علي لاريجاني

تقارير وحوارات

لبنان والعرض الإيراني: "كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ.. "

يوسف فارس

18 شباط 2020 19:29

يبدو رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب، محاصراً بالأزمات، وبالفرص أيضاً، فإلى جانب احتفاظه بالورقة الصينية، ورغم أن التكهن بواقعية وفعالية اللجوء إلى استثمارات "بكين" في البلاد، يبدو متعذراً حتى اللح


يبدو رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب، محاصراً بالأزمات، وبالفرص أيضاً، فإلى جانب احتفاظه بالورقة الصينية، ورغم أن التكهن بواقعية وفعالية اللجوء إلى استثمارات "بكين" في البلاد، يبدو متعذراً حتى اللحظة، فقد قدم رئيس مجلس الشورى في إيران علي لاريجاني، خلال لقائه مع رئيس الحكومة الرئيس ميشال عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، فرصة على "طبق من ذهب" من الممكن أن تتكفل بعلاج بعض الأزمات الحساسة خلال مدة وجيزة.

إذ طرح "لاريجاني" التي تزامنت مع ترقب زيارة وفد صندوق النقد الدولي المقررة خلال اليومين القادمين، وقرب استحقاق سندات اليوروبوندز في آذار/ مارس القادم، المساعدة في انقاذ  لبنان من أزمته الاقتصادية، عبر فتح طرق التجارة في قطاعات الزراعة والنفط، وجدد استعداد "طهران" لحل أزمة الكهرباء المتقادمة بشكل كلي، في مقابل ذلك، لم تقدم الحكومة اللبنانية تعليقاً على العرض الإيراني، فقد غادر لاريجاني الذي التقى السيد حسن نصر الله، وترك الكرة في ملعب البلاد التي تقف على شفير الافلاس والانهيار.

وهنا ينطبق بيت الشعر العربي القديم "كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ .. والماء فوق ظهورها محمول" على حكومة لبنان، حينما تقف عاجزة عن اتخاذ قرار مصيري، في هذا التوقيت الحساس من عمر البلاد؛ وتختار خطوط دعم وإسناد مكلفة ومشروطة – الدعم الأمريكي الغربي – وتركل اليد التي مدت إليها بكثير من التسهيلات والرغبة في المساعدة.

اقرأ أيضاً: أسباب زيارة رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني إلى لبنان؟

العرض الإيراني الذي يبدو أنه لن ينال رداً ايجابياً، بسبب كلفة التبعات التي ستترتب عليه، يقدم للحكومة اللبنانية خياراً ثالثاً؛ عوضاً عن خيارات الحكومة الثنائية في التعامل مع الديون الخارجية، بين الدفع والافلاس، أو التخلف وتحمل العقوبات والتهديدات، فهو وإن لم يتحول إلى واقع فعلي في فتح باب التعاون البيني في مجالات (التجارة والكهرباء والماء والغاز وكذلك القطاع الزراعي والنفط والبتروكيماويات)، وفق ما أشار إليه "لاريجاني" في مؤتمر صحافي عقده في مقر السفارة الإيرانية في بيروت، فالعرض يوفر ورقة قوية في يد الحكومة، يمكن اعتبارها بشكل أو بآخر، "ورقة تهديد وابتزاز" للمجتمع الدولي والولايات المتحدة، التي يزعجها بكل تأكيد، زيادة النفوذ "الإيراني" في لبنان، وفتح أسواق جديدة "لطهران" في الشرق الأوسط، من شأنها أن تقلل من حدة العقوبات الأمريكية المضروبة على إيران عقب انسحاب "ترامب" من الاتفاق النووي.

فهل يستطيع الرئيس حسان دياب، اتخاذ قرارٍ كهذا؟

تحتاج الاجابة على هذا التساؤل، الالتفات إلى جملة من المعيقات، سيكون أولها وأقلها صعوبة، معارضة الأحزاب اللبنانية التقليدية للحضور الإيراني في المشهد اللبناني "كتيار المستقبل والقوات اللبنانية" لكن هذا المعارضة، لن تعترض توجهاً كهذا، بالنظر إلى حساسية الظرف الاقتصادي والمالي الذي تعيشه البلاد، وسيطرة تحالف حزب الله - أمل والوطني الحر  على الكتلة النيابية الأكبر في البرلمان اللبناني.

خارجياً، يحتاج القرار إلى تحدٍ كبير للإرادة الأمريكية والخليجية، التي كانت قد فرضت على "لبنان" خلال الحكومات السابقة، قبول الدعم من جهات بعينها، ورفضه من جهات أخرى، لضمان استمرار الهيمنة على القرار اللبناني، فإن مجرد التلويح بالتعاطي مع العرض الإيراني، أو الاحجام على الأقل عن تقديم رد سلبي، يحتاج إلى "بطولة" وجرأة في التعاطي مع التحديات، التي يعرف سياسيو لبنان شكلها، بالنظر إلى الواقع السوري والفنزويلي والإيراني، الذي يقاسي شتى أنواع العقوبات الغربية.

التعليق الوحيد الذي صدر عن شخصية رسمية على أطروحات الوفد الإيراني، جاء على لسان الرئيس نبيه بري، الذي قال أمام زواره عقب مأدبة غذاء أقامها على شرف ضيفه، بعد اجتماع جمعها طوال ساعة ونصف، إذ قال بري لضيفه إن "في الوحدة قوة، ولا خيار أمام اللبنانيين وأمام شعوب المنطقة والأمتين العربية والإسلامية سوى الاحتكام الى منطق الوحدة والتلاقي والحوار" وأضاف: " إيران جددت استعدادها لمساعدة لبنان في مجالات مختلفة، من الكهرباء الى الأدوية الى المشتقات النفطية، ونحن انتظار أن يقبَل اللبنانيون بذلك".

يشار إلى أن ملف الكهرباء، يكلف الخزينة العامة قرابة ملياري دولار سنوياً، في ظل الفشل في تحسين ساعات وصل التيار الكهربائي إلى المناطق اللبنانية، وعلق بري على ذلك بالقول: "المعركة المقبلة ستكون معركة الكهرباء وإيجاد حلّ جذري، لأنها واحدة من الإنجازات التي يجِب أن نحققها".

 

النهضة نيوز - بيروت