أخبار

ما هي أسباب معارضة يهود أمريكا قرار شرعية المستوطنات الاسرائيلية

20 تشرين الثاني 2019 16:31

عندما أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو هذا الأسبوع أن الولايات المتحدة لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية تنتهك القانون الدولي ، كان معظم الإسرائيليين سعداء للغاية. وهذا يخبرنا أكثر

عندما أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو هذا الأسبوع أن الولايات المتحدة لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية تنتهك القانون الدولي ، كان معظم الإسرائيليين سعداء للغاية.

وهذا يخبرنا أكثر عن الأولويات اليهودية الأمريكية واللامبالاة بما يفكر فيه الإسرائيليون حول ما هو أفضل للدولة اليهودية أو ما يتعلق بالقانون الدولي. 

كما كان الحال مع تحركات إدارة ترامب بشأن القدس و مرتفعات الجولان و الصفقة النووية الإيرانية و المساءلة عن دعم السلطة الفلسطينية للإرهاب ، استقبلت جميع الأحزاب السياسية الإسرائيلية الرئيسية هذا الإعلان بدعمٍِ شديد و تأييد واضح.

حيث اتفق كلٌ من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو و منافسه البارز ، زعيم الحزبين الأزرق و الأبيض بيني جانتز ، على أن أمريكا كانت على حق في إلغاء قرارها القديم على أنه ليس من حق اليهود العيش خارج خطوط الهدنة لعام 1949  

و هذه النقطة الأخيرة مهمةٌ للغاية لفهم حقيقة أساسية عن الواقع السياسي الإسرائيلي . فغانتس ، الذي لا يزال عالقاُ في مواجهة مع نتنياهو و حلفاءه حول تشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة ، كان يعلم بشأن بيان بومبيو الأخير قبل إصداره .

و بحسب مصدرٍ في وزارة الخارجية الأمريكية ، فقد اتصل السفير الأمريكي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان بغانتس و أبلغه بالقرار قبل الاعلان عنه بأيام . فلو أبدى غانتس معارضته أو طلب من الأمريكيين تأخير إعلانهم، لكانت الإدارة ستلتزم بطلبه دون شك . و على العكس من ذلك ، و بعد أن تحدث بومبيو ، وافق غانتس على هذه الخطوة ، قائلاً بشكل علني : " إن مصير المستوطنات وسكان يهودا و السامرة يجب تحديده باتفاقياتٍ تلبي المتطلبات الأمنية و التي يمكن أن تعزز السلام الذي يخدم الجانبين بينما يعكس الواقع على الأرض " .

مضيفاً : " ذلك لأن الادعاء بأنها غير قانونية يتعارض مع هدف التسوية التفاوضية حول الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي . كما أن وصف هذه المجتمعات اليهودية بهذه الطريقة يجعل المفاوضات حول المناطق موضع نقاشٍ فعال . فلم يتفاوض الفلسطينيون بجدية مع إسرائيل حول صفقة سلام في الضفة الغربية منذ فترة طويلة . و طالما أن العالم يعتبر أن المستوطنات هي أراضٍ مسروقة يجب إعادتها إلى العرب ، بدلاً من كونها أراضٍ متنازع عليها ، و التي يجب أن يتم التوصل إلى مصيرها عن طريق التفاوض من كلا الجانبين ، فلا يوجد شيء للتفاوض ".

لم يلقي موقف غانتس بشأن عملية السلام سوى القليل من الضوء حول الأمن أو الدبلوماسية خلال الحملات الانتخابية الأخيرة و . هذا يعكس إجماعاً يمتد من اليسار المعتدل إلى اليمين حول عدم وجود شريك سلام محتمل في الحكومة الاسرائيلية المقبلة .

و مثله مثل نتنياهو ، يدرك غانتس أنه يجب على إسرائيل الحفاظ على سيطرتها على وادي نهر الأردن و معظم المستوطنات حتى بالشكل النظري الذي اختاره الفلسطينيون في نهاية المطاف لصنع السلام في مقابل الاستمرار في التمسك بحربهم المستمرة منذ قرن على الصهيونية . فلم يعد يهتم باقتلاع المستوطنات دون الحصول على سلامٍ حقيقي ، كما فعل رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون في غزة عام 2005 ، على غرار منافسه نتنياهو .

