علوم

بحث علمي يكشف عن توفير الحيتان والفيلة علاجاً لمرض السرطان

15 آب 2019 13:16

أفاد موقع كوارتز الأمريكي بأن دراسة علمية كشفت أن الفيلة والحييتان قد توفر علاج جديد لمرض السرطان يستخدم للبشر. وقال الموقع، إن "مساء يوم الأحد من أيام شهر أغسطس عام 2011م، ارتفعت زعنفة ظهرية مألوف

أفاد موقع كوارتز الأمريكي بأن دراسة علمية كشفت أن الفيلة والحييتان قد توفر علاج جديد لمرض السرطان يستخدم للبشر.

وقال الموقع، إن "مساء يوم الأحد من أيام شهر أغسطس عام 2011م، ارتفعت زعنفة ظهرية مألوفة من البحر قبالة ساحل ماساتشوستس، مملوءة بالندوب البيضاء الصغيرة، وهي تنتمي إلى لحوت سالت، الحوت الأحدب الذي كان العلماء يدرسونه منذ سبعينيات القرن العشرين والذي تم تسميته ب "سالت" بسبب تلك العلامات المميزة على زعنفته".

وأضاف: أن"على متن السفينة البحثية شيرواتر، قامت جوك روبنسون , مديرة أبحاث الحوت الأحدب في مركز الدراسات الساحلية في بروفينستاون- ماساتشوستس، بتجربة قوس بحري نشاب، تم تعديله بإضافة طرف متخصص و عوامة صفراء، حيث أطلقته باتجاه الأعماق حتى أصاب هدفه، ولكنه حسب التصميم والطرف المتخصص الذي تم اضافته، أصاب بشكل غير ضار ظهر الحوت، ولم ينتزع سوى بضعة ملليمترات مكعبة من اللحم، والتي تشبه لدغة البعوض، نسبةً إلى حجم الحوت، حيث أخذت روبنز وفريقها العينة، واحتفظوا بها في النيتروجين السائل، ثم أرسلوها بعيدًا لتحليلها و القيام ببعض التجارب عليها.

وتابع الموقع: "الآن بعد ثماني سنوات، اكتشف فريق مدعوم من مركز أريزونا لتطور السرطان (ACE) في جامعة ولاية أريزونا أن الحوت "سالت" وغيره من الحيتان، ومجموعة من الثدييات التي تشمل الحيتان والدلافين وخنازير البحر، قد طورت أساليب ذكية للتعامل مع السرطان، بما في ذلك مجموعة من الجينات الكابتة للورم، وقد نشر الفريق النتائج التي توصلوا إليها في مايو في مجلة البيولوجيا الجزيئية والتطور .

وبحسب الموقع، أشارت النتائج التي توصل إليها العلماء إلى جانب تجارب مماثلة على الأفيال، إلى أنه في مكان ما، يختبئ في الشفرة الوراثية والتاريخ التطوري للثدييات الكبيرة، علاج جديد للسرطان يمكن استخدامه على البشر، ولكن إذا كان الباحثون على صواب، فقد تغلق نافذتهم لدراسة هذه الحيوانات الضخمة مع استمرار البشر في تهديد مجموعات الحيوانات والتنوع البيولوجي لها من خلال الصيد الجائر و الحروب .

وتعتبر الحيتان مثل " سالت" ذات قيمة ولم تكن أبدا موضع شك بالنسبة لروبنز، فهنالك العديد من الأسباب الصحيحة للحفاظ على الثدييات الكبيرة، سواء كانت الأسباب أخلاقية أو حتى إيكولوجية، لكن فكرة أن جيناتهم يمكن أن تكون مفيدة لأبحاث السرطان كانت فكرة جديدة ودافع جديد بالنسبة لها للحفاظ على هذه الحيوانات الرائعة.

وقالت روبنز، "لم أكن أعتقد منذ سنوات أن أحد الأشياء التي ندرسها مع تلك الكائنات العملاقة هو السرطان ، بشكل عام ، ناهيك عن أي نوع من أنواع السرطان بالنسبة للإنسان, فهذا غير متوقع ، وقيم للغاية ، لكنني لم أخطط له أبداً.

من الناحية النظرية، يجب أن يكون لدى المخلوقات الكبيرة طويلة العمر مثل الحيتان معدلات عالية من السرطان، حيث يبدأ السرطان في جوهره عندما تنقسم الخلايا بشكل غير صحيح، مما يجعلها تنشر الطفرة القاتلة المحتملة إلى الخلايا المجاورة، وإذا تركت دون مراقبة، ستنتشر في جميع أنحاء الجسم، مقارنةً بالبشر، فالحيتان والفيلة لديهم مئات الأضعاف من الخلايا، ولديهم عمر افتراضي طويل كذلك، ولكن خلاياها تتحور وتصبح سرطانية وتقتلها في حالات كثيرة، وهذه هي طبيعة الطبيعة الغريبة حقاً "، وفقا لما ذكر الموقع الأمريكي.

