أخبار

السعودية تتصدر دول الشرق الأوسط في الاقتراض.. لماذا؟

28 شباط 2019 09:02

  على الرغم من كون المملكة السعودية الدولة الأغنى في المنطقة، وصاحبة ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم، إلا أنها تتصدر قائمة تصنيف وكالات عالمية باعتبارها الدولة الأكثر اقتراضًا في منطقة الشرق الأوس

 

على الرغم من كون المملكة السعودية الدولة الأغنى في المنطقة، وصاحبة ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم، إلا أنها تتصدر قائمة تصنيف وكالات عالمية باعتبارها الدولة الأكثر اقتراضًا في منطقة الشرق الأوسط، واقتربت من فقدان نحو ثلثي احتياطيها.

 

وكالة ستاندرد آند بورز" العالمية للتصنيف الائتماني تثبت هذه الحقيقة وتقول إن السعودية ستكون أكبر مقترض في العام الحالي بما قيمته 29 مليار دولار، أو ما يعادل 22% من إجمالي الاقتراض التجاري الطويل الأجل في المنطقة كلها.

 

وتوقعت الوكالة- بحسب رويترز- ارتفاع الاقتراض بمنطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا في الربع الأول خلال العام الحالي، وتتصدر السعودية وتتلوها مصر الدول الأكثر اقتراضًا على التوالي.

 

الزيادة التي توقعتها الوكالة تصل نسبتها إلى 25%، أي ما يعادل 27 مليار دولار، في الاقتراض الطويل الأجل للحكومات الـ 13 المصنفة لديها بالمنطقة، من المصادر التجارية المحلية والدولية، ليصل إلى نحو 136 مليار دولار في 2019، مقارنة مع 109 مليارات في 2018.

 

كما توقعت توجيه نحو 44% من إجمالي اقتراض حكومات المنطقة إلى إعادة تمويل ديون طويلة الأجل، والذي سينتج عنه، وفقًا للوكالة، صافي متطلبات اقتراض قدره 76 مليار دولار.

 

في أوائل فبراير/ شباط الجاري، قال مدير مكتب إدارة الدين التابع لوزارة المالية السعودية، فهد السيف، إن حجم الاقتراض في المملكة خلال 2019، سيبلغ بحد أعلى 118 مليار ريال (31.46 مليار دولار).

 

وسيخصص مكتب إدارة الدين، وفقًا لتصريح السيف الذي نقلته صحيفة "المال"، ملياري ريال (533 مليون دولار) لتسديد خدمة الدين، لتمويل عجز الموازنة المقدر بـ 131 مليار ريال (35 مليار دولار).

 

وسيتم تمويل بقية العجز في موازنة 2019 والبالغ 13 مليار ريال (3.46 مليارات دولار) من الاحتياطي العام للمملكة.

 

وكانت السعودية أعلنت في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ميزانيتها التي وصفتها بأنها الأضخم في تاريخها، بإنفاق 295 مليار دولار، مقابل إيرادات بـ 260 مليار دولار، وعجز قيمته 35 مليار دولار.

 

وقالت وزارة المالية في بيان إن العجز المتوقع والبالغ 35 مليار دولار سيتم تمويله عبر "السحب من حساب الاحتياطي العام للدولة لتحويله إلى حساب جاري وزارة المالية"، وعبر الاقتراض.

 

وأشارت إلى أن العجز في سنة 2018، قبل نحو أسبوعين من نهايتها، بلغ 136 مليار ريال (36 مليار دولار)، في انخفاض عن العجز الذي توقعته لهذه السنة المالية والذي كان مقدراً بنحو 195 مليار ريال (52 مليار دولار)، وفي 2017، بلغ العجز في الميزانية العامة 63 مليار دولار.

 

وتشهد الميزانيات العامة للسعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم، عجزاً منذ 2014 خلال أزمة انهيار أسعار النفط.

 

وسجلت السعودية عجزاً في السنوات الست الماضية، مع تراجع أسعار النفط عن مستوياتها في منتصف 2014، ما اضطرها لتكثيف الاستدانة محليًا وخارجيًا.

 

وبدأ العجز بشكل طفيف في عام 2014، ثم ارتفع في عام 2015 إلى 367 مليار ريال (97.8 مليار دولار) وهو العجز الذي تزامن مع تهاوي أسعار النفط، ثم بلغ العجز في 2016 نحو297 مليار ريال (79.2 مليار دولار)، ونحو 229.8 مليار ريال (61.3 مليار دولار) في 2017.

