علوم

تعرّف على مخاطر التناول العشوائي للمكملات الغذائية

30 نيسان 2019 12:48

حذرت تقارير إعلامية من التناول العشوائي للمكملات الغذائية وبدون توصية طبية، بسبب مخاطرها واستنادا لشهادة بعض ممن تضرروا من آثارها الجانبية. ونشر موقع هيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي) قصة رجل في م

حذرت تقارير إعلامية من التناول العشوائي للمكملات الغذائية وبدون توصية طبية، بسبب مخاطرها واستنادا لشهادة بعض ممن تضرروا من آثارها الجانبية.
ونشر موقع هيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي) قصة رجل في منتصف العمر يدعى «جيم ماكنتس» واعتياده تناول أقراص الشاي الأخضر بغرض دعم صحته، ولكن التجربة انتهت به في حاجة عاجلة لاستزراع كبد.
وأشار التقرير إلى أن مكانتس يسترجع اليوم ذكريات حفل تخرج ابنه الأصغر من المرحلة الثانوية، والذي كان يفترض أن يكون أكثر أيام حياته سعادة، بمشاعر متضاربة، فقد كان يجلس في هذا اليوم إلى جوار زوجته بمسرح الجامعة خارج مدينة دالاس بولاية تكساس الأميركية، ثم التفتت الزوجة لتسأله بقلق: «هل أنت بخير؟».
ويتذكر مكانتس أنه أجابها: «نعم، أنا بخير، لماذا؟»، فقالت له: «وجهك أصفر، وعيناك صفراوان، تبدو في حالة مروعة»، ويعقب مكانتس: «عندما نظرت إلى صورتي في المرآة، كانت صادمة». ويكمن جانب من الصدمة في أن مكانتس، الذي كان حينها في الخمسين من عمره، كان يعمل على تحسين نمط حياته وفقدان بعض الوزن، فكان يلتزم بالأكل الصحي، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
ولكن بعد وقت قصير من تخرج ابنه، تم إيداع مكانتس المستشفى باشتباه في إصابة الكبد. وفي محاولة لتحديد السبب في الإصابة، استبعد الفريق المعالج أن يكون السبب هو تناول الكحول، كما تم استبعاد مسؤولية أي عقاقير تستخدم وفقا لوصفة طبية، فهو لم يكن يتعاطى أيا منها في هذا الوقت، كما أن التدخين لم يكن من عاداته على الإطلاق. يقول مكانتس: «ثم سألني الطبيب المعالج للكبد، ماذا عن أي مكملات دوائية يتم تعاطيها بدون أي وصفة طبية؟».
وذكره ذلك بأنه بدأ عادة جديدة ضمن نظامه للحفاظ على حالته الصحية مع بدايته مرحلة منتصف العمر، حيث واظب على تعاطي أقراص الشاي الأخضر، بعد أن سمع بما لها من فوائد بالنسبة للقلب.
وزادت شعبية هذه الأقراص في السنوات الأخيرة، وأصبحت تباع بدون أي مشقة عبر المواقع الإلكترونية بسبب ما راج حول فوائدها كمضادة للأكسدة، وقدرتها على إنقاص الوزن والحيلولة دون الإصابة السرطان.
ويشرح مكانتس، الذي يعيش في «بروسبر» شمال ولاية دالاس، حاله في هذه الأيام: «كنت أشعر بأنني على ما يرام»، موضحا «كنت مواظبا على رياضة الجري لمدة تتراوح بين 30 و60 دقيقة، على مدار خمسة أو ستة أيام أسبوعيا».
كان يعمل مكانتس مديرا ماليا ولكنه كان يأمل في تلقي التدريب المناسب ليصبح مساعد طبيب.
كان مكانتس قد بدأ في تناول مكملات الشاي الأخضر قبل ما بين شهرين وثلاثة أشهر من تدهور حالة كبده. ووفقا لسجلاته الطبية، فغالبا ما تكون هذه المكملات هي السبب الرئيسي فيما أصابه. ويعلق مكانتس قائلا: «أمر صادم، فأنا سمعت فقط عن الفوائد، ولم أسمع عن أي مشاكل متعلقة به».
بعد إيداعه المستشفى، بدأ مكانتس مرحلة انتظار لنتائج تحاليل الدم الخاصة به، لبيان مدى خطورة إصابة كبده. ولاحقا، وبعد ثلاثة أسابيع من ملاحظة زوجته أنه ليس على ما يرام، أحد أطبائه المتابعين أبلغه بالخبر الذي كان يخشاه. ويتذكر مكانتس: «قال أنت في حاجة إلى استزراع كبد، ويجب أن يتم ذلك سريعا، فأمامك أيام وليس حتى أسابيع». نزل الخبر عليه كالصاعقة.
ويشرح «كان ذلك أمرا كئيبا بالنسبة لي، لكنه أوضح لي ما هو المهم فعليا في الحياة. ففي حينها لم أكن أفكر في مشاريع العمل. ولكن كنت أفكر في العديد من الأشخاص ذوي الأهمية بالنسبة لي، ولأسباب مختلفة».
