علوم

قلق مثير بين العلماء.. والسبب أول قرد بشرى

4 آب 2019 15:17

 أعادت الجهود المبذولة لإنشاء أجناس مهجنة من الإنسان إلى إعادة الجدل الأخلاقي بعد ظهور تقارير تفيد بأن العلماء قد أنتجوا أجنة قردة تحتوي على خلايا بشرية .  الهجين هو كائن حي تأتي خلاياه من كائنين أ

 أعادت الجهود المبذولة لإنشاء أجناس مهجنة من الإنسان إلى إعادة الجدل الأخلاقي بعد ظهور تقارير تفيد بأن العلماء قد أنتجوا أجنة قردة تحتوي على خلايا بشرية . 

الهجين هو كائن حي تأتي خلاياه من كائنين أو أكثر ، من خلال عمليات بحثية و علمية و تجارب حديثة على أصناف حية من أنواع مختلفة .

كلمة الهجين أو المسخ , أتت من أحد الأساطير اليونانية التي قيل أنه وحش يتكون من جزء من الأسد ، جزء من الماعز و الثعبان 

يدعي أحدث تقرير ، نُشر في جريدة " El País " الإسبانية ، أن فريقًا من الباحثين برئاسة البروفيسور خوان كارلوس إيزبيسا بيلمونتي من معهد سالك في الولايات المتحدة أنتجوا أجنة من القردة البشرية , و قد تم إجراء البحث في الصين "لتجنب القضايا القانونية" ، وفقًا للتقرير.

ينظر إلى التهجين على أنه وسيلة محتملة لمعالجة نقص الأعضاء المراد زرعها للبشر ، و كذلك مشاكل رفض الأعضاء لدى العديد من أبناء جنسنا لأسباب صحية أو جسمانية عديدة .

يعتقد العلماء أن الأعضاء المطابقة وراثيا لمستقبِل بشري معين يمكن أن تنمو يوما ما داخل الحيوانات , حيث تعتمد الطريقة على أخذ الخلايا من الإنسان البالغ وإعادة برمجتها و تعديلها وراثياً لتصبح خلايا جذعية ، و التي يمكن أن تؤدي لتغيير و تطور أي نوع من الخلايا في الجسم, ثم يتم إدخالها في جنين فصيلة معينة من الحيوانات القابلة لذلك .

سبق لـ إيزبيسا بيلمونتي و علماء آخرون أن تمكنوا من إنتاج أجنة الخنازير و أجنة الأغنام التي تحتوي على خلايا بشرية ، على الرغم من أن النسب ضئيلة, ففي الحالة الأخيرة ، قدر الباحثون أن خلية واحدة فقط من كل 10000 كانت خلية بشرية , و أن أجنة الخنازير البشرية و الأغنام البشرية أكثر فاعلية جزئياً لأن الخنازير و الأغنام لها أعضاء بحجم مناسب لزراعتها في البشر .

و قد دعا العديد العلماء إلى وقف عالمي لتعديل الجينات و خلق الأجنة المهجنة , و وقف عمليات التهجين الغير أخلاقية بحد وصفهم .

رغم ذلك ، قال أليخاندرو دي لوس أنجلوس ، من قسم الطب النفسي بجامعة ييل ، إنه من المحتمل أن يتم تطوير أجنة القرد البشري لاستكشاف كيفية تحسين و تطوير نسبة الخلايا البشرية في مثل هذه الكائنات الحية, قائلاً : "إن صنع أذرع القرد البشرية يمكن أن يعلمنا كيفية صنع أذرع الخنازير البشرية على أمل صنع أعضاء لزرعها, و يمكن أن نعرف من خلالها أنواع الخلايا الجذعية التي يجب أن نستخدمها ، أو طرق أخرى لتعزيز ما يسمى" مستويات الأدمة البشرية داخل الخنازير".

أشار دي لوس أنجلوس ، كما هو الحال مع الأبحاث السابقة في الخنازير و الأغنام ، إلى أنه لم يُسمح قط الاستمرار بتطوير الجينات النشطة في أجنة القرد البشري إلا لبضعة أسابيع فحسب , أي قبل أن تتشكل الأعضاء فعليًا .

وافقه البروفيسور روبن لوفيل-بادج ، عالم الأحياء التطورية من معهد فرانسيس كريك في لندن قائلاً: " لا أعتقد أن الأمر يتعلق بشكل خاص بالأخلاقيات ، لأن التجارب الجينية لا تخرقها كثيرًا , لأنه في حالة التجارب التي قام بها العلماء , لا يكون لدى الأجنة نظام عصبي أو تتطور بأي شكل من الأشكال لتصل لمرحلة الوعي لتخرق منظومة الأخلاق , بل إنها مجرد مجموعة من الخلايا المخبرية فحسب ".

لكن لوفيل بادج أضاف أنه إذا سمح للهجين بالتطور أكثر ، فقد يثير ذلك مخاوف قائلاً : "كيف يمكنك تقييد مساهمة الخلايا البشرية فقط على العضو الذي تريد القيام به؟ إذا كان مقتصراً البنكرياس أو القلب ، أو الكلى أو أي شيء آخر ، فهذا أمر جيد إذا تمكنت من القيام بذلك . لكن إذا سمحت لهذه الحيوانات بالتطور حتى مرحلة الولادة ، و إذا كان هناك مساهمة كبيرة في تكوين الجهاز العصبي المركزي من الخلايا البشرية ، فمن الواضح أن هذا يصبح مصدر قلق أخلاقي ".

