أخبار

هل ينجح "ابن سلمان" في القضاء على القبيلة؟

11 كانون الأول 2019 21:13

رأى سوف تودمان وهو باحث مختص في شئون الشرق الأوسط بمركز الدراسات الاستراتيجية الدولية (CSIS) أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يقود المجتمع السعودي إلى جملة من التغيرات الاجتماعية السريعة نحو الحداث

رأى سوف تودمان وهو باحث مختص في شئون الشرق الأوسط بمركز الدراسات الاستراتيجية الدولية (CSIS) أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يقود المجتمع السعودي إلى جملة من التغيرات الاجتماعية السريعة نحو الحداثة والتطور؛ وبحسب الكاتب فإن محور الإصلاحات في رؤيته "الطموحة" المعروفة باسم "رؤية 2030 هو "الاقتصاد"، لكن سياساته تسرع أيضاً في التغييرات الاجتماعية العميقة التي تسارعت وتيرتها بالفعل في المملكة، حيث تعمل هذه التغييرات على تغيير الالتزامات الاجتماعية وولاء السعوديين وكيفية ارتباطهم ببعضهم البعض.

ويورد تودمان شهادة مسؤول سعودي وصف "بن سلمان" بقطار التغيير السريع، حيث قال: " إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يتحرك كقطارٍ فائق السرعة يسير في بيئةٍ وعرة ويصارع بقوة للبقاء في مساره، وهو بالكاد يستطيع اتباع المسار. فنحن لا نعرف بالضبط أين سينتهي الأمر، أو إذا كنا نريد الذهاب إلى هناك حقاً. لكننا نعرف أن لدينا خيارين فقط : أن نتركه يذهب تاركاً لنا الغباء من خلفه، أو اللحاق بدربه نحو الحياة الرغيدة والرفاهية والصلاة من أجل أن ينجح في الأمر! ".

وبدورهم وصف سعوديون تمت مقابلتهم في تقريرٍ صدر مؤخراً عن مركز الدراسات الاستراتيجية و الدولية بعنوان "الروابط التي تربطنا "، أن حياتهم في المملكة تدور نحو نقطة انعطافٍ ثقافية واجتماعية حادة. فعلى الرغم من أن النزعة القبلية تظل بارزةً للعديد من السعوديين، إلا أنهم وصفوا تحولاً عاماً و إضعافاً لعلاقات القرابة في السنوات الأخيرة، لأن الدولة أقحمت نفسها بقوةٍ أكبر في الحياة الاجتماعية للسعوديين وأثرت لتغييرها بشكلٍ متجذر.

ومن وجهة نظر الكاتب، فقد أعاد الاقتصاد المتغير إعادة تشكيل شبكات القرابة في المملكة العربية السعودية، حيث سمحت الطفرة في أسعار النفط من عام 2003 إلى 2013 للدولة بزيادة الإنفاق العام بشكلٍ كبير، مما أدى إلى الزيادة السريعة في الرفاهية، إلى جانب محاولات الدولة اختيار مراكز بديلة للسلطة، وتقليل اعتماد السعوديين على شبكات القرابة مثل الأسرة والقبيلة. لكن في الآونة الأخيرة، شجعت الحكومة المواطنين السعوديين على ترشيد استهلاكهم الاقتصادي وخفض المساعدات الحكومية، ولم تتمكن شبكات القرابة التقليدية من استئناف دورها كما كانت تفعل في السابق بعد انقطاعٍ دام لسنوات عديدة.

ومع وجود عددٍ أكبر من السعوديين الذين يعيشون في المدن أصبحت العقارات في المناطق الحضرية باهظة الثمن بحيث أصبحت المجمعات العائلية الآن رفاهيةً لا يستطيع معظم الناس تحمل تكاليفها. كما أدت سياسات الإسكان الحكومية إلى زيادة انتشار الأسر وتفريقها عبر المدن بعيداً عن بعضها البعض، ونتيجةً لذلك فإن الأقارب أصبحوا يرون بعضهم بعضاً بشكلٍ أقل ولا يشعرون بأنهم قريبون من بعضهم كما اعتاد أسلافهم . كما وأدى التمدن إلى إضعاف الهويات الإقليمية وتآكل تماسك المجتمع السعودي بشكلٍ كبير.

وقد أشار السعوديون – وفقاً للتقرير-  إلى أنه على الرغم من أن العديد من هذه الاتجاهات طويلة الأجل، فإن الحكومة قد أدخلت نفسها بحزمٍ أكبر في مسائل علاقات القرابة في الأسر السعودية، موضحين أن على الرغم من أن الدولة السعودية لم تحاول استبدال الشبكات القبلية، لكنها صعدت جهودها لإشراكها بشكلٍ كامل في الحكم، وعلى سبيل سبيل المثال أصبح تعيين مندوبي وزارة الداخلية في قبل القبائل أكثر تعمداً و قبولاً، وغالباً ما يتم اختيار منافسٍ لزعيم القبيلة المعترف به، وهذا لا يخلق فقط مركزاً بديلاً للسلطة في القبيلة الموالية للحكومة بشكلٍ صريح فقط، لكنه يضعف أيضاً من قدرة القبيلة على العمل كرقابةٍ مستقلة للسلطة الحكومية على أبنائها.

إلى ذلك فقد أدرك السعوديون وجود حملةٍ قوية تقودها الحكومة لإنشاء هويةٍ سعودية محددة، حيث فقدت الهويات المحلية القبلية ظهورها الذي كان طاغياً منذ عقود، واصفين جهود الدولة لبناء الهوية الوطنية في مقابل الهويات الأخرى، مثل الهوية الإسلامية الأوسع، والهوية الإيرانية، أو الهويات الإقليمية المحددة بأنه "حماقة محضة".

ووفقاً للكاتب، فقد سخر السعوديون إلى حدٍ كبير من الجهود الرامية إلى غرس القومية في المناهج الدراسية بالمدرسة، و قالوا إن الدولة تكافح لتحديد ما تعنيه أن تكون سعودياً وما تتوقعه الدولة من مواطنيها في المقابل كالانتماء لها قبل كل شيء.

وفي هذا السياق قال أحد البدو أن الدولة تتعامل مع مواطنيها كمواطنين، ومن المتوقع أن يؤدي المواطنون واجباتهم وأن يظلوا مخلصين لها ، لكن الدولة ليست مسؤولةٌ عنهم في الأساس.

وقد أدت البيئة السياسية الاستبدادية المتزايدة إلى إضعاف شبكات الدعم التقليدية و صياغة التزامات السعوديين وحوافزهم وخياراتهم على يد الدولة والعاملين فيها، حيث قلل الخوف المتزايد من القمع من مفاهيم الثقة وتوقعات المساعدة من الأسرة أو الأصدقاء في حالات الاحتكاك مع الدولة.

ومن جانبه قد قال ناشطٌ سعودي إنه لم يعد يتوقع أن تقدم أسرته أو أصدقاؤه المساعدة إذا قُبض عليه على يد الشرطة السعودية، لأن المخاطر التي سيتعرضون لها ستكون كبيرةً للغاية.

ومع ذلك، لا ينبغي المبالغة في تغير طبيعة العلاقات الاجتماعية في المملكة العربية السعودية، فلا تزال الأسرة هي الوحدة الأساسية للمجتمع، و لا يزال الشباب يشعرون بواجبٍ كبيرٍ تجاه آبائهم وأقاربهم.

ترجمة خاصة عن: مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية