أخبار لبنان

ماهو الارتباط بين المخ والأمعاء وعلاقتها بأمراض الجهاز الهضمي ؟

20 تشرين الثاني 2019 13:01

خلال القرن العشرين، أصبح الطب الحديث ذي قدرةٍ كبيرة على تقسيم أنظمة الجسم المختلفة لفهمها بشكل أفضل. ومع ذلك، فإننا ندرك اليوم بشكلٍ متزايد أن أنظمة الجسم المختلفة مترابطة ولا يمكن فهمها بشكل صحيح وكا

خلال القرن العشرين، أصبح الطب الحديث ذي قدرةٍ كبيرة على تقسيم أنظمة الجسم المختلفة لفهمها بشكل أفضل. ومع ذلك، فإننا ندرك اليوم بشكلٍ متزايد أن أنظمة الجسم المختلفة مترابطة ولا يمكن فهمها بشكل صحيح وكامل بمعزلٍ عن غيرها، حيث وجدت الدراسات الحديثة أن اتصال القناة الهضمية بالعقل هو أحد الأمثلة المهمة لهذه الظاهرة.

تشريح اتصال القناة الهضمية بالدماغ

ما هي العلاقة بين الدماغ والأمعاء بالضبط؟

ووفقا للدراسة العملية، إن الدماغ يرسل إشاراتٍ إلى الجهاز الهضمي، عن طريق الجهاز العصبي الودي المسؤول عن الاضطرابات، والجهاز العصبي السمبتاوي المسؤول عن الراحة وعملية الهضم، حيث يمكن أن يؤثر توازن الإشارات بين هذين المدخلين على السرعة التي يتحرك بها الطعام داخل الجهاز الهضمي، وعلى مدى امتصاص العناصر الغذائية، وإفراز عصارات الجهاز الهضمي، ومستوى الالتهاب فيه.

كما يحتوي الجهاز الهضمي أيضاً على نظام عصبي خاص به، وهو المعروف بالجهاز العصبي المعوي، الذي يتكون من حوالي 100 مليون خلية عصبية داخل وحول الجهاز الهضمي. حيث يتلقى الجهاز العصبي المعوي مدخلاتٍ من الجهاز العصبي الودي وغير الودي، لكنه يمكن أن يعمل بشكلٍ مستقل عنهم.

ويرتبط الجهاز العصبي المعوي ارتباطاً وثيقاً بملايين الخلايا المناعية. حيث تقوم هذه الخلايا بمسح الجهاز الهضمي وتنقل المعلومات للدماغ خلال أجزاء من الثانية، فالمعلومات التي تنقلها تعبر عن حالة الأعضاء المرتبطة بالجهاز الهضمي، مثل ما إذا كانت المعدة منتفخةً أو ما إذا كانت هناك عدوى في الجهاز الهضمي أو عدم كفاية تدفق الدم في الأعضاء إلى الدماغ. وبالتالي، فإن الدماغ والنظام الهضمي لديهما شبكة تواصل عصبية خاصة بهما تنظمان خلالها عمل الجهاز الهضمي بشكل متناسق مع باقي أجهزة الجسم الحيوية.

آثار التوتر والعواطف السلبية على القناة الهضمية

نظراً لهذا الارتباط القوي بين الدماغ والأمعاء، يمكن للتوتر ومجموعة متنوعة من المشاعر السلبية مثل القلق والحزن والاكتئاب والخوف والغضب أن تؤثر بشكل سلبي على الجهاز الهضمي. حيث يمكن لهذه المشاعر والانفعالات تسريع أو إبطاء حركات القناة الهضمية والمحتويات الموجودة داخلها، كما يمكنها جعل الجهاز الهضمي شديد الحساسية لإشارات الانتفاخ والألم الأخرى مما يسهل على البكتيريا عبور بطانة الأمعاء وتنشيط الجهاز المناعي لزيادة التهاب في الأمعاء.

كما أن تغيير ميكروبيوم الجسم (بكتيريا الأمعاء) المرتبط بالتوتر والعواطف القوية قد يتسبب في مجموعة متنوعة من حالات التهاب الجهاز الهضمي أو تفاقمها، مثل مرض التهاب الأمعاء، ومرض كرون والتهاب القولون التقرحي، ومتلازمة القولون العصبي، ومرض الجزر المعدي المريئي، والحساسية تجاه بعض الأغذية.

ويمكن للتغيرات السلبية في النظام الهضمي أن تعود الدماغ مرة أخرى، مما يخلق حلقةً مفرغة. وعلى سبيل المثال، أثبت بحثُ جديد أن زيادة التهاب الأمعاء والتغيرات في ميكروبيوم الأمعاء يمكن أن يكون له آثارٌ عميقة في جميع أنحاء الجسم وتسهم في التعب الجسدي، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والاكتئاب الحاد.

تمارين العقل والجسم لعلاج أمراض الجهاز الهضمي

بالنظر إلى هذا الارتباط القوي بين العقل والجسم والأمعاء، فلا ينبغي أن يكون مفاجئاً أن تمارين العقل والجسم مثل التأمل والتركيز وتمارين التنفس واليوغا والعلاج بالتنويم المغناطيسي الموجه قد أثبتت جميعها أنها تساعد على تخفيف أعراض أمراض الجهاز الهضمي، وتقليل القلق والتوتر. وهي تقلل من استجابة الجسم للإجهاد عن طريق تثبيط الجهاز العصبي الودي، وتعزيز استجابة السمبتاوي، وتقليل الالتهاب.

العلاجات التكاملية الأخرى

بينما أوضحت الدراسات أن أنواعاً معينة من الأطعمة يمكن أن تؤدي إلى ردود فعل محددة في الأمعاء الحساسة، وفي هذه الحالة، يمكن أن تكون الوجبات الغذائية المحددة، مثل الأغذية المنخفضة الكوليسترول أو تجنب الأطعمة المسببة للارتجاع المريئي الحمضي، مفيدةً في علاج الأعراض.

كما أن النظام الغذائي يؤثر بعمق وبشكل مباشر على ميكروبيوم الأمعاء، وعلى سبيل المثال، عادةً ما يؤدي تناول نظام غذائي نباتي مع قليل من الكربوهيدرات المكررة والقليل من اللحوم الحمراء إلى وجود ميكروبيوم صحي في الأمعاء، حيث أن هذه التغييرات الغذائية بدورها تقلل من الالتهابات المعوية وتساعد في تقليل الأعراض المرضية في الجهاز الهضمي مثل التعب أو الاكتئاب وخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.