الشعر الرمادي الشائب

علوم

علماء يؤكدون: الضغوطات النفسية تحول الشعر إلى اللون الرمادي

24 كانون الثاني 2020 01:47

عندما تم القبض على الملكة الفرنسية ماري أنطوانيت خلال الثورة الفرنسية، ذكر أن شعرها أصبح أبيض اللون خلال ليلة واحدة. والآن، أثبت العلماء أن الإجهاد الشديد يمكن أن يجعل الشعر يتحول إلى اللون الرمادي، و

عندما تم القبض على الملكة الفرنسية ماري أنطوانيت خلال الثورة الفرنسية، ذكر أن شعرها أصبح أبيض اللون خلال ليلة واحدة. والآن، أثبت العلماء أن الإجهاد الشديد يمكن أن يجعل الشعر يتحول إلى اللون الرمادي، وذلك عن طريق إيقاف الخلايا الجذعية التي تعمل على تجديد الصبغات التي تلون بصيلات الشعر وتعطيه لونه.

وقال الباحث البارز يا تشيه هسو، الأستاذ المشارك في علم الخلايا الجذعية والأحياء التجديدية في جامعة هارفرد: " كل شخص لديه حكاية ليشاركها حول كيفية تأثير الإجهاد على جسده، وخاصة على بشرته وشعره، التي تعتبر الأنسجة الوحيدة التي يمكن أن نلاحظ أي تغير يطرأ عليها خارج الجسم. وإذا أردنا أن نفهم ما إذا كان هذا الرابط صحيحا أم لا، وإذا كان كذلك، فكيف يؤدي الضغط إلى تغيرات في الأنسجة المختلفة. لذلك، كنا فضوليين للغاية لمعرفة ما إذا كان التوتر يؤدي بالفعل إلى تحول الشعر إلى اللون الرمادي".

وكان العلماء يعتقدون في بداية الأمر أن الجهاز المناعي قد يكون مسؤولا عن الأمر، وأنه يتحرك في حالة التوتر الشديد ويهاجم الخلايا الصبغية في الجسم. ولكن بعد إجرائهم التجارب على فئران ليست لديها نفس الأنظمة المناعية الموجودة لدى الإنسان والتي تم تثبيطها في الأساس، كان الأمر يحدث بنفس الوتيرة، مما أشار إلى أن جهاز المناعة لا علاقة له بالأمر.

وبعد ذلك، بحث العلماء فيما إذا كان هرمون الكورتيزول المسبب للتوتر قد يتسبب في حدوث الأمر، ولكن بعد إزالة الغدة الكظرية من الفئران، وجدوا أن لا شيء قد تغير. بعد القضاء بشكل منهجي على الاحتمالات المختلفة، حاول العلماء تحفيز نظام الأعصاب الودي المسؤول عن استجابة الجسم للقتال أو الهروب.
كما تتفرع الأعصاب الودية بداية من الدماغ ووصولا بصيلات الشعر في الجلد.
ووجد الباحثون أن الإجهاد يؤدي إلى إطلاق هذه الأعصاب لهرمون النورادرينالين الكيميائي، الذي يتم تناوله بواسطة الخلايا الجذعية القريبة لتجديد صبغات الشعر. 

فيما ووجد الباحثون أنه أثناء إفراز الأعصاب القريبة لهذا الهرمون، فهذا يؤدي إلى تنشيط الخلايا الجذعية بشكل مفرط، ودفعها إلى طاقتها القصوى واستنزاف خزان الصبغة اللونية الموجودة في الجسم. 

وبعد بضعة أيام فقط، ماتت جميع الخلايا الجذعية المجددة للصباغ، حيث  قال الدكتور هسو: " بمجرد موتها، لا يمكنك تجديد صبغة الشعر بعد الآن، أي أن الضرر يصبح دائماً وغير قابل للتصليح".

وعلى الرغم من أن القتال أو الهروب هو استجابة مفيدة للكائن الحي بشكل عام، إلا أنه يوقف أيضا العديد من الأجهزة والعمليات الرئيسية في الجسم ، والتي لا يعتبرها مفيدة للبقاء، مثل التكاثر على سبيل المثال حيث تعود معظم هذه الأنظمة إلى العمل عندما يتضاءل التهديد، لكن الدراسة الجديدة تظهر أن بعضها قد يتضرر بشكل دائم إذا كان الضغط كبيرا بدرجة كافية.

وقال الدكتور بينج تشانغ، زميل ما بعد الدكتوراه، والمؤلف الرئيسي للدراسة: " يعتبر التوتر الحاد، وخاصة استجابة القتال أو الهرب في المواقف القاتلة، مفيدا لبقاء الحيوان والإنسان على حد سواء. ولكن في هذه الحالة، يسبب الإجهاد الحاد استنزافا دائما للخلايا الجذعية ".

ويأمل الباحثون أن تساعد نتائج هذه الدراسة الجديدة في تسليط الضوء على الآثار الأوسع للتوتر على مختلف الأعضاء والأنسجة وتمهيد الطريق أمام إنتاج الأدوية التي يمكن أن توقف مثل هذه الآثار الضارة.

وقال هسو: " من خلال فهمنا الدقيق لكيفية تأثير الإجهاد والتوتر والقلق الحاد على الخلايا الجذعية التي تجدد الصبغة اللونية في أجسامنا، فقد وضعنا الأساس لفهم كيفية تأثير الإجهاد على الأنسجة والأعضاء الأخرى في الجسم، وهو شيء لم يقم به أحد من قبل".

وأضاف: " إن فهمنا لكيفية تغير أنسجتنا تحت الضغط هو الخطوة الحاسمة الأولى نحو العلاج النهائي الذي يمكن أن يوقف أو يقلل التأثير الضار للتوتر والقلق ولكن لا يزال أمامنا الكثير لنتعلمه في هذا المجال".

وتم نشر الدراسة الجديدة في مجلة Nature العلمية.

 

النهضة نيوز