أخبار

جيروزاليم بوست: بإنتقادها الغارات على دمشق .. روسيا تقول أن سماء دمشق لن تظل مستباحة

9 شباط 2020 00:04

سلط موقع "جيروزلم بوست" الإسرائيلي الضوء على الانتقادات الروسية للغارات التي يشنها الطيران الحربي الإسرائيلي على سوريا. وكانت وزارة الدفاع الروسية قد قالت يوم أمس الجمعة أن الغارات الجوية الإسرائيلي


سلط موقع "جيروزاليم بوست" الإسرائيلي الضوء على الانتقادات الروسية للغارات التي يشنها الطيران الحربي الإسرائيلي على سوريا. وكانت وزارة الدفاع الروسية قد قالت يوم أمس الجمعة أن الغارات الجوية الإسرائيلية على دمشق قد عرضت طائرة مدنية لخطر جسيم و أجبرتها على تحويل مسارها إلى قاعدة حميميم الروسية الجوية في سوريا.

ورأى الموقع الاسرائيلي أن هذا التصريح يتضمن رسالة من "موسكو" لإسرائيل، وتساءلت عن فحوى هذه الرسالة وسياقها.

وبحسب الموقع فقد قامت السفارة الروسية في (إسرائيل) بالتغريد حول الحادث الأخير و قامت بإعادة نشر مقال عرضته قناة روسيا اليوم تعليقا على ذلك . إذ قالت أن دولة الاحتلال وضعت طائرة مدنية في "خطر محدق".

يقول تقرير "جيروزليم بوست" أنه على  الرغم من أن قيادة الجيش و وزارة الدفاع الروسية هم من قاموا بالتقييم الأولي للحادث، إلا أن وزارة الخارجية هي التي قامت بنشر التغريدات و التعليق على الحادثة ، و قالت الدفاع الروسية أن طائرة إيرباص A320 كانت متوجهة إلى سوريا من طهران اضطرت إلى الهبوط اضطراريا بعد "هجوم صاروخي إسرائيلي".

وأورد التقرير أن التصريحات الروسية تسربت  إلى وسائل الإعلام ، التي اتهمت (إسرائيل) باستخدام الطائرة المدنية كدرع بشري و غطاء لهجماتها الجوية على سوريا ، بالإضافة إلى وصفها الأمر بأنه أصبح " سياسة شائعة " للقوات الجوية الإسرائيلية .

يحلل الموقع الاسرائيلي الخطوة الروسية الأخيرة بالقول: "ربما تكون روسيا بذلك تحاول تشبيه ما حصل في إيران التي أسقطت طائرة مدنية أوكرانية في 8 يناير بعد الضربات الصاروخية الإيرانية على القوات الأمريكية في العراق . حيث أصبحت وسائل الإعلام الروسية تستخدم مصطلح "تبادل لإطلاق النار" ، و الذي كان يستخدم أيضا لإعفاء إيران من مسؤولية إسقاط الطائرة الأوكرانية . إذ يبدو أن روسيا تدعي أن الطائرة التي كانت تحاول الهبوط في دمشق ربما تكون قد وقعت وسط "تبادل لإطلاق النار" . و قد التقطت وسائل الإعلام الإيرانية القصة أيضا بنفس الرواية الروسية" .

يضيف التقرير الاسرائيلي أن هيئة الإذاعة البريطانية اوردت ذات الخبر، و أكدت أن القوات الإسرائيلية كادت أن تسقط الطائرة المدنية ، على الرغم من عدم وجود تأكيدات أو أدلة حية على الأمر . بالإضافة إلى عدم تقديم شركة طيران أجنحة الشام السورية أي شكاوي أو تصريحات حول تعرضها للاستهداف ، و ليس من الواضح سبب توجهها شمالا إلى مدينة اللاذقية بدلا من الهبوط في مطار آخر .

كما و صرح إيغور كوناشينكوف ، الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية أن (إسرائيل) : "تستخدم الطائرات المدنية كدرع بشري ضد إطلاق النار السوري المضاد للطائرات "، و قال أن ذلك "سخرية إسرائيلية من حياة مئات المدنيين الأبرياء".

تجدر الإشارة إلى ان الانتقادات الروسية " القاسية و غير المسبوقة"  التي وجهتا روسيا إلى (إسرائيل). و جاءت في الوقت الذي تعاني فيه موسكو من توترات مع تركيا بسبب القتال في إدلب ، و بعد زيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لموسكو في أواخر يناير ، و صدور عفو رئاسي عن نعمة يساكر ، المواطنة الإسرائيلية-الأمريكية التي كانت معتقلة في موسكو بسبب حيازة المخدرات.