ولكن السؤال المطروح حاليا، ماذا يكمن في مكملات الشاي الأخضر، والذي قد يسبب الضرر إذا ما تم تناوله بمقدار معين بالنسبة لبعض الأشخاص؟ في الحقيقة أن العلماء لم يكتشفوا إجابة محددة لهذا السؤال، خاصة أن مشروب الشاي الأخضر تم تناوله لآلاف السنوات. كما أن المكملات التي تحتوي كميات مركزة من الشاي الأخضر تم إقرارها من جانب السلطات المعنية في الولايات المتحدة وأوروبا ولا تعتبر عقاقير طبية. وذلك يعني أن إجازته لم تتطلب إخضاع مكملات الشاي لاختبارات السلامة اللازمة، وبذلك فإن الصورة المتوفرة حول آثار مكملات الشاي الأخضر على صحتنا ليست كاملة.
ويقول هيربرت بونكوفسكي، مدير قسم الكبد بكلية الصيدلة في جامعة «ويك فورست»، الواقعة في نورث كارولينا، «إذا كنت تتناول كميات معتدلة من الشاي الأخضر، فأنت في أمان تماما»، موضحا أن «المخاطرة الأكبر تكمن في تناول الأشخاص للمستخلصات المركزة منه». وكان بونكوفسكي قد تعقب طوال عشرين عاما إصابات الكبد المرتبطة بتناول مكملات الشاي الأخضر.
وتتركز الشكوك حول المكون المحتمل أن يكون له أثر تسميم والمعروف بالاسم العلمي Epigallocatechin - 3 - Gallate أو EGCG. ويدخل هذا المكون بوفرة ضمن تشكيلة مضادات الأكسدة في تركيبة الشاي الأخضر، والمعروفة بالاسم كاتشينز أو Catechins. ويرجح أن هناك عوامل مختلفة تجعل الشخص أسرع تأثرا بمضار الـEGCG، ومنها العوامل الجينية وكيفية استهلاك المكملات.
ويوضح بونكوفسكي «عادة ما يتم تناول هذه المكملات بغرض خسارة الوزن، وبالتالي فإن متناوليها يعزفون عن الطعام»، وأضاف أن التجارب على الحيوانات كشفت عن أن الكائنات التي تخضع للصوم يمتص أجسادها كميات أكبر من مادة الـCatechins بالمقارنة مع غيره من التي تتناول الطعام بشكل منتظم فيما تستهلك مكملات الشاي الأخضر. ويمكن أن تكون هناك عوامل إضافية، مثل العقاقير الطبية أو أي مواد كيميائية أخرى، أو استهلاك الكحول، والتي قد تكون عوامل مساعدة.
ورغم أن الملايين من البشر يتناولون مكملات الشاي الأخضر بشكل آمن، إلا أنه تم الربط بين ما لا يقل عن 80 حالة إصابة كبدية حول العالم بتناول تلك المكملات. وتتراوح هذه الحالات ما بين كسل في وظائف الكبد، إلى الإصابة باليرقان وحتى تدهور الحالة إلى ضرورة استزراع كبد جديد. وتتضمن حالات الإصابة مراهقين، بينهم مادلين بابيناو (17 عاما) من كندا والتي أصيبت بمشاكل بالكبد والكلى إثر تناولها مكملات الشاي الأخضر. وكذلك حالة سيدة تبلغ من العمر 81 عاما والتي أصيبت بالتهاب كبدي من المستوى السمي الحاد، وذلك للسبب ذاته.
وكانت دراسة حديثة أجرتها هيئة سلامة الأغذية الأوروبية بشأن مدى سلامة تناول مكملات الشاي الأخضر، قد كشفت عن أن استهلاك الـCatcheins عن طريق تجرع مشروب الشاي الأخضر يعد «آمنا إجمالا»، ولكن عند تناول مكملات الشاي، فإن بلوغ جرعات الـCatcheins لمستوى 800 مليجرام أو أكثر يوميا يشكل «خطرا صحيا» ولم تنجح هيئة سلامة الأغذية الأوروبية في تحديد الحد الآمن لتناول جرعات الـCatcheins، وأوصت بإجراء مزيد من الأبحاث للوقوف على إجابة وافية بهذا الشأن.
في اليوم التالي على اكتشاف مكانتس أنه بحاجة إلى استزراع كبد، وبشكل إعجازي، تلقى أنباء توفر كبد مناسب يمكن نقله إليه. فيقول «كنت مبتهجا، فأن أتلقى مكالمة هاتفية تؤكد وجود كبد مناسب لي منحني الأمل في أن ينتظرني شيء إيجابي على الجانب الآخر من هذا الأمر».
وبالفعل، قامت عملية استزراع الكبد بإنقاذ حياة مكانتس. ولكن لسنوات لاحقة، عانى من أزمات صحية متعددة بينها أمراض الكلى والتي قد تتطلب إخضاعه لجلسات غسيل كلوي ونقل كلى مستقبلا. ويقوم بمراجعة أطباء الكبد والكلى مرتين سنويا، ويعيش مع آلام مزمنة.