تقارير وحوارات

المصارف تخنق الشريان الحيوي للعملية الانتاجية في لبنان

محمد حيدر

30 تشرين الثاني 2019 16:21

سدد مصرف لبنان المركزي الاسبوع الماضي مبلغ مليار ونصف المليار كديون خارجية أو خدمة ديون خارجية مستحقة عليه، وفي ذات الوقت استدان المصرف حوالي ثلاث مليارات لتضاف الى الدين العام الخارجي. صحيح ان الم

سدد مصرف لبنان المركزي الاسبوع الماضي مبلغ مليار ونصف المليار كديون خارجية أو خدمة ديون خارجية مستحقة عليه، وفي ذات الوقت استدان المصرف حوالي ثلاث مليارات لتضاف الى الدين العام الخارجي.

صحيح ان المصرف استطاع ان يتماشى مع متطلبات ديونه الخارجية ليجعل من الملائمة المالية في لبنان سليمة او مطمئنة لأصحاب الديون في الخارج الا ان هذا لا يعني ان هذه السياسة المالية سليمة، خصوصا وأن المصرف يرتب مزيد من الديون الخارجية على لبنان لتمويل متطلبات الدولة والقطاع المصرفي من السيولة.

وعلى رغم صحة هذه الخطوة بتسديد الديون الخارجية الا ان هناك سياسات مصرفية على مستوى الداخل اللبناني وخاصة المصارف، لم يستطيع تجاوزها، إذ لم يتسطع البنك المركزي كسب ثقة المودعين اللبنانيين والجمهور اللبناني بشكل عام. فالسياسات التي اتبعها البنك خلال السنوات الماضية كانت سياسات قاتلة للقوة المالية للاقتصاد اللبناني ومميتة للقطاع المالي بشكل عام وتنازل غير قانوني للمصارف بالسماح لها بنهب المال العام عن طريق السندات الحكومية في ظل فساد يمتد من البنك المركزي عبر السياسات المالية الخاطئة وصولا الى الهندسيات المالية التي تتطلب تحقيقا قضائياً اصبح لازما لحماية الليرة اللبنانية من العبثية التي يتبعها المصرف.

وما السياسات والاجراءات التي اتبعها البنك المركزي اللبناني خلال الشهر الماضي الا خروقات قانونية وعبثية في ادارة المال العام والقطاع المصرفي. لم يستطيع الشارع اللبناني استيعاب الخطوات التي قام بها مصرف لبنان بالسماح للمصارف بتقنين الدولار والليرة اللبنانية معا في وقت تمر به البلاد بأزمة مالية خانقة احد اسبابها التعاطي الحكومي مع الملفات المالية وواردات الدولة المنهوبة وثانية نهب المصارف للمال العام وحجب ودائع المواطنين بشكل غير قانوني والحد من سحوباتهم التي من المفترض ان يضمنها لهم البنك المركزي.

ان سكوت البنك المركزي او تواطؤه مع المصارف امر غير قانوني وسابقة تعد تعدي على حقوق المودعين التي يضمنها القانون اللبناني ويراقبها البنك المركزي بضمانة نسبة عالية من هذه الودائع في خزانته. ولم يستطع المواطن اللبناني ان يستوعب هذا الامر الذي جعله يقلق على مصير امواله ويدفعه الى حالة من عدم الثقة بالمصارف. ولعل اهم انعكاسات هذه السياسة الغبية التي اتبعتها المصارف وسكت عنها المصرف المركزي جعل من المواطن العادي لا يثق بالمصارف واصبح لزاما عليه ان يفتش عن وسائل اخرى للحفاظ على ودائعه مما يعرضها للخطر في ظل تسلط المصارف على المواطن بهذا الشكل غير القانوني. ثانيا عندما تمتنع المصارف عن سداد التزاماتها تجاه المواطن وترفض في نفس الاونة استلام التزامات على المواطن بالليرة اللبنانية فمن الطبيعي ان يحجم المواطن والتاجر وكل من يودع امواله في حسابات جارية من المفترض ان تكون جاهزة لتحويل واستلام مبالغ من تجارته او اعماله اليومية فيصاب بحاله من عدم اليقين مع البنوك الامر الذي يجعله يحجم عن ايداع امواله في حساباته المصرفيه لان المصرف لن يسدد له امواله في حال كان عليه التزامات تجاه الاخرين.

ان سلوك المصارف بهذا الشكل الهمجي والتسلطي وغير القانوني على ودائع المواطنين امر يستحق اعادة النظر من المصرف المركزي ومعاقبة البنوك التي قامت بهكذا خطوات واجبار القضاء على ملاحقة من يقوم بهذه الاعمال غير القانونية. ان سياسة كهذه تعد مقتل للشريان الرئيسي للبنوك نفسها اذ هي المستفيدة الاولى من ودائع المواطنين والتجار ورجال الاعمال. ان هكذا خطوة تقطع دفق الدم في الشريان الحيوي للجهاز الدمي لهيكل الاقتصاد اللبناني. وبالتالي هي عملية خنق للعملية الاقتصادية الانتاجية والدولة الاقتصادية التي لا يمكن ان تتكامل في حال وجود ثغرة مالية تعد هي الحلقة الاقوى في العملية الانتاجية.

ان هذا السلوك المصرفي غير القانوني يذكر اللبنانيين بما جرى في قبرص منذ عدة سنوات ويعيد لبنان الى ذاكرة الانظمة الشيوعية عندما كانت تقنن عليهم الاطعمة ووسائل معيشتهم. فعدم وجود قدرة ماليه للمواطن هي بمثابة عدم وجود خبز اقتصادي ومالي في القطاعات الانتاجية. وليست هذه السياسة التي تتبعها المصارف بمثال يمكن ان يضرب او يعمم عن سلوكها في المحافل الدولية لينال لبنان سمعة مالية واقتصاديه سيئة يمكن ان يستغلها كثير من الدول المعادية للتحريض على لبنان في المحافل الدولية وتكون البنك ساهمت بتحويل سمعة لبنان العالمية الى مستوى دول الفساد وعدم الثقة فيها.

لقد اصبح لزاما على الدولة اللبنانية القيام بتحقيق قضائي لمعرف الاسباب القانونية الموجبة لتصرفات المصارف بهذا الشكل غير القانوني لودائع الموطنين ووضعهم في حالة اقتصاديه ومالية غير سليمة حيث بداءت تطال معيشتهم ووسائل عيشهم.

ان المطالبين بحقوقهم في الشوارع مطالبين برفع صوتهم ضد الفساد وضد السياسات الفاسدة التي يقوم بها مصرف لبنان والمصارف التي وضعت يدها على المال العام وتقوم بنهبه بالتواطيء مع اصحاب القرار في البنك المركزي.

على المطالبين بحقوقهم ان يقفوا صفا واحدا ضد سياسة المصارف وسياسة النهب للمال العام والتصويب على من احكتر القطاعات الانتاجية وقطاعات حيوية من الاقتصاد اللبناني وان يقفوا ضد حيان المال وحيتان النهب للأراضي والاملاك العامة ومحاسبة كل من له علاقه بنهب المال العام.