متفرقات

تشكل 5 جزر وستتجاوز حجم الأسماك.. ما لا تعرفه عن مخلفات البلاستيك

7 حزيران 2019 12:18

توسع الإنسان في استخدام البلاستيك بنهاية القرن العشرين؛ لكونه أفضل اقتصادياً من الزجاج ولا تتكسر منتجاته بسهولة، إلى جانب وزنه الخفيف، لكن أضراره لا تعد ولا تحصى على البيئة. وتأتي أضرار البلاستيك م

توسع الإنسان في استخدام البلاستيك بنهاية القرن العشرين؛ لكونه أفضل اقتصادياً من الزجاج ولا تتكسر منتجاته بسهولة، إلى جانب وزنه الخفيف، لكن أضراره لا تعد ولا تحصى على البيئة.

وتأتي أضرار البلاستيك من أنه مصنوع من اللدائن القابلة للتشكيل، ويتكون من سلاسل "البوليميرات" ومادة "الديوكسين" الكيميائية التي لا تتفاعل مع الأوكسجين أو المياه أو البكتيريا.

وعند وصول المنتجات البلاستيكية، نتيجة إلقاء القمامة في البحار والأنهار والمحيطات أو في تجمعات للقمامة بالقرب منها، تتسبب بأضرار بالغة للحيوانات البحرية التي قد تتناولها أو تختنق بها أو تُحبس بداخلها.

وتلتفّ الأكياس البلاستيكية حول الشعاب المرجانية والنباتات البحرية فتحجب عنها الشمس فتموت، وفُقد كثير من الأنواع البحرية بسبب مخلّفات المواد البلاستيكية التي تصل إليها.

خطر يهدد الحياة

وكشف تقرير أصدره "الصندوق العالمي للطبيعة" أن النفايات البلاستيكية التي يخلّفها البشر شكلت خمس "جزر بلاستيكية" محيطية تتجمع فيها داخل البحار، اثنتان منها في المحيط الهادئ، ومثلهما في المحيط الأطلسي، وواحدة في المحيط الهندي.

وبين التقرير، الذي صدر أواخر يونيو 2018، أن البحر المتوسط الذي يشكل حوضاً مائياً شبه مغلق تبلغ مساحته 1% من مجموع مساحات البحار في العالم، بات سادس منطقة بحرية توجد فيها النفايات البلاستيكية؛ إذ يتركز فيه 7% من مجموع جزيئات البلاستيك في العالم.

وكشف التقرير عن حجم المشكلة التي تعيشها البيئة على الأرض، حيث ارتفعت كميات نفايات البلاستيك داخل البحر إلى 1.25 مليون قطعة لكل كيلومتر مربع تقريباً.

وفي ديسمبر 2018، قالت ماريا فرناندا إسبينوزا، رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة: إن "هناك ما بين 8 ملايين إلى 12 مليون طن من المخلفات البلاستيكية تنتهي في المحيطات سنوياً، وهي تشكل ما نسبته 80٪ من مجموع المخلفات".

وأضافت إسبينوزا: "بحلول عام 2050، ستكون المواد البلاستيكية في البحار أكثر من السمك".

وأوضحت إسبينوزا أن جزيئات صغيرة من البلاستيك قد رُصدت في الملح والمياه، ما يعرّض كل شخص في العالم لخطر امتصاص جسمه للبلاستيك.

تامر أبو عفيف، الناشط في حزب الخضر الهولندي، يؤكد أن الآثار السلبية لمخلفات البلاستيك تهدد 344 نوعاً من الكائنات البحرية، رصدتها مراكز الأبحاث البحرية الأوروبية، إضافة إلى وجود نسبة ضحايا كبيرة سنوياً بين الكائنات البحرية.

ويقول أبو عفيف لـ"الخليج أونلاين": إن "نحو 700 نوع بحري مهدد بسبب البلاستيك؛ 17٪ منها أدرجها الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة ضمن قائمة الأنواع المهددة بالانقراض".

ويوضح أبو عفيف: إن "تأثير البلاستيك لا يقتصر على الأحياء البحرية؛ بل يتعداه إلى الإنسان، لكونه جزءاً من دورة الطبيعة.

وكانت الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية حذرت، عام 2016، من احتمالات تلوث أنسجة الأسماك بالبلاستيك، وهو ما يربط هذه الظاهرة بانتشار أنواع من أمراض السرطان، لكون عشرات ملايين البشر يعيشون على هذه الأسماك.

وفي ذات السياق عثرت دراسة نشرتها مجلة "رويال سوسيتي أوبن ساينس"، في مارس 2019، على شظايا بلاستيكية في أمعاء الحيوانات التي تعيش في أعمق خنادق المحيط، وهو خطر لم يكن متوقعاً من قبل.

ورصدت الدراسة التي أعدّها فريق من الباحثين البريطانيين حالات ابتلاع أنواع بحرية مثل الجمبري الصغير الشظايا البلاستيكية في ستة من أعمق خنادق المحيط في العالم، مثل خندق ماريانا في شرق الفلبين، الذي يعد أعمق خندق على الأرض.

