد ذلك، ما لم تتم الإشارة إلى الحاجة لإجراء المزيد من الاختبارات الطبية، ويمكن القيام بذلك عن طريق اختبارات الدم البسيطة التي يتم إجراؤها في نفس الوقت الذي يتم فيه التحقق من مستوى الليثيوم في الدم.

وإذا أصبحت وظائف الكلى معتدلة ، تم تحديدها على أن معدلات) تتراوح من 45-59 مل / دقيقة / 1.73 م 2)، أو يبدو أنها تتراجع بثبات، فقد يكون من الحكمة للمرضى رؤية أخصائي أمراض الكلى على كل حال للاطمئنان على صحتهم كل فترة، وفي بعض الأحيان يمكن أن تساعد التغييرات في النظام الغذائي في تخفيف عبء العمل على الكلى، و لكن قد تكون هناك حاجة إلى خطوات أخرى، بما في ذلك إيقاف علاج الليثيوم والتحول إلى دواء آخر، ومن المهم أيضاً الحفاظ على ضغط الدم تحت السيطرة واتخاذ خطوات أخرى للحفاظ على صحة القلب، لأن ارتفاع ضغط الدم يرتبط بتدهور وظائف الكلى والعكس صحيح.