أخبار

محطات تحلية المياه السعودية في المهداف.. عن الدول التي تغرق العالم نفطا وتموت عطشا

16 آذار 2020 22:23

سلطت صحيفة ذا ناشيونال انترست الأمريكية الضوء على أزمة المياه التي تعيشها الدول الخليجية، وأثر التخطيط الاستراتيجي فيما يخص المياه، على الأمن القومي للبلاد، ووجدت الدراسة التي أجراها  جيفري كيمب وهو م

سلطت صحيفة ذا ناشيونال انترست الأمريكية الضوء على أزمة المياه التي تعيشها الدول الخليجية، وأثر التخطيط الاستراتيجي فيما يخص المياه، على الأمن القومي للبلاد، ووجدت الدراسة التي أجراها  جيفري كيمب وهو مدير البرامج الاستراتيجية الإقليمية في مركز المصلحة الوطنية الأمريكية، أن السعودية ستموت عطشاً في حال تعرضت لهجوم موسع على محطات تحلية المياه فيها.

وفيما يلي نص الدراسة التي ترجمتها النهضة نيوز:

تعتبر  المياه مورداً استراتيجيا حيوياً في الشرق الأوسط؛ ويتطلب ضمان أمنها نفس درجة الحرص واليقظة التي تم تطبيقها لحماية النفط ، إذ أدى تزايد أعداد سكان المنطقة والزيادة الموازية في النشاط الاقتصادي إلى زيادة الطلب على المياه العذبة بشكل أكبر مما كان عليه الحال من قبل.

لكن الحصول على المياه العذبة أصبح مكلفا بشكل متزايد بطبيعة الحال، خاصة بالنسبة للبلدان التي لديها القليل من مصادر المياه الطبيعية، بما في ذلك طبقات المياه الجوفية والأنهار و البحيرات، وهنا تبدو البلدان الخليجية في عين المشكلة، هناك، حيث تحيط المياه المالحة الدول من جهاتها الثلاث، بينما لا توجد بحيرات أو أنهار دائمة، كالمملكة العربية السعودية و البحرين و الكويت والإمارات العربية المتحدة وعمان واليمن وقطر ؛ وبالتالي، فإن هذه الدول رغم ثروتها الهائلة و كونها غنية بالنفط ، تعتمد بشكل شبه كامل على محطات تحلية المياه للحصول على إمداداتها من المياه العذبة الصالحة للشرب .

ففي شهر سبتمبر من عام 2019، تسببت الهجمات الصاروخية العنيفة على المنشآت النفطية في المملكة العربية السعودية في زيادة الخوف من احتمالية تعرض المنطقة لضربات محتملة على البنية التحتية الأساسية، بما في ذلك محطات تحلية المياه ومرافق تخزينها، والتي دائما ما تكون عرضة لعدد من التهديدات الإقليمية.

وتشمل التهديدات التي ترعب دول الخليج تدمير موارد النفط والتلوث والهجمات الإرهابية والصواريخ والهجمات الجوية  والإلكترونية السيبرانية و تخريب محطات الطاقة التي تعتبر ضرورية لتشغيل محطات تحلية المياه ذات الأهمية الاستراتيجية الحساسة.

و لتقدير خطر ضعف إمدادات المياه العذبة الذي يؤثر على أمن الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة في الخليج، وعلى أعداد كبيرة من القوات الأمريكية الموجودة في المنطقة، من المفيد مراجعة القدرات المائية الحالية لتلك الدول، عبر متابعة و مراقبة عمليات انتاج و تخزين المياه العذبة الصالحة للشرب فيها .

فقد استثمرت العديد من البلدان ، بما في ذلك إيران ، بشكل كبير في محطات تحلية المياه باهظة الثمن، فمثلاً تمثل المياه العذبة التي تنتجها محطات التحلية تلك 86 % من موارد المياه العذبة المتاحة لسلطنة عمان ، و 60 % من موارد المياه العذبة المتاحة للكويت، و تمثل ما بين 40-50 % من موارد المياه العذبة المتاحة لكل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة و قطر .

