تقارير وحوارات

مليارات تُهرب إلى الخارج ومواطنون "يتوسلون" أموالهم على أبواب المصارف

فريق التحرير

26 كانون الأول 2019 17:40

وقع اللبنانيون، الأغنياء منهم الفقراء ضحيةً لقرارات المصارف بتقنين سحب أموال الودائع، بالمعنى الحرفي للكلمة: نحن نتوسل أموالنا" قالت ياسمين التي تركت مدخراتٍ تقدر بآلاف الدولارات لـ مراسل النهضة نيوز،

وقع اللبنانيون، الأغنياء منهم الفقراء ضحيةً لقرارات المصارف بتقنين سحب أموال الودائع، بالمعنى الحرفي للكلمة: نحن نتوسل أموالنا" قالت ياسمين التي تركت مدخراتٍ تقدر بآلاف الدولارات لـ مراسل النهضة نيوز، المواطنة الخمسينية التي التقيناها على باب أحد المصارف، صُدمت بأن ما سمعته عن اجراءات التقنين صحيح، فهي لم تستطع أن تسحب من رصيدها سوى 200 دولار في كل أسبوع.

تقول ياسمين التي تبدو عليها علامات الاستياء: شقى عمرى أنا وزوجي راح للمجهول، ما طالع بايدنا نسحب من مصرياتنا إلا ملاليم" ورغم محاولاتها لساعات مع مدير المصرف، إلا أنها انصرفت في النهاية يائسة، لأن قانون التقنين علا على صوتها وصراخها المتواصل بحاجتها للمال لأسباب صحية.

إلى جانب ياسمين، وقف الشاب الثلاثيني على مديراً حواراً وصفه بـ "السريالي" مع موظف البنك، الذي ساومه على صرف المبلغ له بـ فئة العشرات، لكن مصطفى طالب بسحب أمواله "مئات" كما وضعها، لكن صراخ حنين كان قد علا ليغطي على حديثنا مع مصطفى، تقول الشابة العشرينية لـ النهضة نيوز، بأنها وبعد انتظارٍ طويل على الدور، "صفعتها" موظفة البنك، بنفاد الدولار من البنك، سيكون على حنين، أن تسحب المبلغ الذي تريد بالليرة اللبنانية، وتعاود صرفه بالدولار، متحملة فرق العملة، بين سعر البنك والسوق السوداء.

مصادر مصرفية، قالت لـ النهضة نيوز أنه ومع تصاعد الأزمة، تحاول المصارف المحافظة على أكبر قدر من احتياطي العملة الأجنبية، لذا، فقد لجأت إلى تقنين سحب الودائع لـ تصل في بعض المصارف، إلى 100 دولار أسبوعياً فقط، لكن من هم أسوأ حالاً من المودعين، هم الموظفين الحكوميين الذين لم يعد مسموحاً لهم سحب رواتبهم بالكامل، فيما تتزايد عليهم الالتزامات الشهرية.

وما يزيد تخوفات المواطنين هو ما تتناقله بعض الأوساط عن احتمالية وقف سحب الأموال من البنوك بالدولار أساساً، واجبار الجميع على السحب بالليرة اللبنانية، الأمر الذي نفاه رئيس جميعة المصارف سليم صفير، كما رجّح أحد الصيارفة في حديثه مع مراسل النهضة نيوز، أن اجراءات المصارف ستتوقف حد تخفيض نسبة السحب بالدولار، لا وقفها بالكامل.

وبحسب الصراف الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، فان مخاوف البنوك تتمثل في لجوء كبار المودعين إلى نقل أموالهم إلى المصارف الأجنبية، أو حتى تحريريها من المصارف إلى البيوت، الأمر الذي سيدخل البلاد في أزمة شح الدولار، وتدمير لليرة اللبنانية، ما يتطلب وفق رأي الصراف، إجراءات حكومية من شأنها إعادة ثقة المواطنين بالمصارف.

بموازاة ذلك، تنبأ مراقبون اقتصاديون بأن تتطور الأزمة في ظل حالة عدم الاستقرار التي تعيشها البلاد، إذ يؤثر تعثر تشكيل حكومة الرئيس حسان دياب على الوضع سلباً، فضلاً عن التظاهرات وأعمال الفوضى التي تعيشها المناطق اللبنانية.

لكن أسباب الأزمة الحقيقية لا تكمن في سحب صغار المودعين قدر محدود من أموالهم، إذ أن تهريب الودائع الضخمة خارج البلاد مستمر منذ بداية الأزمة، إذ تم الكشف في وقت سابق عن تهريب مايزيد عن عشرة مليارات خارج البلاد، الأمر الذي نفاه رياض سلامة جملة وتفصيلاً، سلامة الذي كان قد أكد سابقاً أن الليرة بخير،  يترك اليوم الباب مفتوحاً أمام مستقبل الليرة، إذ اجاب على سؤالٍ عن الحد الذي يمكن أن يصل إليه سعر صرف الليرة مقابل الدولار في البلاد قائلاً"ما حدا بيعرف"!