أخبار

خديعة اكتتاب أرامكو الكبير.. تحفيز وإكراه وتدخل حكومي

13 كانون الأول 2019 01:33

بعد يومين فقط من إدراجها في السوق المالية السعودية "تداول" بلغت قيمة أرامكو السعودية للنفط في سوق الأسهم قرابة 2 تريليون دولار، وأصبح يمكن الآن للأمير السعودي محمد بن سلمان أن يدعي النصر السياسي أمام

بعد يومين فقط من إدراجها في السوق المالية السعودية "تداول" بلغت قيمة أرامكو السعودية للنفط في سوق الأسهم قرابة 2 تريليون دولار، وأصبح يمكن الآن للأمير السعودي محمد بن سلمان أن يدعي النصر السياسي أمام شعب المملكة السعودية، مؤكداً أن الاكتتاب العام قد أثبت دقة وصحة رأيه بتقييم الشركة بقيمة 2 تريليون دولار، كما أنه كان على حق بعد مرور أربع سنواتٍ تقريباً منذ أول مرة تحدث فيها عن الأمر وطرحه أمام العالم. 


علماً أن فكرة "إبن سلمان" الأولية ارتكزت في عام 2016 إلى بيع 5 ٪ من الشركة للمستثمرين العالميين، وليس أقل من 2 ٪ التي تم إدراجها للبيع هذا الأسبوع للمستثمرين السعوديين الذين تعرضوا للضغوط والتحفيز، وفي بعض الحالات  خدعوا للمشاركة في الاكتتاب والاستثمار في السوق.
ولكن السؤال الأهم الآن، هو ما إذا كانت أرامكو تبلغ قيمتها 2 تريليون دولار بشكلٍ حقيقيٍ في ظل الظروف الحالية الصعبة إلى درجةٍ معينة، حيث أنه بالنسبة للمستثمرين الدوليين لم تعد قضية ما تستحقه أرامكو كقيمة سوقية هو المهم حقاً، وبدلاً من ذلك، أصبح السؤال عن قيمة أرامكو الحقيقية بالنظر إلى المستويات العالية من التدخل الحكومي في عملياتها وسوق أسهم الشركة وتداولها. 

والسؤال هنا، هل يعتقد أي شخصٍ خارج المملكة العربية السعودية في هذه المرحلة أن حركة سعر سهم أرامكو طبيعية؟  أم هل يفترض الجميع إلى حدٍ كبير أنها تستند إلى تدخلٌ حكومي مكثف؟.
وفي هذا السياق هناك أدلة يستند عليها المستثمرين في أسئلتهم هذه، حيث كانت هناك تقارير سابقة عن تدخل الحكومة في أسهم "تداول" الأخرى، باستخدام صندوق الثروة السيادية السعودي لدعم الأسعار بعد الأخبار السيئة الأخيرة، كما قيل إن الحكومة السعودية أرغمت السعوديين الأثرياء والشركات على الاشتراك وشراء الأسهم في الاكتتاب العام. بالإضافة إلى أن الحكومة دعمت بنفسها الاكتتاب العام من خلال المساهمة بما لا يقل عن 2 مليار دولار.

وفي غضون ذلك شهد أول يومين من التداول قفزاتٍ فورية في السعر بنسبة 10٪ لكل يوم، مما أدى إلى بدء الحد الأقصى التلقائي للتداول في البورصة. ولا يبدو الارتفاع السريع في الأسعار خلال اليومين منطقياً أو معقولاً لمعظم المستثمرين الدوليين ذوي الخبرة في المجال، حيث أنه يبدو مصطنعاً للغاية أو علامةً على "هستيريا" محلية غير معقولة فيما يتعلق بالاستثمار في الشركة النفطية.

إلى ذلك تروج إعلاناتٌ في المملكة العربية السعودية للاكتتاب العام منذ مرحلة الطفولة لهذا الاكتتاب، أي أثناء مرحلة التخطيط له، حيث كانت تروج لأسهم أرامكو بمزاعم خيالية وغير قابلة للإثبات وفي بعض الأحيان كاذبة، مثالاً على ذلك تقول أحد الإعلانات للمواطنين ألا يترددوا في الاستثمار، لأن قيمة سهم أرامكو ستتضاعف ثلاث مرات في المستقبل القريب.
كما قامت الحكومة بتحفيز مستثمري التجزئة في الاكتتاب العام بإعطائهم وعوداً بأنهم سيحصلون على أسهم إضافية بنسبة 10٪ إذا احتفظوا بمراكزهم واستثماراتهم لمدة ستة أشهر على الأقل.

وتعمل الحكومة الاستبدادية أيضاً بشكلٍ عام من خلال التخطيط والإكراه المركزيين، لذلك هذا السلوك متوقع تقريباً أن ينفذ على المستثمرين الآخرين.
والآن وبعد كل ذلك هناك حديثٌ متجدد حول الإدراج المرتقب لأرامكو في البورصة الدولية للمستثمرين الأجانب، والتي ربما ستكون في اليابان أو الصين. 
وبخلاف قائمة "تداول"، سيتطلب الأمر مستثمرين دوليين متحمسين للغاية، حيث يبدو من المعقول أن ترغب أرامكو والحكومة السعودية في إظهار سعر تداولٍ مرتفع لشركة "أرامكو" قبل إدراجها في السوق الدولية، لكن هذه الإستراتيجية لن تنجح الآن، خاصةً بعد أن اعتقد المستثمرون الدوليون أن السعر المدرج في سوق تداول لأرامكو مبالغٌ فيه إلى حدٍ كبير بسبب تدخل الحكومة. 


كما أصبح المستثمرون الدوليون الآن متشككين للغاية ومترددين أكثر من السابق في الاستثمار في الشركة، وسيكونون مترددين في الاقتراب من أرامكو بهذا السعر الغير منطقياً، ما لم تتراجع الحكومة وتثبت بشكلٍ حاسم أنها قادرةٌ على كبح ميلها الطبيعي للتدخل في السوق والشركة.