 

وبحسب تقديرات موازنة 2019، من المرتقب أن يتراجع العجز إلى 131 مليار ريال (35 مليار دولار)، مقارنة بالعام الماضي، إلا أن محللين يتوقعون زيادة العجز المالي للعام المقبل عن هذا الرقم في ظل تهاوي أسعار النفط وعدم تحسنه رغم إعلان منظمة أوبك ومنتجين من خارجها عن خفض في الإنتاج النفطي بمقدار 1.3 مليون برميل يوميا في 2019.

 

كما توقعت وزارة المالية السعودية، في بيانها التمهيدي لميزانية 2019 الذي أصدرته نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، استمرار الدين العام في الارتفاع خلال الأعوام الثلاثة المقبلة وصولاً إلى 848 مليار ريال (226.13 مليار دولار) بحلول 2021.

 

وتعاني السعودية في الوقت الراهن من تراجع حاد في إيراداتها المالية، الناتجة عن تراجع أسعار النفط الخام عما كان عليه عام 2014. وطرقت السعودية بالفعل أسواق الدين العالمية هذا العام، لتجمع 7.5 مليارات دولار عبر سندات تقليدية.

 

كما أعلن صندوق الاستثمارات السعودي، في 17 سبتمبر/ أيلول الماضي عن إنهاء إجراءات حصوله على قرض بـ11 مليار دولار بالتعاون مع مجموعة من أكبر البنوك العالمية، وذلك لأول مرة في تاريخه.

 

وانخفض الاحتياطي العام للمملكة السعودية من 157 مليار دولار (589.2 مليار ريال) تم تسجيلها في عام 2017، إلى 130.4 مليار دولار (489.5 مليار ريال) في عام 2018، ليخسر حوالي 26.6 مليار دولار خلال عام واحد، وفق بيانات مؤسسة النقد السعودية (البنك المركزي).

 

وحسب مؤسسة النقد، فقد انخفض الاحتياطي العام للسعودية خلال شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي بنحو 71.9 مليار ريال مقارنة بشهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، ليصل إلى 489.5 ملي

 

ار ريال، وبذلك يبلغ ما تم سحبه من الاحتياطي العام خلال عام 2018 نحو 99.65 مليار ريال.

 

كما اقتربت السعودية من فقدان نحو ثلثي احتياطيها في السنوات الأربع الماضية، بعد أن بلغت نسبة الخسارة 63% نهاية العام الماضي أو 223 مليار دولار، بالنظر إلى قيمة الاحتياطي المسجلة في نهاية 2014 والبالغة 1.32 تريليون ريال (353.4 مليار دولار).

 

وحساب الاحتياطي العام للدولة، يحوّل إليه ما يتحقق من فائض في إيرادات الميزانية، ولا يجوز السحب منه إلا بمرسوم ملكي في حالات الضرورة القصوى. 

 

لكن التراجع الحاد في إيرادات الدولة بعد تهاوي أسعار النفط تسبب في تآكل الاحتياطي، فضلاً عن تضرر الاقتصاد من الصراعات السياسية التي خاضتها المملكة في المنطقة، خاصة حصار قطر بالتحالف مع الإمارات والبحرين ومصر، وكذلك ارتفاع كلفة الحرب المستمرة التي تقودها الرياض في اليمن والتي اقتربت من دخولها العام الخامس.

 

إضافة إلى المشاكل الاقتصادية العديدة التي تعاني منها السعودية خلال السنوات الماضية، تضاعفت الأزمة عقب جريمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي مطلع شهر أكتوبر الماضي، حيث أدت تداعيات القضية إلى فشل مؤتمر دافوس الصحراء بالرياض والذي كانت تضع عليه المملكة آمالاً كبيرة لإنعاش اقتصادها، فيما بدأت بوادر الفشل بشأن خطة 2030 التي أعلن عنها ولي العهد محمد بن سلمان.

 

وعقب إعلان السعودية موازنتها الجديدة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، سخر معارضون سعوديون على نحو ما قاله المعارض عبدالله الغامدي، في تغريدة له على تويتر: كل سنة يزعجوننا بميزانية الخير والبركة ويرمون علينا الأرقام في دولة لا تتمتع بالشفافية ولا بالحرية فكيف نعرف صحتها من عدمها؟ المهم في الموضوع أن نسبة الفقر والبطالة وأزمة السكن وغلاء المعيشة، تزداد في كل سنة عن التي قبلها وحياة الشعب تسوء أكثر وأكثر.