أخبار

" لقاء النورماندي".. بوتين وزيلينسكي على طاولة واحدة

9 كانون الأول 2019 07:35

يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي للمرة الأولى في اجتماع " النورماندي" في باريس اليوم الاثنين. القمة التي ستعقد بصيغة «لقاء النورماندي» وهو اسم المنطقة الفرنس

يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي للمرة الأولى في اجتماع " النورماندي" في باريس اليوم الاثنين.

القمة التي ستعقد بصيغة «لقاء النورماندي» وهو اسم المنطقة الفرنسية التي جرت فيها أول قمة من هذا النوع في 2014، سيحضرها الرؤساء الفرنسي إيمانويل ماكرون والروسي فلاديمير بوتين وزيلينسكي والمستشارة ألمانية أنجيلا ميركل، وهي تأتي بعد سلسلة من الخطوات التاريخية بين البلدين كان أولها مبادلة السجناء وتجديد العقود المبرمة بينهما والتي تنظم عبور النفط الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا، إضافة إلى التوصل لاتفاق بفصل القوات في عدد من الجبهات المتوترة بين البلدين.

جريدة National Interest الأميركية تساءلت عمّا إذا كان اللقاء سيؤدي إلى تقدّم في إنهاء الحرب وإحلال السلام في منطقة دونباس (تضمّ إقليمي دونيتسك ولوغانسك) الواقعة شرق أوكرانيا. سيما وأن مبادرات زيلينسكي تجاه موسكو لم تحظى بشعبيةٍ لدى الجميع .

فبعد الإعلان عن صفقة زيلينسكي مع روسيا احتشد الآلاف من المتظاهرين في جميع أنحاء أوكرانيا لاتهام رئيسهم "بالاستسلام" للكرملين و لبوتين . كما قام جنودٌ من كتيبة آزوف ذوي القومية المتطرفة إلى حدٍ بعيد برفض الامتثال لأوامر زيلينسكي بالانسحاب .

و أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد كييف الدولي لعلم الاجتماع أن معدل تأييد زيلينسكي انخفض بنسبة 21 % خلال الشهرين الماضيين ، من أصل 73 % في أيلول  إلى 52 % بنهاية تشرين الثاني، و قد أشار المستطلعون إلى أن تعامل زيلينسكي مع النزاع في شرق أوكرانيا ، إلى جانب بعض الإصلاحات التي لا تحظى بشعبيةٍ لدى الشعب الأوكراني ، كانت السبب وراء تراجع تأييد الرئيس الأوكراني بهذه السرعة . كما و أقنع رد الفعل العكسي هذا الكثيرين في موسكو بأنه في حين أن زيلينسكي قد يكون لديه نوايا حسنة ، إلا أنه يفتقر إلى النفوذ السياسي الكافي لمتابعة الانفتاح مع روسيا .

و قال أندرانيك ميجرانين ، المستشار غير الرسمي للإدارة الشؤون الرئاسية الروسية و الأستاذ في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية : " على الرغم من أن زيلينسكي فاز بأكثر من 70 % من الأصوات ، إلا أنه ما زال يتعين عليه تعزيز سلطته ، فالأقلية القومية العدوانية قادرةٌ على إملاء شروطها على الحكومة الحالية ".

و حتى بوتين يبدو أنه لديه بعض المخاوف بشأن الضعف السياسي لنظيره الأوكراني، فخلال منتدى للاستثمار في موسكو بتاريخ 20 تشرين ثاني الفائت، أوضح الرئيس الروسي أنه على الرغم من أنه لا يشكك في صدق زيلينسكي ، فإنه يتساءل عما إذا كان الكوميدي الذي تحول إلى رئيسٍ يمكن أن يفي فعلاً بوعده بإحلال السلام في شرق أوكرانيا، و قال : " ما هي علاقتي بزيلينسكي ؟ لا يوجد أي علاقة تذكر، فأنا لم أره قط، و لا اعرفه على الرغم من أننا تحدثنا فقط عبر الهاتف، وأعتقد أنه رجل لطيفٌ و صادق، و يرغب حقاً في تغيير الوضع للأفضل، لا سيما في اقليم الدونباس، و لكن ما إذا كان سيتمكن من فعل ذلك ، فلا أعرف ذلك حتى الآن".

مدير المركز الروسي للسياسة المعاصرة أليكسي تشيسناكوف اعتبر بأن على روسيا ألا تمنح زيلينسكي أي تنازلاتٍ جدية أو تتخذ أي خطواتٍ كبيرة لمقابلته في منتصف الطريق ، لأنه لا يوجد ما يضمن بأنه لن يكون بطةً عرجاء بحلول نهاية العام المقبل".

الأمر الأكثر إثارةً للقلق بالنسبة لموسكو هو الإشارات الأخيرة التي تلقتها من كييف على أن إدارة زيلينسكي يمكن أن تتخلى عن اتفاقات مينسك . ففي العاشر من تشرين الأول أعلن زيلينسكي أن أوكرانيا سوف تنسحب من الاتفاقات في وقتٍ مبكر من العام المقبل إذا فشل برلمان البلاد في اعتماد قانون من أجل الوضع الخاص للمناطق التي يسيطر عليها من اسماهم "الانفصاليون الموالين لروسيا".

و بعد شهر ، صرح رئيس حزب الشعب زيلينسكي في البرلمان أن الغرض من الاجتماع مع بوتين لأوكرانيا كان الابتعاد عن اتفاقيات مينسك ، و التي قال إنها تقسم البلاد، كما أعلن وزير الخارجية الأوكراني فاديم بلتيكو أن أوكرانيا قد تنسحب من الاتفاقيات إذا غادرت قمة نورماندي غير راضية .

و أوضح دميتري سوسلوف ، الخبير في العلاقات الأمريكية-الروسية في المعهد العالي للاقتصاد بجامعة الأبحاث الوطنية ، أن مثل هذه النتيجة لن تكون مقبولةً بالنسبة لروسيا . حيث قال : " من المهم بالنسبة لروسيا أن تبقي اتفاقيات مينسك سليمة ، و إلا فإنها ستثير السؤال التالي : لماذا تحملنا كل هذه العقوبات الأمريكية و الأوروبية حتى اللحظة ؟ ".

ووافق سوسلوف  على أن نتائج محادثات نورماندي ستعتمد إلى حدٍ كبير على ما سيفعله ماكرون و ميركل في القمة .وقال :" إذا دعموا بوتين ، فلن يكون أمام زيلينسكي خيارٌ سوى القبول بما سيمليه عليه بوتين . و لكن إذا وقفوا في صف زيلينسكي ، فلن أستبعد إمكانية تجدد القتال في شرق أوكرانيا ".