واحتوت 100% من الحيوانات التي خضعت للدراسة على ألياف بلاستيكية في أحشائها.

وأجرى الباحثون في الدراسة عملية تشريح لـ65 عينة من الحيوانات البحرية احتوت أحشاء أكثر من 72% منها على قطعة بلاستيكية دقيقة واحدة على الأقل.

وحذرت الدراسة من أن سعة انتشار الملوثات البلاستيكية وبلوغها حتى إلى الأعماق القصوى للمحيطات يهددان حياة الإنسان الذي يتغذى على الأسماك التي تبتلع هذه الملوثات.

إجراءات أممية

ونتيجة لهذا الخطر والتحدي الذي تشكله مخلفات البلاستيك على الحياة وضع برنامج الأمم المتحدة للبيئة القضية ضمن القضايا البيئية الأكثر خطورة في برنامجه لعام 2019.

وأعلن البرنامج، الجمعة (10 مايو 2019)، أن نحو 180 دولة توصلت إلى اتفاق يستهدف تحقيق خفض حاد في كميات مخلفات البلاستيك التي ينتهي بها المطاف في المحيطات حول العالم.

واتفقت هذه الدول على تعديل اتفاقية "بازل" من أجل جعل التجارة العالمية في مخلفات البلاستيك أكثر شفافيةً وتنظيماً، مع ضمان أن يكون التعامل مع هذه المخلفات أكثر أماناً لصحة الإنسان وللبيئة.

واتفاقية "بازل" تتعلق بالتحكم في نقل النفايات الخطرة عبر الحدود والتخلص منها، وهي معاهدة دولية صُمّمت للحد من تحركات النفايات الخطرة بين الدول، وعلى وجه التحديد لمنع نقل النفايات الخطرة من البلدان المتقدمة إلى البلدان الأقل نمواً.

وبحسب تقرير "الصندوق العالمي للطبيعة"؛ تتخلص خمس دول من معظم المواد البلاستيكية في البحر المتوسط؛ وهي بالترتيب: تركيا 144 طناً في اليوم، وإسبانيا 126 طناً، وإيطاليا 90 طناً، ومصر 77 طناً، تليها فرنسا 66 طناً.

ومن المقرر أن تحظر فرنسا استخدام "الميكروبيدات" في صناعة الكؤوس والصحون وأدوات المائدة أحادية الاستخدام، كما حظرت استخدام الأكياس البلاستيكية في المحلات، كما وضعت خريطة طريق جديدة للاستفادة من البلاستيك المعاد تدويره بنسبة 100% بحلول عام 2025.

وفى اليونان، التي تمتلئ 80% من شواطئها بقمامة البلاستيك، يبلغ حجم الاستهلاك 0.6 مليون طن من البلاستيك سنوياً، وتعيد تدوير 20% فقط منه، وتستهدف رفع تلك النسبة إلى 65% بحلول عام 2020.

أما تركيا فتستهلك 1.24 مليون طن من البلاستيك سنوياً، يتم تدوير 40٪ من النفايات البلاستيكية، وتستهدف ترشيد استهلاك الأشخاص من الأكياس البلاستيكية لتصبح 90 كيساً للشخص الواحد بنهاية عام 2019، و40 كيساً بحلول عام 2025.

وعي بالمخاطر المحدقة

جمال عبد العزيز، الأستاذ السابق في قسم التلوث البحري في المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد المصري، يرى أن دول العالم تعيش حالةً من الوعي بالمخاطر المحدقة بالنظام البيئي للأرض.

ويؤكد عبد العزيز لـ"الخليج أونلاين"، أن وعي العالم انعكس في جهود أممية جادة شهدتها الأعوام الماضية للاستدراك ومحاولة إنقاذ دورة الحياة التي تعرضت للتخريب من قبل البشر.

ويضيف عبد العزيز: إن "هذه الجهود رغم جديتها فإنها غير كافية لإصلاح ما تم تخريبه منذ انطلاق الثورة الصناعية".

ويوضح أن الدول الصناعية الكبرى كانت غير مكترثة للآثار البيئية المدمرة التي لحقت بالأرض؛ لأنها كانت تعتقد أنها بمنأى عنها، لكن موجة العواصف والفيضانات والغبار والظواهر البيئية المدمرة دفعت هذه الدول لإعادة حساباتها، بعد أن تبين أن الأثر الذي تخلّفه يعود عليها خسائر نتيجة تغيرات الطبيعة".

ويشدد الأستاذ السابق في قسم التلوث البحري في المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد المصري على أن حماية البحار من آثار التلوث أمر هام جداً لحماية النظام الإيكولوجي للبشرية.

ويستطرد بالقول: "هذه الحماية ينبغي ألا تكون لأسباب جمالية أو ترفيهية، وإنما لأنها جزء من النظام الإيكولوجي، ونحن البشر نرتبط أيضاً بصحة هذا النظام، فمن خلال حماية الكائنات البحرية نحن نحمي وجودنا على الأرض".