أخبار لبنان

"الحريري" يختار طريقا التفافيا لإسقاط "دياب"

فريق التحرير

20 كانون الأول 2019 09:55

قطع اختيار حسان دياب رئيساً للحكومة الطريق على إنفاذ رغبة واشنطن بتسمية نواف سلّام، بدا واضحاً يوم أمس أن الكتل اللبنانية نفذت ما يشبه انقلاباً على المشيئة الأمريكية، فيما لم يضع سعد الحريري أياً من "

قطع اختيار حسان دياب رئيساً للحكومة الطريق على إنفاذ رغبة واشنطن بتسمية نواف سلّام، بدا واضحاً يوم أمس أن الكتل اللبنانية نفذت ما يشبه انقلاباً على المشيئة الأمريكية، فيما لم يضع سعد الحريري أياً من "عصيه" في "دواليب" الرئيس الجديد حتى اللحظة، ربما لم يشأ أن يسمى منافساً لدياب، لأن في ذلك إنهاءً لكل مناورة يمكن أن يقوم بها على طريق إعادة تكليفه، كما أنه اختار أن لا يواجه شركاءه الذين وقفوا معه في الحكومة المستقيلة وساندوه في ظل القرار الأمريكي السعودي بإبعاده عن رئاسة الحكومة.

بالنسبة لأمريكا التي تستسهل التصنيف بين "أبيض وأسود" فإن حسان هو مرشح حزب الله، ولا شيء غير ذلك، وأمام الفرضية الأمريكية، يمكن الجزم أن "المستقبل والقوات" وإن التزموا الصمت أمام تمرير "دياب" وتشديد "الشيخ سعد" أمام كتلة المستقبل بضرورة منح دياب فرصة لأن البلاد تمر بأزمة، والامتناع عن الانتقاد لمدة 100 يوم، فإن موقفهم الحقيقي في ظل تمسك الحريري بعدم المشاركة في حكومة "دياب"، دللت عليه تظاهرات أنصارهم أمام منزل رئيس الحكومة الجديد، وقطع الطرقات الذي استمر طوال الليلة الماضية، ما يعني بالضرورة أن ثمة مخطط آخر، يختبئُ وراء الصمت.


طالع الطرقات المقطوعة حالياً في نطاق الشمال والجنوب وبيروت

بالنسبة لدياب الذي تعهد بتشكيل حكومته على وجه السرعة، فإنه من المؤكد أن تأليف الحكومة لن يكون سهلاً، مربط الفرس هنا، أن عدم مشاركة الحريري ومن خلفه تيار المستقبل، يعني أن الحكومة ستكون من لون واحد، وهو ما يرفضه الثنائي الشيعي، لأنه يقدم مبرراً لاستمرار الفوضى ويساهم في زيادة عزلة البلاد، ما يعني، أن هذه الحكومة قد لا تولد أساساً، وهذا هو طريق "الحريري" الالتفافي، للعودة إلى السراي الحكومي.

أكثر ما هو مزعج في موقف "الحريري" أنه يسير على حدي السكين، هو يعلم أنه الخيار المفضل لـ حزب الله وحركة أمل، ويعلم أنه حلفاؤه هم من قطع الطريق عليه في اللحظات الأخيرة التي سبقت تكليفه، لذا، يعيش الرجل خصومةً فيها الطاعة والإذعان مع حلفاؤه الدوليين، وخصومةً أصيلة فيها المكيدة والمراوغة مع عدوّه "الودود" حزب الله، وحين يناصب حسان دياب العداء ويستخدم الشارع في اسقاطه، سيبدو وكأنه يخالف مقولته "الأثيرة الزاهدة: ليس أنا بل أحد غيري" بقولٍ معاكس تثبته الوقائع: "أنا ولا أحد غيري"، حتى لو شكّل دياب حكومة من الاختصاصيين كما اشترط الحريري. لكن هل يهتم "زعيم المستقبل" لما سَيقال وهو يتسلح بكتلةٍ صلبةٍ من الأنصار، الذين يبرعون في اشعال الشارع بمباركة "أمريكية – خليجية"، وربما يصح أن نتساءل بصيغة مغايرة، إلى أي مدى يتحكم الحريري في إرادة طائفته، وماذا يريد من هم في الشارع اليوم؟، لقد فرحوا حينما استقال وأعطوه شهادة براءة الكف، وغضبوا حينما سمى "هو" سمير الخطيب، وثاروا فرحاً بقرار دار الفتوى باختيارهم الحريري حصراً لرئاسة الحكومة، واليوم يثورون حينما يوافق "هو" على "حسان"؟، هذه التحديات جميعها، ستضع رئيس الحكومة الجديد، أمام تحديات لا سبيل لتلافيها، فرغم أن تشكيل الحكومة على وجه السرعة، سيساهم في انقاذ ما يكمن انقاذه من اقتصاد البلاد المتهاوي، إلا أن ولادة هذه الحكومة ستكون قيصرية، وهذا إن ولدت أصلاً، لأن خيار اسقاط دياب قائم، وفرصه سهلة.

بتكليف "دياب" نزع اللبنانيون "صاعقاً" أمريكياً أُعد لمواجهة حزب الله، فقد كان نواف سلام، خياراً غربياً خليجياً صرفاً، لكنه فتح الطريق أمام لعبة جديدة، وعلى المقلب اللبناني الداخلي، بدا وليد جنبلاط منزعجاً من خذلان قوى المستقبل لنواف سلام، واتهمهم بـ "بالعقم والافلاس"، لم يعسكر جنبلاط وراء موقف الحريري هذه المرة، فـ قد كان نواف سلام بالنسبة له خياراً شخصياً أكثر من أي شيء آخر.

اقرأ أيضاً: من هو حسان دياب رئيس الحكومة اللبنانية الجديد

في محصلة الأمر، نال اللبنانيون رئيس حكومة من المفترض أن يكون على مقياس تطلعاتهم، فـ بروفيسور الهندسة في الجامعة الأمريكية، وصّف نفسه على الدوام، بأنه سياسي تكنوقراطي، أفضل ما لديه، وربما أسوأ، أنه ليس شخصية شعبية، وليس مثيراً للجدل والخلافات، قال الرجل الذي يبلغ من العمر 60 عاماً، عقب انتهاء الاستشارات الملزمة: " سأشكل حكومة تكون بمستوى تطلعات اللبنانيين. تُلامس هواجسهم، وتحقّق مطالبهم، وتطمئنهم إلى مستقبلهم، وتنقل البلد من حالة عدم التوازن التي يمر بها، إلى مرحلة الاستقرار، عبر خطة إصلاحية واقعية لا تبقى حبراً على ورق، وإنما تأخذ طريقها إلى التنفيذ سريعاً". وعليه، سيكون على الأيام القادمة، أن تحدد مصير حكومة "حسان" المنتظرة، ومصير البلاد أيضاً.