و بحسب غانتس ، لا تنطبق اتفاقية جنيف ضد القوى المحتلة التي تنقل سكانها إلى الأراضي التي تم الاستيلاء عليها على الإسرائيليين في الضفة الغربية لأن هذه المناطق ليس لها مالك قانوني . حيث استولت إسرائيل على هذه الأراضي بعد حرب مع الأردن عام 1967 . كما تضمن تفويض عصبة الأمم لعام 1922 لفلسطين على وجه التحديد حق الاستيطان اليهودي في جميع أنحاء البلاد . حيث أن قرار الأمم المتحدة بشأن المستوطنات لم يبطل الحقوق اليهودية هناك ، و التي لها جذور في الدين و التاريخ و القانون الدولي . فإذا تم التنازل عن تلك الحقوق ، لن يمكن القيام بها إلا مقابل تنازلاتٍ فلسطينية ، و سيكون ذلك ليس نتيجةً لتفسيرات القانون الدولي التي تتأثر أكثر بالتحيز المعادي للسامية من المنطق القانوني .

فما فعلته الولايات المتحدة هو مجرد إخطارٍ للفلسطينيين بأنهم إذا كانوا يريدون إنهاء الوضع الراهن ، فسيتعين عليهم التحدث إلى الإسرائيليين أولاً و العودة إلى نهج المفاوضات الجادة من جديد . و لا يمكنهم الجلوس و الانتظار حتى يسلمهم المجتمع الدولي تنازلاتٍ إسرائيلية على طبق من فضة . و هذا هو السبب في أنه حتى لو كنت تعتقد أن المستوطنات غير قانونية أو أنه يجب إخلاء العديد منها إذا كان السلام ممكناً ، فإن الفكرة القائلة بأنها غير شرعية هي حماقة بحتة حسب وصف جانتز .

و على الرغم من ذلك ، بدلاً من الانضمام إلى جانتز ، انتقدت بعض الجماعات اليهودية الأمريكية الرائدة ، مثل اتحاد اليهودية الإصلاحية ، القرار أو ظلت محايدةٍ بشكلٍ واضح . و كذلك فعل الكثير من الديمقراطيين ، بمن فيهم أولئك الذين يدعون أنهم أصدقاء لإسرائيل .

• لماذا يحصل هذا ؟

يعتقد كثير من اليهود الليبراليين أن وجود إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة سيؤدي إلى أن تصبح إسرائيل "دولةً عنصرية" أو دولةً ثنائية القومية بدون أغلبية يهودية . و بحسب غانتس ، فهذا غير صحيح لأن الوضع الشاذ المستمر للأراضي يعود إلى الرفض الفلسطيني للتفاوض . حيث لا يعتزم الإسرائيليون أيضاً السماح بإنشاء دولة فلسطينية مثل قطاع غزة الذي تحكمه حماس ، لتشكل تهديداً لوجود إسرائيل.

و لكن هناك ما هو أكثر من المفاهيم اليهودية الأمريكية الخاطئة عن النوايا الفلسطينية ، و التي رفضها الإسرائيليون في أعقاب انهيار اتفاقية أوسلو .

كديمقراطيين مخلصين ، هناك العديد من اليهود الليبراليون الذين يعارضون ببساطةٍ كل ما يفعله ترامب ، سواء كان ذلك مفيداً أم لا لإسرائيل . فلهذا السبب عارضوا انتقال السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس ، على الرغم من أنهم كانوا سيوافقون على ذلك لو قام باراك أوباما بذلك .

و تماماً مثل اعتراف الولايات المتحدة بالواقع بشأن القدس ، فإن تجاهل ترامب لسياسة تقوم على الباطل لن يشعل العالم . لكن في عالم سياسي ينظر فيه الديمقراطيون إلى كل شيء يعتبره الرئيس غير شرعي بطبيعته ، فإنه ليس من المفاجئ أن المرشحين للرئاسة و مؤيديهم اليهود لا يريدون أي جزء من ثورة ترامب الدبلوماسية التي ترفضها مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية . و هذا صحيحٌ بشكل كامل، فحتى لو كان هذا يعني الدفاع عن السياسات الفاشلة الطويلة القائمة على الأكاذيب ، مثل الادعاء بأن المستوطنات غير قانونية .

و قد تقول الجماعات اليهودية الليبرالية إنها تدعم عملية السلام ضد الدوافع المدمرة لترامب. و لكن هذا الأمر يرجع للدوافع الحزبية ، و ليس للمبدأ . فقد حان الوقت لتلك المجموعات التي تدعي أنها تمثل إجماع يهود أمريكا بالبدء في الاستماع إلى إجماع الإسرائيليين أيضاً .