أخبار لبنان

كيف حطمت الثورة الصورة النمطية المأخوذة عن الشعب اللبناني

27 تشرين الأول 2019 12:56

  منذ عام 1975، ظهرت عدة صور نمطية للشعب اللبناني، لكن الاحتجاجات الأخيرة في البلاد، حطمت هذه الصورة . اللبنانيون التجار: نظرًا لطبيعة الاقتصاد اللبناني، والذي تعتبر فيه الخدمات عموده ال

 

منذ عام 1975، ظهرت عدة صور نمطية للشعب اللبناني، لكن الاحتجاجات الأخيرة في البلاد، حطمت هذه الصورة .

  • اللبنانيون التجار:

نظرًا لطبيعة الاقتصاد اللبناني، والذي تعتبر فيه الخدمات عموده الفقري، فإن اللبنانيين غالباً ما كانوا مرتبطين بالتجارة. فهم يمارسون ما مارسه أسلافهم الفينيقيين. فاللبنانيون في الوقت الحاضر، من وجهة النظر اليسارية الشعبوية، إن لم تكن الإسلامية، يتمتعون بسمعةٍ سيئة. حيث أن العديد من الإهانات السياسية، مثل "الخائن" و"الصفقة" و"التسوية" و"الوكيل" وغيرها ،مستمدةُ من قواميس التجارة والأعمال . فاللبنانيون هم أدنى الانتهازيين الفاسدين. حيث يلخصون كلامهم و معاملتهم أن كل شيء له ثمن وليس له قيمة.

  • اللبنانيون الأسطوريون:

أدونيس وعشتروت ( عشتار ) وآخرون هم من الأساطير التي رويت حكاياتهم على مدى قرون. وتذكر قصصهم في الأغاني والشعر والكتب، وهي تعكس الانفصال عن الواقع لأن الناس يحاولون كسب العيش والبحث عن الرفاهية.

  • اللبنانيون العنيفون:

الحكايات الشعبية اللبنانية مليئة باستعارات القوة والمقارنة بالجبال والصخور غير المستقرة. فقد تم دائماً تمجيد الجيش اللبناني وينظر إليه كرمز للرجولة والقوة. ثم جاءت الحرب الأهلية في عام 1975 وتكسرت تلك الصورة. حيث غلبت القوة للميليشيات وغيرها من الجماعات المسلحة في حرب طائفية دامية على المشهد اللبناني. وقد كانت ظاهرة الاختطاف متفشيةً أيضاً، مما أبرز نقاط الضعف وتفشي الطائفية.

 

 

  • اللبنانيين الطائفيين :

النسيج الاجتماعي اللبناني لا يختلف عن غيره في الدول العربية الأخرى المجاورة. ومع ذلك، لم يكن لبنان محكوماً بنظام قومي وعسكري فرض على الشعب كيفية تعريف أنفسهم. وبدلاً من ذلك تبنت الدولة الطائفية السياسية وبنت إدارتها نفسها على المحسوبية. وقد دفع هذا اللبنانيين إلى مناقشة والانتماء لطوائفهم علانية، في حين أن العرب عادةً ما يصمتون عن مثل هذه الأمور. ولم تعد الطائفية مجرد اتهام أخلاقي أو عيب يجب تجنبه، فقد أصبحت أداةً للتعرف على الأشخاص وتصنيفهم. وقد أصبح تقريباً الأساس الوحيد لاتخاذ القرارات في الحياة اللبنانية وخاصةً في التشكيلات الحكومية.  ومؤخراً، بدأت العنصرية تتجذر بشكل صارخ في المجتمع اللبناني، حيث تم استهداف المدنيين السوريين والفلسطينيين والأجانب بشكل عنصري.

 

أنتجت هذه الصور عدة مراحل و أجيال و أيديولوجيات متناقضة و متجانسة في المجتمع اللبناني. وما أن بدأت الثورة الحالية التي يقودها الشباب، بدأت تتكسر وتختفي هذه الصور النمطية، فقد بدأوا في التخلص منها ، حيث بدأوا بذلك بأنفسهم.

الثورة: نحو صورة مختلفة للبنان

اللبنانيون، كما أثبتت الثورة، هم أشخاص ذوو مبادئ راسخة ويناضلون من أجل حقوقهم دون هوادة. فهم يرفضون حالة الفقر ويعلنون السعي لتحقيق العدالة الاجتماعية. وليس من قبيل الصدفة أن يُنظر إلى البنك المركزي في لبنان يعتبره المتظاهرين رمزاً للفساد في ثورتهم، وهو واحد من الرموز و الجهات العديدة المستهدفة في الثورة .

اللبنانيون الجدد يملؤون الساحات ويشرعون في هذه المغامرة السلمية الساحقة التي لابد أن تنتصر لا محالة، إنهم يتخطون حدودهم الطائفية والإقليمية التي قسمتهم لسنوات تحت شعارات زائفة من "الوحدة الوطنية". وهم يرسلون الآن رسائل الانفتاح على الآخر، شركائهم في الفقر والمعاناة من خلال ثورتهم .

لذلك نراهم يحتفلون بوحدتهم الجديدة بفرحٍ وشجاعة وابداع، وبالكثير من الردود الرمزية على أولئك الذين سرقوهم وأذلوهم لسنوات طويلة. إنهم يتصرفون بمعرفةٍ كاملة بأن تفويت هذه الفرصة يعني أن الحال سيبقى على ما هو عليه ولن يتغير لعقودٍ قادمة  ويرفضون رفضاً قاطعاً أن يبقوا عبيداً لحفنة من الشخصيات الفاسدة والمتنفذة في لبنان .