أخبار

لماذا تقاتل تركيا لحصد نفوذ في ليبيا وكيف سيؤثر تدخلها على الصراع الداخلي؟

22 كانون الأول 2019 11:12

وافق البرلمان التركي على اتفاق تعاونٍ أمنيٍ وعسكريٍ مع حكومة الوفاق الليبية التي تتخذ طرابلس مقراً لها. في الوقت الذي ما زالت تغرق فيه ليبيا الغنية بالنفط في حالةٍ من الفوضى العارمة التي بدأت منذ أن أ

وافق البرلمان التركي على اتفاق تعاونٍ أمنيٍ وعسكريٍ مع حكومة الوفاق الليبية التي تتخذ طرابلس مقراً لها. في الوقت الذي ما زالت تغرق فيه ليبيا الغنية بالنفط في حالةٍ من الفوضى العارمة التي بدأت منذ أن أطاحت ثورةٌ مدعومة من حلف شمال الأطلسي بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي قبل ثماني سنوات.

منذ ذلك الحين، أصبحت الدولة الواقعة في شمال إفريقيا منقسمةً بين إدارات متنافرةٍ بشدة في الشرق والغرب، و كلٌ منها مدعومٌ من قوى خارجية. ففي حين أن حكومة الوفاق الوطني في طرابلس في غرب البلاد مدعومةٌ من تركيا وقطر، فإن الجنرال خليفة حفتر الذي يسيطر على شرق البلاد يحظى بدعم المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة .

وفي وقتٍ سابق، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: إن أنقرة مستعدةٌ لإرسال قواتها إلى ليبيا إذا طلبت طرابلس ذلك، لكن الاتفاق الحالي لن يسمح للقوات التركية المقاتلة بالذهاب إلى ليبيا بعد. لكنه سيسمح بعمليات تبادل الجيش والشرطة لأغراض التدريب وتوثيق التعاون في مجالاتٍ عديدة تشمل الاستخبارات ومكافحة الإرهاب وصادرات الدفاع والتدريب العسكري المتطور.

حكومة الوفاق الوطني، دفعت لهذه الاتفاقية  في محاولة لخلق توازن قوى مع حفتر، ويقدر المحللون: "أن أنقرة لها مصالحٌ جيوسياسية أخرى في البلد التي أرهقتها الحرب والنزاعات الداخلية".

لماذا طلبت حكومة الوفاق الوطني المساعدة من تركيا؟

تمكنت القوات ، بدعمٍ من الجماعات المسلحة من السيطرة على مدينة مصراتة الواقعة على بعد 200 كيلومتر شرق طرابلس، من صد قوات حفتر التي تحاول الاستيلاء على العاصمة منذ أبريل الماضي. ولكن حفتر سيطر على السماء بطائراتٍ من طراز "وينج لونج" صينية الصنع، التي قدمتها الإمارات العربية المتحدة لحفتر، وفقاً للأمم المتحدة ومحللين سياسيين.

وقال المحلل أرنود ديلالاندي:" إن تركيا أرسلت طائراتٍ مسيرة من طراز بيراكتار إلى قوات الجيش الشعبي لمواجهة قوات حفتر، لكنها كانت منخفضة الجودة أمام الأسلحة المتطورة التي قمها داعمي حفتر له، ما أدى إلى تدميرها.

وتقول التقارير: إنه" على أرض الواقع، تلقت القوات المؤيدة لحفتر مؤخراً دعماً سخياً من متعاقدين مع مجموعة "فاغنر" العسكرية، وهي مجموعةٌ عسكريةٌ خاصة يعتقد أن من يسيطر عليها أحد حلفاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. في حين نفت روسيا إرسال مرتزقةٍ للقتال في ليبيا.

ما هي المساعدات التي ستقدمها تركيا لليبيا؟

قال ديلالاندي: " من المحتمل أن ترسل تركيا أنظمة دفاعٍ جوي إلى قوات السراج، بما في ذلك تكنولوجيا التشويش على الطائرات المسيرة، إلى جانب المستشارين وسربٍ من الطائرات المسيرة الأكثر حداثة من تلك التي أرسلتها سابقاً.

وأضاف ديلالاندي أن: "مثل هذا الدعم يمكن أن يؤدي إلى إعادة توازن القوى في ساحة القتال الليبية حيث نشرت مجموعة فاغنر العسكرية أنظمةً مضادةً للطائرات المسيرة، والتي أسقطت طائرةً أمريكية وأخرى إيطالية في وقتٍ سابق. لكن من غير المحتمل أن تنشر أنقرة قواتها أو ترسل طائراتٍ مقاتلة للقيام بضرباتٍ جوية معقدة أو قاتلة في الأراضي الليبية.

فتركيا ليس لديها قاعدةٌ جويةٌ قريبةٌ بما يكفي من ليبيا للقيام بضربات سرية، كما تفعل الإمارات العربية المتحدة التي تشن هجماتها السرية من مصر المجاورة لليبيا.

على الرغم من ذلك، ووفقاً للمحلل السياسي الليبي عماد بادي: "فإن الدعم التركي للحرب الوطنية قد يكون تغييراً للعبة السياسية وميزان القوى الحالي، اعتماداً على شكل المساعدات العسكرية التي ستقدمها تركيا لقوات السراج.

ما الذي يهم أنقرة في ليبيا؟

قال بادي المحلل السياسي بمعهد الشرق الأوسط: " تمسك تركيا بالعلاقات التوافقية مع قوات السراج هو بسبب مزيجٍ من العوامل الجيوسياسية والإيديولوجية على حدٍ سواء".

إذ تهتم تركيا في المقام الأول بمواجهة تأثير منافسيها الإقليميين، مثل: الإمارات العربية المتحدة ومصر، الذين يدعمون حفتر ويعارضون الحركات الإسلامية القريبة من أنقرة. أيضاً لديها، مصالحٌ اقتصادية واستراتيجية في دعم قوات السراج أيضاً.

جدير بالذكر أن حكومة طرابلس  التي يترأسها فايز السراج، وقعت مؤخراً اتفاقيةً بحريةً مع أنقرة لتوسيع نطاق مطالبات تركيا في مساحةٍ كبيرة من البحر المتوسط بالقرب من الشواطئ اليونانية.

إذ أدى اكتشاف احتياطياتٍ هائلةٍ من الغاز في شرق البحر المتوسط ​​في السنوات الأخيرة إلى خلافاتٍ إقليميةٍ شديدة بين تركيا وجيرانها من الدول الساحلية مثل اليونان ومصر والاحتلال الإسرائيلي وقبرص.

وفي  الوقت الذي هدد فيه الاتحاد الأوروبي أنقرة بفرض عقوباتٍ على أعمال الحفر غير القانونية قبالة سواحل قبرص، إلا أن تركيا تأمل أن يساعد اتفاقها مع طرابلس في استكشاف الموارد الطبيعية في المنطقة بشكلٍ قانوني.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، أرسلت تركيا التي احتلت الجزء الشمالي من قبرص منذ عام 1974 طائرةً عسكرية مسيرة مؤخراً إلى الجزيرة، و حذرت من أنها ستحظر جميع عمليات التنقيب عن الغاز التي تتم دون موافقتها.