أخبار

تركيا وسوريا: غياب الاستراتيجية الأوروبية وإلقاء اللوم على ترامب

11 تشرين الأول 2019 12:25

نشر معهد إيغمونت المعهد الملكي للعلاقات الدولية، تحليلاً استراتيجياً ترجمه موقع النهضة نيوز حول إعلان تركيا عملية نبع السلام وشنها حرب على الأكراد في شمال سوريا، لإنشاء "منطقة أمنة" بين الدولتين لعودة

نشر معهد إيغمونت المعهد الملكي للعلاقات الدولية، تحليلاً استراتيجياً ترجمه موقع النهضة نيوز حول إعلان تركيا عملية نبع السلام وشنها حرب على الأكراد في شمال سوريا، لإنشاء "منطقة أمنة" بين الدولتين لعودة الاجئين السوريين في تركيا، وحول غياب دور دول الاتحاد الأوروبي في الصراعات العالمية. 

وقال معهد إيغمونت الدولي، إن "دول الاتحاد الأوروبي يلقون باللوم على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لسحب القوات الأمريكية من شمال سوريا، مما يمهد الطريق أمام تركيا لإرسال قواتها المسلحة عبر الحدود التركية السورية وإنشاء "منطقة أمنية" آمنة بين الدولتين، ولكن هذه ليست المرة الأولى التي تقوم الولايات المتحدة بالتضحية بحلفائها الأكراد، الذين قاتلوا جنباً إلى جنب مع القوات الأمريكية ضد داعش الارهابية في سوريا".

وأضاف معهد الدراسات الدولية: "أنه أثناء حرب الخليج الأولى في عام 1991، كان صدام حسين طُرد من الكويت، لكن سُمح له بقمع الأكراد داخل العراق بوحشية، ولكن حينما يطرح السؤال الأهم: "ماذا سيحدث الآن مع مقاتلي داعش الذين تم أسرهم والذين كانت القوات الكردية تحرسهم؟"، فلا يمكن لأحد أن يجيب أو يتنبأ بالإجابة".

وتابع المعهد: "أنه من الصعب أخذ الموقف الأوروبي بجدية، حيث يبدو أن أوروبا تشعر بأن الوجود العسكري الغربي في شمال سوريا ضروري للحفاظ على أمنها واستقرارها، لكن أوروبا لم تكن مستعدةً لنشر قواتها بنفسها في تلك الأزمة والتدخل في الصراع السوري مع داعش.

وأشار المعهد إلى أن تركيا وسوريا تقعان على الحدود مع أوروبا، وليس على الحدود مع الولايات المتحدة الأمريكية، مما يعني أن أوروبا ستعاني من العواقب إذا تصاعد العنف مرة أخرى في سوريا، وهذه المرة، لمرةٍ واحدة، لا يمكن إلقاء اللوم على ترامب عندما يقول إن الأوروبيين يجب أن يتحملوا المزيد من المسؤولية في منطقتهم".

ولفت معهد الدراسات للعلاقات الدولية إلى أن الموقف الأمريكي ليس جديداً، وبطبيعة الحال، سوف تساعد الولايات المتحدة الأمريكية أوروبا من خلال قوات حلف الناتو في حالة وقوع هجوم عليها، مشيرةً إلى أنه منذ نهاية الحرب الباردة، أشارت الولايات المتحدة مراراً وتكراراً إلى أن الأمر يرجع إلى أوروبا نفسها لمعالجة المشكلات الأمنية في جميع أنحاء أوروبا والمناطق المحيطة والمنوطة بها، كما كان موقف الولايات المتحدة واضحاً للغاية بشأن الحماية، ولن تعمل الولايات المتحدة حارس أمن لأوروبا.

وأوضح معهد إيغمونت أن الأوروبيون تظاهروا بعدم سماعهم للرؤية الأمريكية، إذا تمكنوا من إقناع أنفسهم بأنه في حال حدوث أي شيء سيء، فإن سلاح الفرسان الأمريكي سيأتي دائماً ويحلّ مشاكلهم، مما جعلهم يعتقدون بأنه ليس من الضروري تعزيز قدراتهم الدفاعية، وحتى يحين الوقت الذي لا يظهر فيه سلاح الفرسان الأمريكي، أو يتراجع قبل الأوان.

