أخبار

البشر يتسببون في اختفاء الحياة من كوكب الأرض

13 كانون الأول 2019 19:06

إن النظم الإيكولوجية، نسيج الحياة الذي نعتمد عليه جميعاً في كوكبنا، تتناقص بسرعةٍ فائقة مع مرور الزمن بسبب التصرفات البشرية. ولكن قد يكون هناك وقتٌ لإنقاذها. ازداد الضغط البشري على الطبيعة منذ السب

إن النظم الإيكولوجية، نسيج الحياة الذي نعتمد عليه جميعاً في كوكبنا، تتناقص بسرعةٍ فائقة مع مرور الزمن بسبب التصرفات البشرية. ولكن قد يكون هناك وقتٌ لإنقاذها.

ازداد الضغط البشري على الطبيعة منذ السبعينيات. فقد استخدمنا المزيد والمزيد من الموارد الطبيعية لنتطور ونستمر في حياتنا، وقد جاء ذلك بتكلفةٍ باهظةٍ جداً من الطبيعة.

وإذا فقدنا أجزاءً كبيرةً من العالم الطبيعي الذي يحتوينا وموجودٌ حولنا في كل مكان، فإن نوعية حياة الإنسان ستقل بشكلٍ كبير، وستتعرض حياة الأجيال القادمة للتهديد ما لم يتم اتخاذ إجراءاتٍ فعالة لتغيير واقعنا التدمير لكوكبنا.

على مدار الخمسين عاماً الماضية، انخفضت قدرة الطبيعة على دعمنا وإمدادنا بما نحتاجه من موارد، كما انخفضت جودة الهواء والماء، وخصوبة التربة، والمحاصيل التي أصبحت تفتقر للملقحات، والسواحل أصبحت أقل حمايةٍ من العواصف والأعاصير المدمرة.

في هذا السياق وبدوره قضى البروفيسور أندي بورفيس رئيس قسم الأبحاث في أحد المتاحف الطبيعية ثلاث سنواتٍ في دراسة التفاعلات الإنسانية مع الطبيعة الأم على مر التاريخ، حيث قام ببحثه هذا إلى جانب خبراءٍ من أكثر من 50 دولةٍ مختلفةٍ حول العالم.

ورسمت الدراسة صورة مروعة عما نفعله بكوكبنا نحن البشر. فنحن نقوم بتغيير الطبيعة على نطاقٍ عالمي، دون أن ندرك ذلك حتى.

يقول البروفيسور: "كان من المخيف للغاية أننا أدركنا أننا كنا نخاطر بكوكبنا ، وكأننا كنا نلعب لعبة الروليت الروسي مع كوكبنا الوحيد الذي نعيش عليه. لكن البحث كان ملهماً أيضاً لنا، لأننا نستطيع أن نغير الواقع ونخرج كوكبنا من هذا المأزق لا محالة".

وعن ماذا يحمل المستقبل لنا حلل التقرير بالتفصيل كيف سيبدو العالم ضمن ثلاثة سيناريوهاتٍ مختلفة للغاية في المستقبل.

السيناريو الأول هو الاستدامة العالمية، وفي هذا السيناريو سيتحول العالم بأسره نحو الاستدامة من خلال احترام الحدود البيئية، والتأكد من أن التنمية الاقتصادية تشمل الجميع. حيث يتم توزيع الثروة بالتساوي، وسيصبح استهلاكنا للموارد والطاقة أقل، و يزيد التركيز على النمو الاقتصادي ورفاهية الإنسان دون الإضرار بالبيئة.

أما السيناريو الثاني هو المنافسة الإقليمية، في هذا السيناريو سيكون هناك ارتفاعٌ في الشعور بالقومية، مع التركيز في الغالب على القضايا المحلية للشعوب. ويشير السيناريو أن هناك استثماراتٌ أقل في التعليم، خاصةً في العالم النامي، حيث ستستمر البلدان المرتفعة الدخل في تصدير الضرر لغيرها من الشعوب الفقيرة و النامية، مما سينتج عنه بعض الدمار البيئي القوي والدائم الذي يتعين على الأجيال القادمة التعامل معه.

