أخبار

كاتب أمريكي: الحظ أنقذ جنودنا في "عين الأسد" وقواعدنا عارية أمام صواريخ إيران البالستية

18 كانون الثاني 2020 13:22

قالت قناة "أن بي سي" الأمريكية أن الحظ وحده هو من أنفذ الجنود الأمريكيين في قاعدة عين الأسد من الموت، خلال الهجوم الصاروخي البالستي الذي شنه الحرس الثوري الإيراني رداً على اغتيال الجنرال قاسم سليماني.

قالت قناة "أن بي سي" الأمريكية أن الحظ وحده هو من أنفذ الجنود الأمريكيين في قاعدة عين الأسد من الموت، خلال الهجوم الصاروخي البالستي الذي شنه الحرس الثوري الإيراني رداً على اغتيال الجنرال قاسم سليماني.

وانتقد كاتب المقال وهو سباستيان روبلين، المتخصص في الأمن، بقاء الجنود الأمريكيين في العراق بدون أي حماية جوية تذكر من الصواريخ الإيرانية التي تساقطت على القاعدة، مشيراً إلى أن الجيش الأمريكي يمتلك قرابة 60 بطارية متطورة للدفاع الجوي، لكن الرئيس ترامب لم يكلف نفسه بإرسالها لحماية القواعد التي يعسكر فيها الجنود الأمريكيين في العراق، رغم أنه كان قد أرسل بعضها إلى (إسرائيل) لغرض المناورات والتدريب، فضلاً عن أنه أرسل عدد منها إلى المملكة العربية السعودية، لحماية المنشآت النفطية من الهجمات اليمنية.

وفيما يلي نص المقال الذي ترجمته "النهضة نيوز" كاملاً:

منذ عام 2003 ، أنفقت الولايات المتحدة مليارات الدولارات على تطوير مجموعةٍ كبيرة من الأسلحة الدفاعية لمنع الصواريخ البالستية القوية من ضرب القواعد والمواقع الأمريكية المنتشرة حول العالم، ولكن في الثامن من يناير، لم يكن أيٌ من هذه الدفاعات حاضراً عندما أصابت الصواريخ البالستية الإيرانية قاعدةً جويةً في العراق كانت تضم عناصراً من القوات العراقية والأمريكية، رداً على اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني.

ورغم أن الرد الإيراني كان متوقعاً، لكن لم يكن لدى قرابة 1500 من الأفراد العسكريين الأمريكيين في القاعدة سوى الصلاة في مواجهة الصواريخ التي يبلغ وزنها حوالي 4 أطنان، وسقطت على مقربة كبيرة منهم.

يسلط هذا الهجوم الهائل الضوء على مدى قلة التفكيرالأمريكي في عواقب قتل سليماني، وكيف كان من الممكن أن يكلف هذا التهور بسهولةٍ أرواح المئات من الجنود الأمريكيين؛ فعلى الأقل، يجب على وزارة الدفاع أن تقدم لقواتها في العراق نفس الحماية التي وفرتها للمملكة العربية السعودية من خلال تغطيتها بدفاعاتٍ جوية من صواريخ الباتريوت المتطورة .

و كان ينبغي على القوات الأمريكية في العراق أن تحظى بنفس الاعتبار في اللحظة التي التزمت فيها إدارة ترامب بقتل سليماني واستفزاز إيران بهذا الشكل، إذ كان لديها بالفعل دليلٌ على أن إيران مستعدةٌ لاستخدام الأسلحة المدمرة لضرب أهدافٍ أجنبية في العراق. وكان الأفراد الأمريكيون في العراق بالفعل أهدافاً متكررة لهجماتٍ صاروخية أصغر، بما في ذلك أحدها قبل أسبوعٍ واحدٍ فقط من مقتل سليماني، عندما قامت إيران بتدبير اقتحامٍ لمجمع السفارة الأمريكية في بغداد.

الجيش الأمريكي يمتلك 60 بطاريةً من صواريخ باتريوت أرض-جو القادرة على اعتراض الصواريخ البالستية قصيرة المدى و سبعة أنظمةٍ دفاعية من طراز THAAD المتقدمة التي صممت لاعتراض الصواريخ بعيدة المدى. هذه البطاريات مطلوبةٌ في جميع أنحاء العالم، مع وجود حوالي نصفها موزعة على القواعد الأمريكية خارج الولايات المتحدة.

يجادل البعض أيضاً، بأن الجيش ببساطةٍ ليس لديه وحدات دفاع جوية كافية للاعتماد عليها في حالات الطوارئ، كما أنه من الصحيح القول أن القوات الأمريكية التي تدافع عن القواعد في المملكة العربية السعودية وأماكن أخرى في جميع أنحاء الشرق الأوسط كانت أيضاً على مسافةٍ قريبةٍ من العديد من صواريخ البالستية قصيرة المدى في إيران.

ولكن في أبريل 2019، كان البنتاغون قد نشر سريعاً إحدى بطارياته القليلة من طراز THAAD في إسرائيل للقيام بتدريباتٍ عسكرية. ومن المسلم به أن هناك تعقيداتٌ إضافية في نشر مثل هذا النظام، والقوات التي تقوم بتشغيله في العراق، ولكن هل من المفترض أن نصدق أن الجيش الأمريكي لم يستطع أن يرسل وحدات الدفاع الجوي هذه في أزمةٍ كبيرة كهذه، في حين كان قادراً على إرسالها إلى إسرائيل لإجراء تدريباتٍ و مناورة عسكرية ؟

رغم أن العام الماضي شهد ارسالاً للدفاعات الجوية الأمريكية إلى السعودية، في أعقاب هجومٍ بصواريخ كروز والطائرات المسيرة الإيرانية التي عطلت إنتاج النفط السعودي لفترةٍ قصيرة خلال الصيف.