وتأتي أخبار نجاح العلماء بخلق القرد البشري بعد فترة وجيزة من الإعلان عن حصول الباحثين اليابانيين مثل البروفيسور هيروميتسو ناكوتشي على دعم حكومي لإنشاء هجين الفأر البشري.

في ، رفعت اليابان الحظر المفروض على السماح بتطوير الأجنة إلى ما بعد 14 يومًا و زرعها في الرحم ، مما يعني أنه في حالة منح الإذن بإجراء تجربة ما ، فإنه سيتم تنفيذها على الفور . قال ناكوتشي إنه لم يخطط لإيقاف تطوير أجنة الفأر البشري حتى الآن .

وقال لوفيل بادج إنه من غير المحتمل أن تتصرف الحيوانات الهجينة ، إذا تم تطويرها و تعديلها وراثياً بواسطة خلايا بشرية ، بطريقة تشابه سلوك الإنسان ، لكنها قد لا تتصرف مثل باقي الحيوانات الطبيعية من جنسها " .

مضيفاً : " لذلك هناك بعض القضايا المتعلقة برعاية الحيوان و كذلك القضايا الأخلاقية, لجعل الشيء أكثر إنسانية , حيث أنه لمن الواضح إذا كان لأي حيوان مولود جوانب من مظهر الإنسان و وجوههم و أيديهم و بشرتهم ، فأنا أظن أنه على الرغم من كونه شيئاً مثيراً للاهتمام علمياً ،إلا أنه قد ينزعج الناس قليلاً من ذلك ".

اقترح دي لوس أنجلوس و زملاؤه أن أجنة القرد البشري يمكنها من الناحية النظرية ، توفير طرق جديدة لدراسة الأمراض العصبية و النفسية لدى البشر.

حيث قال لصحيفة الجارديان: " نظريا ، بالنسبة للأمراض التي لا تكون فيها نماذج الرئيسيات جيدة بما فيه الكفاية ، فإن صنع هجين القرد البشري يمكن أن يوفر نموذجًا أفضل لدراسة أمراض الدماغ على سبيل المثال لا الحصر " ، مضيفًا أنه في حالة مرض الزهايمر ، فقد فشلت أكثر من 150 تجربة خلال ال 20 عامًا السابقة ، ربما بسبب عدم وجود نموذج مرضي جيد لدراسته و تحليله .

و أن أحد الأساليب الممكنة لبحوث الدماغ هو أن جنين القردة يمكن أن يتغير وراثياً ثم يُحقن بالخلايا الجذعية البشرية بحيث يتألف جزء من الدماغ ، على سبيل المثال الحصين ، من خلايا بشرية فقط .

سبق أن استخدم إيزبيسا بيلمونتي وزملاؤه أسلوبًا مماثلًا لتطوير بنكرياس الفئران داخل هجين الفأر البشري .

و قال لوفيل بادج: " إذا قمت فقط بتطوير الحصين ، فهذا لا يعني أن لديك الآن عقلًا بشرياً حقيقياً و كاملاً ليعطي نفس أداء الدماغ البشري , و الذي ربما قد يحتوي على قدرات أفضل قليلاً أو مختلفة قليلاً عن القرود , لكنها لن تحتوي على قدرات بشرية ، و هو ما يجعلنا بشرًا بالفعل".

لكن مثل هذه التجارب تسير مباشرةً إلى الساحة الأخلاقية التي يواجهها الآخرون لتفاديها, فوجود احتمالية وصول الخلايا البشرية إلى أدمغة القرود ، و هو تطور يخشاه البعض لأنه قد يجعل الأجنة المهجنة تشبه الإنسان .

 قال الباحثون في السابق إنهم قادرون على منع الخلايا البشرية من الوصول إلى أدمغة أو الأعضاء الجنسية للكائنات المهجنة.

و قال دي لوس أنجلوس إنه لا يزال أمامنا طريق طويل قبل أن ننجح بالقيام بطفرة وراثية تطورية على أجنة القرود البشرية.

و قال : " المسافة التطورية بين البشر والقردة تمتد من 30 إلى 40 مليون سنة ، لذلك فمن غير الواضح ما إذا كان هذا ممكنًا , فهذا الفارق أكبر من 10 مليون سنة بين الفئران و الجرذان ، و حتى كفاءة أجنة الفأر البشري منخفضة بالفعل."

في حين أن جعل أدمغة القرود أكثر بشرية هو خط أحمر بالنسبة للبعض ، و لكن في بعض النواحي تم تتجاوزها بالفعل .

في أبريل ، نشر علماء في الصين دراسة زعموا فيها أنها أدخلت جينة دماغية بشرية في القرود ، حيث أظهرت الحيوانات ميزات تتضمن ذاكرة أفضل على المدى القصير و أوقات رد فعل أقصر , و هذه الكائنات ليست من قصص الخيال العلمي بل حقيقية ، و من الواضح أنه يتم دفع التجارب الوراثية لتتخطى حدوداً جديدة أبعد من ذي قبل .

قال لوفيل بادج إنه يعتقد أنه من الممكن أن يحصل تطوير القرد البشري لدراسة جزء من الجهاز العصبي المركزي على موافقة ، لكنه سيستغرق بعض الوقت .

مضيفاً : "في المملكة المتحدة ، يجب أن يكون أي مقترح لتصنيع أجنة القرود البشرية المهجنة مبرراً جيدًا ، و يجب أن يمر بعملية مراجعة صعبة للغاية , و أنا واثق من أن أي اقتراح بالتوجه مباشرة إلى تجارب التهجين الوراثي و خلق تلك المسوخ لن يحظى بالموافقة في المملكة المتحدة و ربما في اليابان أيضًا ".