والسيناريو الأخير هو التفاؤل الاقتصادي وفي هذا السيناريو سيضع العالم ثقته في التقنيات الجديدة والمبتكرة التي لا يزال يتعين علينا اختراعها، والتي ستساعدنا على التعامل مع المشاكل البيئية المختلفة التي يخبئها لنا المستقبل. حيث سوف تستمر الانبعاثات الغازية، ولكن مع وجود إيمان بأن التكنولوجيا سوف تخففها. كما سيكون هناك استثمارٌ أقوى في مجالي الصحة والتعليم ، وسيتم دمج الأسواق العالمية بشكلٍ معقولٍ مع الأهداف المشتركة للدول .

وتشير الدراسة أن مكافحة فقدان النظم الإيكولوجية ستكون عمليةً معقدة، وستتطلب مقاربةٍ مترابطة وواضحة أيضاً. مما سيعني التفكير في كيفية تفاعل المكونات المختلفة للمشكلة مثل الطبيعة والسياسة والاقتصاد الاجتماعي مع بعضها البعض. وعلى سبيل المثال، يمكننا تقليل فقدان التنوع البيولوجي عن طريق تغيير الطريقة التي نزرع بها، وفي الوقت نفسه التأكد من حصول الناس على ما يكفيهم من الغذاء، ودون تقويض لسبل عيشهم، بحيث لا تؤثر هذه التغييرات أو تؤدي لتفاقم النزاعات الاجتماعية أيضاً.

وقد تكون الطريقة المثلى لتجنب بعض هذه القضايا هي التركيز على تجديد واستعادة النظم الإيكولوجية عالية الكربون مثل الغابات والأراضي الرطبة الخصبة. وبالمثل، يمكن تلبية الحاجة إلى الغذاء عن طريق تغيير الخيارات الغذائية وتقليل الفاقد والترشيد في الاستهلاك البشري للموارد الطبيعية.

كما يعد التحول إلى الطاقة النظيفة خطوةً مهمة حسب الدراسة، لأنها تسمح بتنفيذ التغييرات الأخرى بسهولةٍ أكبر، حيث أن الحصول على الفحم والغاز يتطلب تدمير كمياتٍ هائلة من الأراضي والمناظر البحرية وكذلك تلويث البيئة.

ولكن من أجل تحقيق ذلك بشكلٍ كامل، يحتاج العالم إلى إعادة تقييم الهياكل السياسية الحالية والأعراف المجتمعية، والتي لا تميل إلى تقييم الطبيعة أو تؤذيها.

وتشير الدراسة إلى أنه يمكن القيام بذلك بطريقةٍ واحدة، وهي عن طريق تحسين السياسات واللوائح البيئية القائمة، وكذلك إزالة وإصلاح السياسات الضارة.

وهنا يقول آندي: "آمل أن يرى الناس أن هذه ليست تدريبات، هذه حقاً حالةٌ طارئة وآمل أن يتصرفوا بناءً عليها".

وقررت الأطراف المشاركة في اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي (CBD) أن تقرير التقييم العالمي IPBES سيشكل قاعدةً من الأدلة العلمية والتقنية للمفاوضات الحكومية الدولية في عام 2020، للاتفاق على إطارٍ عالمي للتنوع البيولوجي في العقد القادم، واستبدال أهداف أي شي للتنوع البيولوجي التي تنتهي في العام المقبل بأهدافٍ جديدة.

ومن جانبها تخلص آنا ماريا هرنانديز ، رئيسة التقييم العالميIPBES، إلى أن هذه الدراسة الجديدة تجعل الأمر واضحاً للجميع بأننا نحتاج إلى تغييرٍ عميق على نطاق العالم، وأن هذا يتطلب إجراءً عاجلاً من صناع السياسة، والقائمين على الأعمال التجارية، ورؤساء المجتمعات المحلية، وكل فرد فينا على كوكب الأرض.