ونوه المعهد إلى أنه تم التنبؤ بحالة اليوم منذ بداية الحرب ضد داعش، وهزيمة داعش كانت حتمية، لكن الحرب في سوريا ستنتهي فقط عندما تستنفد جميع الأطراف الأخرى، مشيراً إلى أن ذلك كان متوقعاً، وكانت النتيجة حالة من الجمود فهناك مجموعات مختلفة تسيطر على أجزاء من الأراضي السورية، والتي لا تستطيع الحكومة السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد طردها، لكنهم لم يعد بإمكانهم تهديد أو الإضرار بحكم الأسد أيضاً.

 وأستطرد المعهد قائلاً: إنه "من اللحظة التي اندلعت فيها الحرب، كان يجب وضع استراتيجية شاملة، وتحديد من هي المجموعات التي تستحق الدعم الغربي السياسي والاقتصادي والعسكري الدائم، وبمعنى آخر، ما هي المجموعات التي لا يمكن التخلي عنها".

وبين معهد إيغمونت الدولي أنه لم يرغب الأوروبيون في إجراء هذا النقاش، حيث كان هذا الموقف عكس الاستراتيجية التي ذكرناها للتو، حيث اختارت تلك الدول المشاركة في العمليات القتالية، دون أي فكرة عن الغاية السياسية المنشودة التي يجب أن تنتجها الحرب.

وشدد المعهد الدولي على عدم مواجهه دول الاتحاد الأوروبي القوات المسلحة التركية الحليفة لحلف الناتو، بعد ما عبرت القوات التركية إلى سوريا، حيث يهدد الاتحاد الأوروبي بعدم تقديم أي مساعدة لتحقيق الاستقرار والتنمية إلى الأراضي التي تسيطر عليها تركيا إذا لم تُحترم حقوق المواطنين الاكراد، لكن هذا من غير المرجح أن يوقف الرئيس أردوغان.

وأكد المعهد أن الوضع المحزن الحالي مرةً أخرى ما يعرفه الاتحاد الأوروبي بالفعل، لكنه لم يتصرف بعد، حيث يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى استقلال استراتيجي، وهذا يعني، أولاً وقبل كل شيء، القدرة على شن عمليات عسكرية في جوارها بالاعتماد فقط على الجيوش الأوروبية، لأنه لن نجد أحداً سيدافع عن مصالح أوروبا بدلاً منها.

وأردف معهد إيغمونت للدراسات الدولية قائلاً: "إنه منذ عام 1999، كان هذا هو الهدف الرسمي لسياسة الأمن والدفاع المشتركة للاتحاد الأوروبي (CSDP)، وبعد عشرين عاماً، ربما يمكن تحويله إلى حقيقة واقعية، بفضل أدوات مثل التعاون الدائم المهيكل (PESCO) وصندوق الدفاع الأوروبي التابع للمفوضية الأوروبية (EDF)، مع وجود وزير دفاع سابق في منصب رئيس المفوضية، أورسولا فون دير لين.

وتحدث معهد إيغمونت الدولي " أن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى القدرة على إبراز القوة العسكرية، وعدم التدخل في كل أزمة يجب تغييره بكل تأكيد، ويجب أن يظل استخدام القوة أداة الملاذ الأخير لأوروبا، لكن الجهة الذي لا تملك القوة العسكرية، ستقع حتماَ في مواقف لا تستطيع فيها التصرف، على الرغم من أن مصالحها الأمنية معرضةٌ للخطر، وعلى الرغم من قوتها السياسية والاقتصادية العظيمة.

وختم المعهد تحليله الاستراتيجي "إن الاتحاد الأوروبي وحده هو الذي يستطيع ضمان عدم بقاء أوروبا مرةً أخرى طرفاً ثانوياً تجلس على دكة الاحتياط في الصراع والساحة العالمية.