وأشار الموقع إلى أن هذه الظاهرة التي يدرسها فريق ACE" "، تدعى "Peto’s Paradox" أو تناقض بيتو، المسمى على شرف عالم الأوبئة البريطاني ريتشارد بيتو، الذي اقترح في أواخر سبعينيات القرن الماضي أنه يجب أن يكون هناك نوع من الانتقاء الطبيعي لكبت ووقف انتشار السرطان، لأن البشر يعيشون أطول وأكبر بكثير من الفئران.

وفي عام 2011م، بدأ باحثو "ACE", إلى جانب علماء من 11 مؤسسة أخرى في جميع أنحاء العالم ، أولاً في النظر في كيفية تجسيد "Peto’s Paradox" في جينات الحوت الأحدب من خلال مقارنة المعلومات الموجودة في جينات الحوت  " سالت " مع تلك الموجودة في الحيتان الأخرى. 

وفقا لنتائج الدراسة التي تم الإبلاغ عنها هذا العام، فإن أجزاء جينوم الحوت التي تحدد كيف ومتى تنقسم الخلية تتطور بسرعة وتتزامن مع نمو الحيوانات بسبب حجمها الهائل، ويأمل مارك توليس، عالم الأحياء في كلية المعلومات والحوسبة والأنظمة الإلكترونية بجامعة نورث أريزونا، الذي انضم و بدأ في قيادة دراسة "ACE" عام 2015م، أن يأخذ أحد جينات الحوت المكافحة للسرطان ويضعها في جسم مخلوق أصغر ليساعد الأخير على محاربة هذه الطفرات الجينية، كفأر مخبري في البداية من أجل التجارب، ثم في الانسان كنتيجة مؤكدة للعلاج من هذا المرض القاتل.

ويدرس علماء آخرون أيضًا تلك الظاهرة ضمن مجموعة مختلفة من الحيوانات الضخمة كالفيلة، ففي عام 2012م، بدأ جوشوا شيفمان، عالم أورام الأطفال في جامعة يوتا، في التحقيق في دفاعات السرطان في الحيوانات بعد أن علم أن لديهم نسخًا إضافية من الجين المسؤول عن مكافحة الأورام، وكان هذا هو نفس الجين الذي يفتقر إليه مرضاه المصابون بمتلازمة "لي فراوميني"، وهو اضطراب وراثي نادر يعرّض المصابين للنمو السرطاني.

وبالتعاون مع كارلو مالي ، من فريق ""ACE ، عمل شيفمان و فريقه مع حدائق الحيوان المحلية و سيرك "رينغلينغ برنوم" , قبل أن يتوقف السيرك عن استخدام الفيلة في أعماله ,و مركز حماية الفيلة لجمع عينات الدم أثناء الفحوصات المنتظمة مع الأطباء البيطريين العاملين فيه . 

وفي بحثهم الصادر عام 2015م، في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية ، أفادوا أن النسخ الإضافية من هذا الجين الذي وجدوه في الأفيال , كان يسحق الأورام مسبباً نوعًا من موت الخلايا المبرمج (الدفاع الجيني ضد السرطان يسمى موت الخلايا المبرمج) . 
فعندما تنفصل الخلية وتتعرض لنوع من الضرر في حمضها النووي , بفعل العوامل الكيميائية على سبيل المثال، ستحاول الخلية إما إصلاح نفسها، أو تقوم بالتدمير الذاتي لمنع الطفرات من الانتشار إلى خلايا أخرى .

وبدوره، قال شيفمان: "البشر أذكياء ، لكن الطبيعة أكثر ذكاءً, فقد اكتشفت الطبيعة الحلول لبعض مشاكلنا الصحية على مدى مئات الملايين من السنين من التطور".

وأضاف شيفمان: أنه من الواضح أن الأفيال و الحيتان تمكنت من العثور على مقاومتها الخاصة للسرطان على مدى أجيال لا حصر لها . و يبحث فريقه أيضًا عن دفاعات سرطانية أخرى في علم وراثة الفيلة و يحاول نقل هذه الظاهرة إلى البشر لعلاجهم . قائلاً : "الأمر الأكثر إثارة هو أن هذه الحيوانات عثرت على العلاج . لقد طورت من خلال الطبيعة طرقًا للوقاية من السرطان في المقام الأول ".

وتابع شيفمان: "إذا فقدنا الفرصة لدراسة هذه الحيوانات في البرية، وإذا لم نحميها، فقد نفقد علاجات لكثير من الأمراض المختلفة في السنوات القادمة ".

