أخبار

تحليل إخباري: هل يجرؤ ترامب على ضرب سورية؟/ د. فايز رشيد

بالتأكيد, فإن أصحاب الرؤوس الحامية في واشنطن وتل أبيب لا يرعوون عن اتخاذ خطوات مجنونة دون حسابات السياسة ولا المنطق. إدارة ترامب كلّها من الصقور الصهيونيين ,وبالتالي ليس مستبعداً أن يقوموا بضربة/ضربات

بالتأكيد, فإن أصحاب الرؤوس الحامية في واشنطن وتل أبيب لا يرعوون عن اتخاذ خطوات مجنونة دون حسابات السياسة ولا المنطق. إدارة ترامب كلّها من الصقور الصهيونيين ,وبالتالي ليس مستبعداً أن يقوموا بضربة/ضربات عسكرية إلى قواعد ومدن ,إضافة إلى بعض البنى التحتية السورية التي ما زالت قائمة. غير أن هذا الهوَس والتهييج الإعلامي الأمريكي – الغربي – الصهيوني    يشي بأن الهجمة هذه المرّة لن تكون على غرار القصف الذي مارسته الولايات المتحدة لقاعدة الشعيرات عام 2017, ولا على شاكلة الصواريخ التي وجهت إسرائيليا إلى مطار T4 من خلال المرور من الأراضي اللبنانية. غير أن حسابات الحقل لا تتطابق وحسابات البيدر! بالتالي دعونا نستعرض تأثيرات الهجوم الواسع على سوريا , التي يتواجد فيها ثلاث قوى رئيسية: روسيا, إيران, حزب الله. قد يتخذ المهووس ترامب قرارا مجنونا في لحظة غياب عقل من تلك التي تصيبه معظم  الوقت ,غير أنه لن يكون قادراً على توقع ردود فعل القوى في الطرف الآخر من المعادلة.

روسيّاًّ, فإن العلاقات الروسية – الأمريكية , كما مع الدول الغربية , وبخاصة بريطانيا وفرنسا( وقد شهد العالم هذا التحشيد البريطاني ,في  المعركة ضد روسيا  في استغلال واضح لقضية العميل المزدوج سكريبال, وتفاعل الولايات المتحدة إيجابا مع حليفتها) . تمرّالعلاقات  بين الطرفين في أسوأ حالاتها, وقد بدا ذلك في المناكفات الروسية مع أمريكا وبريطانيا وفرنسا في مجلس الأمن,  بلشكل, يمكن القول معه ,أن هذه العلاقات وصلت إلى درجتها الحرجة, وهو ما ينبىء بأن الرّد الروسي على الاعتداءات الأمريكية الواسعة على سوريا ,سيكون حازماً وحاسماً, فــ(قلوب) بوتين والمسؤولين السياسيين  وكبار العسكريين  الروس وصل إلى درجة الامتلاء من من هذه السلسلة من الإساءات  ( وبخاصة بعد الانتخابات الرئاسية , والتجديد لبوتين) إلى القطب العالمي الآخر. بالتالي, لم يكن إعلان الرئيس الروسي عفويا, عن تطوير الأسلحة الروسية وتحديدا في المجال الصاروخي, كما تأكيد   المسؤولين الروس: بوتين ,لافروف, ورئيس الأركان غيراسيموف وغيرهم ,من  أن روسيا ستتصدى لأي هجوم عسكري أمريكي على سوريا, وأن موسكو ستضرب  هذه المرّة المنصات التي تنطلق منها الصواريخ, إضافة إلى تدميرها في الجو. من الخطأ عدم أخذ هذه التهديدات بما تقتضيه من جدية, ولذلك نصح كارتر, ترامب بعدم الدخول في مواجهة   مع روسيا, كما العديدين من أعضاء الكونغرس من جمهوريين وديموقراطيين(بالرغم من حرص ترامب على أخذ موافقة الكونغرس على الحل العسكري في سوريا). استقالة وزير الأمن القومي الأمريكي   كانت بمثابة احتجاج على خيار ترامب العسكري., إضافة إلى أن صورة ترامب في الذهنية الأمريكية مرتبطة  بالتخبط, ورئيس على هذه الشاكلة لن يأخذ بالطبع الخيارات السليمة والصحيحة.

إيرانياً, من الواضح أن ترامب,لن يقوم بتجديد توقيع الاتفاق النووي الإيراني في أيار القادم. تدرك إيران ذلك جيدا,  كما أن الرئيس الأمريكي ربما يشن هجوما عليها, بالتالي فإن أي احتكاك بين الطرفين في سوريا, التي تقف إيران وتحارب إلى جانبها, سيؤدي إلى انفلات الضوابط الإيرانية في حصر الحرب ضمن إطار محدود, فاحتمال توجيه ضربات إيرانية إلى إسرائيل أكثر من وارد, تماما كما إغلاق مضيق هرمز وتوجيه ضربات عسكرية إلى القواعد الأمريكية في المنطقة, وهذا ما سوف يفاقم العمل العسكري الأمريكي(الذي قد تعتبره واشنطن محدوداً) إلى حرب واسعة ,إذ من الاستحالة بمكان على أمريكا ضبط مسار الأحداث  والتحكم في إيقافها.

حزب الله, يدرك الحزب أن ما يمنع إسرائيل من شنّ هجوم  جديد على لبنان , هو القدرات التسليحية  المتطورة  للمقاومة اللبنانية, الهجوم الأمريكي على سوريا, حكماً سيتم بالتنسيق مع إسرائيل, وستكون خاصرتها والحالة هذه مفتوحة أمام انطلاق كم هائل من صواريخ المقاومة إليها,فلا يمكن الفصل بين ما سيجري في سوريا وجبهة الحدود اللبنانية مع الكيان الصهيوني, ربما هذا ما يعرفه أيضا القادة العسكريون الأمريكيون, ومهما اعتمدوا ويعتمدون على مبدأ القوة ,فإنهم لن يكونوا قادرين(لا هم ولا إسرائيل) على لجم  المقاومة في محاولة  توسيع إطار المعركة ,انطلاقاً من مبدأ الردّ, وفي محاولة للتخفيف عن سوريا  أيضاً.

سوريا, لقد مرّت سبع سنوات على الصراع في سوريا, وبقي الجيش العربي السوري متماسكا ,قويا وقادرا على المواجهة , تخطىء أمريكا إن لم تأخذ قدراته القتالية بعين الاعتبار, عدا عن الحرص الروسي على تزويده بأسلحة يكون بواسطتها قادرعلى الرّد والتصدي للهجمة الأمريكية, من خلال الخاصرة الإسرائيلية…. لكل ذلك ,فإن ترامب وصقوره سيفكرون كثيرا قبل اقتراف حماقة  هجوم  واسع على سوريا! والأيام ستقول.

نقلاً عن الأردن العربي