وصعدت روسيا خطابها بشأن الضربات الإسرائيلية في سوريا في السنوات الأخيرة ، و يأتي هذا بعد أن أصبحت (إسرائيل)  تتحدث علنية بشكل متزايد بشأن غاراتها على المواقع الإيرانية في سوريا . فعلى سبيل المثال ، قال رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي السابق في يناير 2019 أن إسرائيل لديها ألف هدف إيراني في سوريا . و قال وزير الحرب الإسرائيلي أن (إسرائيل)  ستجعل سوريا "فيتنام" لإيران .

كانت روسيا و دولة الاحتلال على اتصال وثيق و متزايد منذ أن تدخلت روسيا لدعم النظام السوري في عام 2015 ، و أرسلت قواتها الجوية إلى سوريا . فبشكل عام كانت العمليات الروسية في شمال البلاد ، و ليس حيث نفذت (إسرائيل) غاراتها الجوية ، و لكن الخلافات زادت بشكل كبير مؤخرا و بشكل ملحوظ .

و في ديسمبر من عام 2018 ، وصفت روسيا الضربات الإسرائيلية على سوريا بأنها "استفزازية ، و قالت في ذلك الوقت أن تلك الضربة قد عرضت رحلتين مدنيتين للخطر .

و في شهري يوليو و نوفمبر من عام 2019 ، انتقدت موسكو الضربات الإسرائيلية على سوريا مجددا، قائلة أن (إسرائيل)  انتهكت بشكل صارخ السيادة السورية . و في انتقاد شهر يونيو ، قال مستشار الأمن القومي الروسي أن مثل هذه الضربات الإسرائيلية على الأراضي السورية غير مرغوب فيها من قبل الجانب الروسي .

وهنا، يتساءل الـ "جيروزلم بوست" إن كان ادعاء روسيا الأخير حول الطائرة المدنية رسالة أخرى إلى إسرائيل بخصوص سوريا أم أنها وسيلة لإظهار دعم موسكو للنظام السوري أو وسيلة لجعل إسرائيل تقوم بتعديل استراتيجيتها قليلا؟ يجيب الموقع بالقول:

أن الأمور ليست واضحة، حول هدف روسيا النهائي من مثل هذه التصريحات و الانتقادات الشرسة بحق (إسرائيل) . فربنا تحب روسيا أن تظهر أنها تستطيع الكشف عن مزيد من التفاصيل حول تصرفات (إسرائيل) ، و من خلالها يمكن أن تؤثر على السياسة الإسرائيلية أو على الأقل تجعل قرارات (إسرائيل) أكثر شفافية و تقاربا مع روسيا .

و هذا يمكن أن يغذي التوترات بين (إسرائيل و إيران) . و لكن بشكل عام ، لم تسعى روسيا لمنع تصرفات (إسرائيل) أو تزويد دمشق بالدفاع الجوي الذي قد يردعها بشكل كامل . و قد جادل البعض على مر السنين بأن ذلك يرجع إلى أن روسيا و إيران لا يرون في سوريا حليفا استراتيجيا ، و أن روسيا لا تمانع في أن تتغلغل إيران بشكل أكبر في سوريا .

يزعم الموقع الاسرائيلي أيضاً:  أن هذه النظرية قد تظهر أن إضعاف إيران في سوريا سيقوي روسيا ، لأنه يعني أن النظام السوري سيعتمد اعتمادا كليا على موسكو. كما و قد ترى روسيا أن إيران تزعزع استقرار سوريا ، لأن إيران تحتفظ بقواتها في سوريا و تهدد (إسرائيل) ، و بالتالي تقوض تحركات دمشق السياسية .

فقد سعت إيران إلى نقل أنظمة الدفاع الجوي الخاصة بها إلى قاعدة T-4 في سوريا ، بالإضافة إلى نقل تكنولوجيا الصواريخ الموجهة عبر سوريا لمساعدة حزب الله اللبناني ، و هذا يعتبر تهديدا كبيرا لـ (إسرائيل) .

فإستراتيجية روسيا في سوريا هي الحفاظ على النظام و التركيز على موازنة العلاقات مع تركيا . حيث يمكن لإيران أن تفسد هذا الأمر من خلال أفعالها غير المستقرة و غير المتوقعة .

كما و تظهر تعليقات موسكو أنها تولي عناية وثيقة لما يحدث بين (إسرائيل) و إيران . حيث يبدو أن الادعاءات المتعلقة بالطائرات المدنية هي نوع من التحذير المبطن . و قد يمثل تزايد الانتقادات الروسية محاولة موسكو البدء في إملاء المرحلة المقبلة من الصراع السوري و تقليل الوقت الذي كان فيه المجال الجوي السوري مفتوحا و متاحا للجميع بما في ذلك تركيا و الولايات المتحدة و إسرائيل و غيرها .

 

النهضة نيوز - ترجمة خاصة