وفقا للموقع، أنه حتى الآن ، تم تسجيل 22 من بين 90 نوعًا أو نحو ذلك من أنواع الحيتان الحاملة للجينوم المطلوب، وإضافتها إلى قاعدة بيانات المركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية، وعندما بدأ توليس العمل على جينوم "سالت" في عام 2015م، كان هناك خمسة عينات من الجينوم فقط.  قال إن المجال يتحرك بسرعة هائلة، في ظل وجود التكنولوجيا الحديثة و المتطورة التي تجعل العملية أرخص وأسهل و اسرع .

وقام العلماء أيضًا بتسجيل جينوم جميع أنواع الأفيال الثلاثة على قيد الحياة اليوم، على الرغم من أنها بداية ، فقد لا يكون لدى العلماء بيانات كافية للحصول على صورة كاملة عن كيفية إحباط و معالجة تلك الحيوانات لمرض لسرطان، نظرًا لأن النشاط البشري القاتل لهم مستمر من خلال تدمير النظام البيئي وتغير المناخ و غير ذلك، فإن الباحثين يحصلون على فرص أقل لجمع العينات، ويصبح الوصول لتلك المخلوقات أكثر صعوبة، وتصبح اللوائح التي تحميها أكثر تشددًا، مما يؤخر انجاز البحث لسنوات أخرى.

وبالنظر إلى معدل انخفاض هذه الأنواع ، يأمل توليس أيضًا أن يقنع البحث الناس و يجعلهم يفكرون في أهمية أبحاث السرطان وأهمية الحفاظ على البيئة .

ومن جانبه، قال توليس: " بشكل عام ، بما أننا نعيش في فترة انقراض جماعي في الوقت الحالي ، فنحن بحاجة إلى كل أسباب الحفظ الممكنة لتلك المخلوقات ".

وأضاف توليس: أن هناك أدلة تشير إلى وجود تباين جيني قوي بين المجموعات الإقليمية داخل نفس النوع، وهناك حاجة إلى مزيد من الجهد لتصنيف جينات أبناء عمومة الحيوان البعيدة، وبالمثل وفقًا لشيفمان، تسبب الصيد الجائر وفقدان الموائل و تزاوج الأقارب الذي أدى إلى خنق التنوع الوراثي في العديد من الأنواع ,و من بين أكبر المخلوقات في العالم على وجه الخصوص، مما أدى في النهاية إلى حشرنا في عنق الزجاجة.

وقال ديفيد بيلي، عالم الأحياء الجزيئي في جامعة سايمون فريزر في بورنبي، بكولومبيا البريطانية، إن عينة من حيوان واحد فقط لا تمثل بالضرورة نوعًا بأكمله. 

وفي حين أن وجود جينوم تمثيلي دقيق للأنواع المختارة من العديد من العينات يعد أمرًاً ذا قيمة ، فإن هناك أيضًا بعض الغرابة التي يمكن أن تنشأ في جينومات الأفراد. حيث يترك التنوع الجيني والأعداد الكبيرة من السكان مساحة كبيرة للطفرات بالقيام بالمناورات التي يمكن أن تعود بالفائدة على كل من الحيوانات و البشر , وكذلك في الفهم الصحيح للبشر .

وأكد بيلي أن "كلما زاد عدد العينات المتوفرة لدينا، كان من الأفضل أن نفهم التنوع المتبقي الذي يقوم عليه الهيكل الحيوي للكائنات الحية، فالطفرات النادرة يمكن أن تكون مهمة للغاية عند محاولة فهم مقاومتها للأمراض، على سبيل المثال".

وفقاً لكريستيانا باكا بالمر، الأمينة التنفيذية في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التنوع البيولوجي، فإن تأثير فقدان الموائل والأنواع على البحوث الطبية على نطاق أوسع لا يزال مجهولاً.

وكتبت في رسالة بالبريد الإلكتروني قائلةً: "إن فقدان الأنواع الكبيرة مثل الأفيال والحيتان هو مجرد نموذج مصغر للحالات المأساوية لفقدان التنوع في الأنواعن والتي تحدث في النظم الإيكولوجية في جميع أنحاء العالم. حقًاً، عندما نعمل على الحفاظ على التنوع البيولوجي، فإننا نعمل على الحفاظ على أنفسنا ".

وكما أنه من غير المعروف كيف تقوم الأنشطة البشرية على مر الأجيال بتغيير جينات هذه الحيوانات وبيانات أحماضها النووية التي يحتمل أن تكون مفيدة لنا، حيث تشير الأبحاث الصادرة من جامعة ساوثهامبتون بالمملكة المتحدة إلى أن متوسط حجم الثدييات سوف ينكمش بمقدار الربع مع استمرار البشر في صيد وقتل الحيوانات الغير مروضة، على سبيل المثال .

ونظرًا لأن علم الوراثة في حيوانات العالم يتكيف مع القبضة البشرية المتشددة على هذا الكوكب ، فإن الجينات التي تستخدمها الأنواع لهزيمة أي عدد من الأمراض والطفرات القيمة الأخرى يمكن أن تتطور وتخلق من الطبيعة بفعالية ودون قصد أو أي تدخل كان .