تعبيرية - الأرض

منوعات

ماذا تخبرنا أقدم حفرة في الكوكب عن الماضي المتجمد لكوكبنا؟

25 كانون الثاني 2020 16:49

حدد العلماء أقدم حفرةٍ معروفةٍ على الأرض، إّذ يمكن أن تخبرنا هذه الحفرة القديمة، كيف أن كوكبنا خرج من مرحلةٍ متجمدةٍ منذ فترة طويلة وتطور إلى ما نعرفه اليوم. بحسب العلماء، يبلغ عمر حفرة يارابوبا، و

حدد العلماء أقدم حفرةٍ معروفةٍ على الأرض، إّذ يمكن أن تخبرنا هذه الحفرة القديمة، كيف أن كوكبنا خرج من مرحلةٍ متجمدةٍ منذ فترة طويلة وتطور إلى ما نعرفه اليوم.

بحسب العلماء، يبلغ عمر حفرة يارابوبا، وهي حفرةٌ جيولوجية بعرض 70 كيلومتراً في غرب أستراليا، قرابة  2.229 مليار سنة، بالإضافة أو ناقص 5 ملايين سنة، وفقًا لتقرير ذكرته دراسةٌ جديد.

كما أن هذا هو حوالي نصف عمر الأرض نفسها و أقدم بـ 200 مليون سنة من حامل الرقم القياسي السابق، قبة فريدفورد في جنوب إفريقيا بعرض 300 كم .

ومن المثير للاهتمام، أنه يبدو أن حفرة يارابوبا قد تشكلت تماماً عندما بدأ كوكبنا يخرج من فترة التجمد العظمى، حينما كان جزءٌ كبيرٌ من الكوكب مغطى بالجليد.

وقال أعضاء فريق الدراسة أن هذا قد لا يكون صدفة.

وقال نيكولاس تيمز، الاستاذ المشارك في كلية علوم الارض والكواكب بجامعة كورتين في غرب استراليا في بيان: " عصر تشكل حفرة يارابوبا يطابق عصر زوال سلسلةٍ من التجمعات الجليدية القديمة. فبعد التأثير، غابت الرواسب الجليدية في سجل الصخور لمدة 400 مليون عام. ويشير هذا التطور إلى أن تأثير النيزك الكبير ربما يكون قد أثر على المناخ العالمي أيضاً".

من الصعب العثور على الحفر القديمة مثل يارابوبا على كوكبنا في الوقت الراهن . فقد تم دفن الكثير منها عندما غاصت الصفائح التكتونية تحت بعضها البعض، بينما تشكلت معظمها بفعل عوامل التعرية مثل الرياح و المياه الجارية.

وقال مؤلف الدراسة تيمونز إريكسون، من مركز جونسون للفضاء في هيوستن في كلية علوم الأرض و الكواكب التابعة لجامعة كورتين، لموقع Space.com: "في الواقع لم تعد حفرة ياروباوبا تشبه الحفرة في شكلها ".

لكن فريقاً مختلفاً من العلماء بقيادة فرانسيس ماكدونالد، الأستاذ في علم الجيولوجيا بجامعة كاليفورنيا في سانتا باربارا، قد عرف يارابوبا بأنه حفرة في عام 2003، وذلك بفضل قياسات التشوهات المغناطيسية في المنطقة  ووجود صخورٍ صدمت بفعل التأثير الزمني للمنطقة .

وكان من الواضح أن حفرة يارابوبا قد تشكلت منذ وقتٍ طويل، لكن عمرها الحقيقي والدقيق ظل بعيد المنال حتى الآن.

وفي الدراسة الجديدة التي نشرت على الإنترنت يوم 21 يناير ، في مجلة Nature Communications  العلمية، قام إريكسون وزملاؤه بتحليل قطعٍ صغيرة من صخور حفرة يارابوبا بشكلٍ عشوائي.

وعلى وجه التحديد ، قام الباحثون بدراسة جزيئات المونازيت والزركون التي تمت إعادة بلورتها في الحفرة، و قياس كميات اليورانيوم والثوريوم و الرصاص الموجودة في كل منها .  ويتناول المونازيت والزركون اليورانيوم بسهولة ولكن ليس الرصاص عندما تتم عملية التبلور، وحينها يتحلل اليورانيوم و الثوريوم إشعاعياً و يتحولان إلى الرصاص بمعدلاتٍ معروفة. لذلك، أخبرت هذه القياسات الفريق منذ متى حدث هذا التبلور المهم في الحفرة الأثرية.

إن عمر حفرة يارابوبا أثار اهتمام الكثير من العلماء، لأن الكثير كان يحدث منذ 2.229 مليار سنة. فعلى سبيل المثال، بدأت عملية التمثيل الضوئي للبكتيريا الزرقاء بضخ كمياتٍ كبيرة من الأكسجين في الغلاف الجوي للأرض، مما أدى إلى بدء عمليةٍ مثيرة تعرف باسم حدث الأكسدة العظيم.

وخرج الكوكب أيضاً من حالة التجمد العميق، والتي كانت واحدًة من مراحل التجمد المتعددة التي شهدتها الأرض خلال تاريخها البالغ 4.5 مليارات عام، ولك ذلك في وقتٍ قريب من توقيت تشكيل حفرة يارابوبا.

ولمعرفة ما إذا كان من الممكن ربط هذين الحدثين، أجرى إريكسون وزملاؤه محاكاةً بالكمبيوتر لحفرة يارابوبا. ولم تكن هذه الفكرة مجنونةً أن محض خيالٍ علمي، فبعد كل شيء، يُعتقد أن حادثة اصطدام النيزك المأساوية الذي تسبب في قتل الديناصورات منذ 66 مليون عام قد تسبب في الكثير من الدمار الذي أحدثه من خلال تغير المناخ السريع والمثير المدمر للكوكب.

وانتشرت نماذج الباحثين على جسمٍ بعرض 4.3 كم في منظرٍ يصف غربي أسترالي البارد، وكان أحدهما مغطى بطبقةٍ جليدية تراوحت سماكتها من 2 إلى 5 كم في مساراتٍ مختلفة. إذ وجدوا أن مثل هذه الحفرة ستتبخر على الفور في منطقة تحتوي على 95 إلى 240 كيلومتراً مكعباً من الجليد، وتتسبب في ذوبان إجمالي يصل إلى 5400 كيلومتر مكعب من الجليد أيضاً.

وهذا يشير إلى أن ما بين 90 تريليون إلى 200 تريليون كيلوغرام من بخار الماء، وهو أحد غازات الدفيئة القوية، تم إطلاقه في الغلاف الجوي العلوي للأرض مباشرةً بعد تشكل حفرة يارابوبا . كما و أكد إريكسون و زملاؤه أنه لا يوجد ما يكفي من المعلومات حول التركيب الجوي للأرض القديمة، ويصعب تكوينها لنمذجة نموذج افتراضي بثقةٍ كافية لمعرفة كيف سيؤثر إطلاق جميع هذه الكميات الهائلة من بخار الماء في الغلاف الجوي على المناخ .

وكتب الباحثين: " مع ذلك، بالنظر إلى أن الغلاف الجوي للأرض في وقت الاصطدام كان لا يحتوي إلا على جزءٍ صغيرٍ من المستوى الحالي للأكسجين، يبقى احتمال أن تكون التأثيرات المناخية الناتجة عن تأثير بخار الماء الذي تشكل خلال تشكيل حفرة يارابورا ذو أهميةً عالمية".

النهضة نيوز