والجدير بالذكر أن عدد محطات التحلية تلك مذهل للغاية وبالكاد يمكن تصوره بالنسبة لمساحات تلك الدول، حيث تمتلك الإمارات وحدها سبعون محطة تحلية كبيرة، و تمتلك إيران ستون محطة تحلية و تمتلك المملكة العربية السعودية واحد و ثلاثين محطة.

كما وتقوم هذه البلدان بتوسيع عدد محطات التحلية التي تشغلها في بلدانها لمواكبة زيادة الطلب على المياه العذبة . ففي إيران وحدها ، يتم حاليا إنشاء 25 محطة جديدة لتحلية المياه ، و من المقدر أنه عند الانتهاء من بنائها في عام 2022 ، ستصل قدرة تحلية المياه الإيرانية إلى نصف مليون متر مكعب من المياه العذبة يوميا .

و في عام 2018، افتتحت سلطنة عمان محطة بركاء 4 لتحلية المياه ، و التي تنتج أربعة و سبعين مليون غالون من المياه العذبة يوميا ، مما يزيد من قدرة إنتاج سلطة عمان الوطنية للمياه العذبة بنسبة 20% .

كما و قامت الحكومة البحرينية مؤخرا بتحديث و تطوير محطاتها الأربعة لتحلية المياه و تواصل السعي للحصول على استثمارات أجنبية لمواكبة احتياجات البلاد المتزايدة من المياه العذبة .

وعلى صعيد آخر ، لا تقل أهمية البنية التحتية لتخزين المياه عن تحلية المياه نفسها ، فالكثير من المياه العذبة التي تنتجها محطات التحلية الكبيرة في الإمارات العربية المتحدة لا يتم استخدامها مطلقا بسبب نقص مرافق التخزين .

و وفقا للسيد محمد داود من وكالة البيئة في أبو ظبي بالإمارات العربية المتحدة ، فإن محطات التحلية تستمر في إنتاج نفس الكمية في الساعة وعلى مدار 24 ساعة في اليوم، و يضيف : " ماذا سنفعل بالمياه الزائدة الآن ؟ ، إننا نسكبها و نتخلص منها في الخليج ! " ، و هذا إن دل على شيء فهو يظهر أنه إذا تم تدمير محطات تحلية المياه الخليجية، فستصبح دول الخليج الرئيسية بدون مياه عذبة في غضون أيام بسبب ضعف قدراتها التخزينية .

و الجدير بالذكر أن احتياطيات المياه الخليجية أقل بكثير من احتياطاتها النفطية، و التي يمكن تخزينها بأمان تحت الأرض . و لهذا السبب ، تستثمر معظم الدول الخليجية بكثافة من أجل تحسين قدرات احتياطاتها المائية التي ستوفر إمدادات لأكثر من بضعة أيام أو أسابيع في حالة حدوث أزمة مائية .

حيث يتجاوز الاستهلاك اليومي للمياه في المملكة العربية السعودية حاليا سعة تخزينها بالكامل ، و تقوم السلطات السعودية ببناء خزانات متعددة للتخفيف من عواقب فقدان محطات التحلية و إدارة الطفرات الدورية في الطلب على المياه العذبة .

كما و أطلقت قطر مبادرة مماثلة لبناء تسعة خزانات في مواقع مختلفة في جميع أنحاء البلاد ، حيث أدخلت السلطات مشروع الخزانات الضخمة للأمن المائي لتمديد احتياطيات إمدادات المياه الاستراتيجية في قطر من يومين إلى سبعة أيام .

و من المعروف أن مثل هذه المشاريع مكلفة للغاية، و بينما تعتبر ضرورية للأمن القومي و النمو الاقتصادي، فإن تكلفة الحفاظ على المياه العذبة و حمايتها ستستمر في الارتفاع حتى الوقت الذي تصبح فيه الاختراقات في تكنولوجيا و اقتصاديات تحلية المياه متاحة .

النهضة نيوز - بيروت