أخبار لبنان

قناة صينية: لهذه الأسباب يستحق لبنان الدعم الدولي

9 كانون الثاني 2020 15:37

نشرت قناة "سي جي تي أن" التابعة للحكومة الصينية، مقالاً للكاتب تشارلز تانوك، تناولت فيه الوضع الاقتصادي الذي تعيشه لبنان، وتناول التقرير الذي حمل عنوان: "لماذا يستحق لبنان الدعم الدولي؟ " سبل الحل الت

نشرت قناة "سي جي تي أن" التابعة للحكومة الصينية، مقالاً للكاتب تشارلز تانوك، تناولت فيه الوضع الاقتصادي الذي تعيشه لبنان، وتناول التقرير الذي حمل عنوان: "لماذا يستحق لبنان الدعم الدولي؟ " سبل الحل التي يمكن للبنان أن يسلكها للخروج من أزماته المركبة.

وأعزى "تانوك" الذي عمل سابقاً في لجنة الشئون الخارجية في الاتحاد الأوربي،  سبب الأزمة الاقتصادية في البلاد إلى سوء إدارة الحكومات المتعاقبة، والحرب السورية، والعقوبات الأمريكية على حزب الله، فيما رأى الكاتب أن صمود لبنان واستقراره وتضحياته التي قدمها في الحرب السورية، أسهم في استقرار أوروبا والمنطقة، وأنه يتعين على المجتمع الدولي دعم البلاد لتجاوز أزمتها.

 

وفيما يلي نص التقرير الذي ترجمته "النهضة نيوز" ونشرته القناة الصينية:

 إن الأخبار الأخيرة عن لبنان في الأسابيع الأخيرة كانت قاتمةً ومقلقة. فمع اشتداد موجة الاحتجاجات في شوارع  بيروت والمدن الأخرى، ازدادت المعاناة الاقتصادية للبلاد.

إذ ترسخت الأزمة السياسية والاقتصادية  والاجتماعية، مما أدى إلى نقص العملة الصعبة التي تعيق واردات السلع اليومية الحيوية مثل القمح والأدوية والوقود، علاوةً على ذلك، تحدث هذه المشكلات على خلفية النمو الاقتصادي المتعثر والديون الخارجية الضخمة المتراكمة منذ سنوات على خزينة الدولة اللبنانية. كما فرضت البنوك المحلية ضوابطاً غير مسبوقة على رأس المال، وفقد الآلاف من اللبنانيين وظائفهم أو انخفضت أجورهم بشكلٍ كبير.

وإذا نظرنا للأمر من الخارج، فلا يوجد سوى حلٌ واحدٌ قابل للتطبيق، هو أن لبنان نفسه بحاجةٍ إلى حل أزمته السياسية وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية الضرورية والتي تأخرت بالفعل. و لكن لتحقيق النجاح؛ يحتاج البلد إلى المجتمع الدولي لدعمه مالياً.

ففي مؤتمرٍ عُقد في باريس عام 2018، تعهد المانحون الدوليون بتقديم 11 مليار دولار من القروض والمنح للبنان، بشرط تنفيذ مختلف الإصلاحات اللازمة لتحسين الأوضاع في البلاد، وهي رسالةٌ أكد عليها المانحون مؤخرًا. حيث يشكل تشكيل حكومةٍ عاملة، خطوةً أولى على هذا الطريق، حتى يتمكن المجتمع الدولي من رؤية حكومة فعالة تعود إلى البلاد وتستحق ثقتهم. وتبدو هذه الشروط عادلةً و تتماشى مع بعض مطالب المحتجين الغاضبين. وفي الوقت نفسه، يجب أن يكون الدعم الدولي للبنان في ساعة حاجته حازماً ولا لبس فيه.

كما ومن المهم أن نتذكر دائماً سبب هذه الصعوبات الإقتصادية التي يعاني منها لبنان. فبدايةً، عانت البلاد من تداعيات الحرب في سوريا المجاورة، كونها تستضيف 1.5 مليون لاجئاً سورياً فروا من النزاع، إلى جانب تحمل التأثير الاقتصادي الهائل المتمثل في وجود شريكٍ تجاريٍ وثيق في حالة حرب. ومن خلال تسوية أمور هؤلاء اللاجئين ورعايتهم، يتحمل لبنان عبئاً لا يطاق على أمل جلب مزيد من الأمن والاستقرار إلى منطقةٍ خطيرة للغاية. بالإضافة إلى ذلك، فإن العقوبات الأمريكية التي تستهدف الحزب السياسي الشيعي ومجموعات حزب الله تؤثر أيضًا على المواطنين والشركات اللبنانية العادية المتمركزة في الجنوب اللبناني بشكلٍ خاص.

كما ساهم الخلاف السياسي الداخلي في الأزمة الحالية، فقد كانت الرئاسة اللبنانية شاغرةً لأكثر من عامين حتى أكتوبر 2016، وأثار إعلان استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري من المملكة العربية السعودية في عام 2017 صدمةً في الأسواق المالية في البلاد، و أدى إلى تدفق رأس المال إلى خارج البلاد.  وفي أعقاب الانتخابات البرلمانية التي جرت في لبنان في شهر مايو من عام 2018، أحدث تأخيرٌ آخر لمدة تسعة أشهر في تشكيل حكومة جديدة، برئاسة الحريري مرة أخرى، فراغاً في قيادة البلاد و أدى إلى انحرافٍ سياسي حاد.