ومن الجدير بالذكر أنه لم يلقى أيٌ من الأفراد الأمريكيين حتفهم في الهجوم الإيراني بسبب مزيجٍ من الإشعارات المسبقة التي حصلوا عليها من أقمار الإنذار المبكر التي حذرت الأفراد في القاعدة من لحظة وصول الصواريخ إلى السماء، ومن المحتمل من مصادرٍ موجودةٍ في العراق أو في إيران ، فضلاً عن الحظ الكبير بالتأكيد. على عكس التحليلات التي تزعم أن طهران سعت عن عمد إلى تجنب وقوع إصاباتٍ و أضرار بالغة في القوات الأمريكية، فقد قدر رئيس هيئة الأركان المشتركة أن الهجوم كان يهدف إلى التسبب في أضرارٍ هيكلية وتدمير المركبات والمعدات والطائرات وقتل الأفراد في القاعدة أيضاً.

فكما حدث، سقطت صواريخ "فاتح" على عين الأسد موجهةً عدة ضرباتٍ مباشرة في الهياكل الرئيسية في جميع أنحاء القاعدة، وحرقت أماكن مكوثٍ للأفراد وحظائر الطائرات على حدٍ سواء، رغم أن هذا التحذير قد سمح لمعظم الأفراد بالإجلاء إلى مستودعاتٍ مؤمنة تحت الأرض، إلا أن تقريراً صادراً عن شبكة CNN يوضح أنه ليس كل مستودعات عهد صدام حسين كانت قويةً بما يكفي لحماية من فيها، وأن بعض الأفراد ظلوا مكشوفين أثناء قيامهم بحماية محيط القاعدة من أي هجومٍ بريٍ محتمل من قبل الميليشيات الموالية لإيران .

كما أن تهديد الصواريخ البالستية الإيرانية لم يكن سراً؛ فمنذ عام 2017، أطلقت طهران صواريخاً بالستية أربع مراتٍ على الأقل للرد على الأعداء في العراق وإسرائيل وسوريا. وأظهرت ضربةٌ صاروخيةٌ في العراق في سبتمبر عام 2018 دقةً قاتلة، حينما أصابت صواريخ فاتح المتعددة مجمعاً محدداً كان يجتمع فيه المقاتلون الأكراد، مما أدى إلى مقتل 18 شخصاً وفقاً للتقارير الإيرانية.

كما أن عدم الرضا الأمريكي عن عدم توفير الدفاعات الصاروخية الكافية للعاملين في العراق كان عاماً، وقد تم اعتباره أمراً شائناً للغاية بالنظر إلى أن إدارة ترامب استشهدت بتطور الصواريخ البالستية الإيرانية لتبرير الخروج من الصفقة النووية مع طهران في عام 2018، مما زاد من التوتر مع إيران في الفترة التي سبقت اغتيال سليماني .

و مما لا شك فيه أن صواريخ الدفاع الجوي ليست مثالية؛ فخلال حرب الخليج الفارسي عام 1991، اعترضت صواريخ باتريوت الأمريكية عشرات صواريخ سكود العراقية، و لكنها لم تعترضها جميعاً، حيث قتل 27 من أفراد الحرس الوطني من بنسلفانيا، عندما تم ضرب ثكناتهم في الرياض في المملكة العربية السعودية.

و في الآونة الأخيرة، استخدمت المملكة العربية السعودية صواريخ باتريوت لاعتراض أكثر من 100 هجوم صاروخي من عناصر أنصار الله في اليمن، والذي أدى إلى نتائجٍ جيدة ولكن بأي حالٍ من الأحوال ليس مثالية. و مع ذلك، فإن كل صاروخٍ يتم إخراجه من السماء يعطي فرصةً أقل لإحداث خسائر كبيرة.

والجدير ذكره أيضاً، أن كل بطارية من طراز باتريوت يمكنها الدفاع عن بقعةٍ صغيرةٍ نسبياً من المجال الجوي ضد الصواريخ البالستية؛ لذلك ربما تكون إيران قد تحولت إلى هدفٍ مختلف لو أن القوات الأمريكية دافعت عن عين الأسد.  ولكن الخصوم المقنعين لمهاجمة أهدافٍ أقل جاذبية هو شكلٌ من أشكال النجاح في حد ذاته.

فحتى لو كان الدفاع المثالي غير عمليٍ في الوقت الراهن، فهو يظل فشلاً صارخاً في عدم بذل أي محاولةً لتزويد قرابة 5000 جندي أمريكي في العراق بدفاع صاروخيٍ جويٍ نشط في ظل هذه الظروف الخطيرة، على الرغم من أن البنتاغون قد يقوم بتعديلاتٍ متأخرة للنظر في هذا الأمر.

فبسبب الحظ الجيد، لم يقتل أيٌ من الأفراد الأمريكيين في الضربة الإيرانية، إلا أن الفشل في نشر دفاعاتٍ جويةٍ نشطة ضد هجمات الصواريخ البالستية لن ينسى؛ فقوات الولايات المتحدة قد لا تكون محظوظةً في المرة القادمة .

 

النهضة نيوز - ترجمة خاصة