علاوةً على ذلك، تم تخفيض التصنيف الائتماني الدولي للبنان مؤخراً من قبل مؤسسة Fitch، التي خفضت تصنيف لبنان من C الثلاثي إلى C المزدوج. و هذا الأمر ليس مفاجئاً حقاً، فمع نسبة الديون غير المستدامة إلى الناتج المحلي الإجمالي البالغة 152 %، الذي تراكم جزئياً نتيجة الاقتراض الشديد المطلوب لتمويل إعادة الإعمار بعد الحرب، يعد لبنان ثالث أكبر بلد مديونٍ في العالم. كما وتستهلك مدفوعات الفوائد ما يقرب من نصف إيرادات الحكومة، في حين أن زيادة أجور القطاع العام لعام 2017 وزيادة أسعار الفائدة زادت من العجز في ميزانية البلاد.

وعلى النقيض من سوء الإدارة الاقتصادية للحكومات اللبنانية المتعاقبة، قام البنك المركزي، بنك لبنان (BDL)، بكفاءةٍ و دقة في السير في طريق الاضطراب الحالي في السوق و عمل كقوة استقرارٍ لاقت موضع ترحيبٍ دولي. وعلى الرغم من الانتقادات التي تلقاها حاكم بنك لبنان، رياض سلامة، من قبل الحزب الشيوعي اللبناني وحزب الله، إلا أنه يُنظر إليه على نطاقِ واسع على أنه لعب دوراً حيوياً في منع حدوث أزمةٍ أسوأ بكثير من الأزمة الحالية.

فعلى سبيل المثال، باع بنك لبنان الدولارات الأمريكية لكبار المستوردين لضمان استمرار الإمدادات الأساسية وأقرض الحكومة حتى تتمكن من دفع رواتب العاملين في القطاع العام، بما في ذلك القوات المسلحة. علاوةً على ذلك، أصدر البنك المركزي تعليماتٍ للبنوك المحلية بزيادة رأس مالها بنسبة 20 % بحلول شهر يونيو من هذا العام، و شجع على استخدام الليرة اللبنانية المحلية.

تلقى لبنان إشاراتٍ قوية من المجتمع الدولي بأنه يجب عليه طلب المساعدة من صندوق النقد الدولي  والبنك الدولي أيضاً. فيبدو أن الحريري، الذي يشغل حاليًا منصب رئيس الوزراء المؤقت بعد استقالته بعد وقت قصير من بدء الاحتجاجات في أكتوبر 2019، منفتحٌ على هذا الأمر بشكلٍ كبير.

وقد حذرت وكالة "موديز" مؤخرًا من أنه بدون هذا الدعم الدولي، من المرجح أن يواجه لبنان سيناريو عدم استقرار كلي للاقتصاد اللبناني، والذي ستؤدي فيه إعادة هيكلة الديون وزعزعة الاستقرار المفاجئة في ربط العملة بالدولار إلى خسائر كبيرة للمستثمرين من القطاع الخاص.

لذلك، فإن النقاش المستمر حول تقديم الدعم الاقتصادي للبنان في ظل هذه الأزمة يعتبر أمراً مشجع ويشير إلى إجماعٍ دوليٍ قوي لمساعدة البلاد على مساعدة نفسها. و قد كان هناك تطورٌ إيجابيٌ آخر، و لكن لم يتم الإبلاغ عنه،  في شهر ديسمبر الماضي، عندما قدمت الحكومة الأمريكية 115 مليون دولار أمريكي كمساعداتٍ مؤسسية إلى لبنان .

فبالطبع ، لن يكون من السهل على لبنان ترتيب أموره السياسية الداخلية، بالنظر إلى الاحتجاجات المستمرة في الشوارع و التوترات المتزايدة. و لكن على الزعماء السياسيين تشكيل حكومةٍ جديدة بشكلٍ عاجل و تقديم مجموعةٍ من الإصلاحات التي يتطلبها المجتمع الدولي لتقديم الدعم، وبالمقابل، تحتاج البلاد وتستحق تعهداً عالمياً في الوقت الذي تحقق فيه تقدمًا على هذا المسار ، فالأموال الدولية البالغة 11 مليار دولار ستدعم بسرعة الأموال الأمريكية التي تم إرسالها مؤخراً للبلاد.

فلدى المجتمع الدولي مصلحةٌ حيوية في جعل لبنان مستقرٌ وخالٍ من اللأزمات، من أجل مصلحة البلاد وتثبيت الهدوء في المنطقة الاستراتيجية السياسية لجميع دول الجوار. و علاوةً على ذلك، فإن التضحيات الشديدة التي قدمها هذا البلد الصغير نتيجةٌ للحرب في سوريا قطعت شوطًا طويلاً نحو تعزيز الأمن في أوروبا.


 

النهضة نيوز - بيروت