شرعت الولايات المتحدة الأمريكية في إجراء تحقيق بشأن ضرائب الخدمات الرقمية الجديدة (DST) التي فرضتها تركيا ، و ذلك بهدف التحقق في ما إذا كانت هذه الضرائب الجديدة تميز بشكل غير عادل بحق الشركات الأمريكية .
حيث أعلن مكتب الممثل التجاري الأمريكي (USTR) يوم الأربعاء الماضي أنه سوف يدقق في الضرائب التركية الجديدة إلى جانب الضرائب المماثلة التي يتم اعتمدها أو ينظر فيها في كل من الاتحاد الأوروبي و المملكة المتحدة و الهند و إيطاليا و النمسا و إسبانيا و البرازيل و جمهورية التشيك و إندونيسيا .
وقد أعلن المكتب الأمريكي أن "هناك مهلة حتى 15 يوليو الجاري أمام السلطات في جميع البلدان التي يتم التحقيق فيها لتقديم تعليقاتها العامة إلى مكتب الممثل التجاري الأمريكي"، وإذا ما تبين أن مخطط الضرائب التركي الجديد يستهدف بشكل غير عادل أو أحادي الجانب شركات التكنولوجيا الأمريكية مثل شركة فيسبوك أو أمازون أو نتفليكس أو جوجل ، فقد تواجه الدولة تعريفات جمركية أمريكية على منتجاتها الاستراتيجية" .
و قد أوضح الممثل التجاري الأمريكي، روبرت لايتهايزر، في بيان أنه" يشعر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقلق من أن العديد من شركائنا التجاريين يعتمدون مخططات ضريبية مصممة لاستهداف شركاتنا بشكل غير عادل و تمييزي . و نريد أن نوضح أننا على استعداد لاتخاذ جميع الإجراءات المناسبة للدفاع عن أعمالنا و شركاتنا ضد أي تمييز أو معاملة غير عادلة من هذا القبيل ".
وقد أدخلت تركيا ضرائب الخدمات الرقمية الجديدة (DST) في شهر ديسمبر من العام الماضي حيز التنفيذ بهدف جمع الإيرادات المستمدة من الخدمات الرقمية التي تقدمها الشركات متعددة الجنسيات التي ليس لها مقر في تركيا . حيث تستهدف هذه الضرائب المثيرة للجدل شركات التكنولوجيا التي لديها عدد كبير من المستخدمين داخل الأراضي التركية ، و لكنهم لا يدفعون سوى القليل من الضرائب .
ومقارنة بأنظمة الضرائب المماثلة في دول أخرى ، فإن معدل ضرائب الخدمات الرقمية الجديدة (DST) تعتبر من أعلى المعدلات في العالم . حيث يجب بموجبها على جميع الشركات التي لديها إيرادات في تركيا بقيمة 20 مليون ليرة تركية (2.6 مليون يورو) و إيرادات جماعية مجمعة تبلغ 750 مليون يورو أو أكثر ، أن تدفع ضرائب الخدمات الرقمية الجديدة (DST) ، و التي تبلغ قيمتها 7.5 % من إجمالي الإيرادات من المبيعات في تركيا ، و التي تم تطبيقها لأول مرة بشكل رسمي بتاريخ 1 أبريل .
بالإضافة إلى ذلك، فإن الخدمات الإعلانية عبر الإنترنت و مبيعات المحتوى الرقمي و خدمات المنصة الرقمية تتبع للضرائب الإلكترونية الجديدة أيضا .
يعتقد الخبراء أن تحرك الولايات المتحدة للتحقيق في ضرائب الخدمات الرقمية الجديدة (DST) التركية يهدف إلى منع الدول الأخرى من اعتماد ضرائب مماثلة ، و التي ستستهدف بشكل أساسي الشركات الأمريكية .
من جانبه ، قال الدكتور إردال إيكينسي ، الشريك في شركة Esin Attorney Partners التي تتخذ من إسطنبول مقرا لها ، أن مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة قد يجادل في أن ضرائب الخدمات الرقمية الجديدة (DST) في تركيا يعطي معاملة "أقل تفضيلا" لموردي الخدمات الأمريكية مقارنة بمنافساتها المحلية أو العاملة في الاتحاد الأوروبي .
كما و أشار أنه إذا لم تتخذ أنقرة خطوة إلى الوراء ، فإن الولايات المتحدة يمكن أن تنتقم بطريقة مماثلة كما فعلت مع فرنسا . ففي شهر ديسمبر ، اقترحت الولايات المتحدة زيادة التعريفات الجمركية بنسبة تصل إلى 100 % على المنتجات الفرنسية التي بلغت قيمتها 2.4 مليار دولار ، و ذلك بعد أن تبين أن الضرائب الرقمية في البلاد تتعامل بشكل تمييزي ضد الشركات الأمريكية الرقمية . و نتيجة لذلك ، اضطرت فرنسا إلى تعليق الضريبة الرقمية حتى اختتام المحادثات ذات الصلة في منظمة التعاون و التنمية الاقتصادية .
كما و قال الخبير التكنولوجي ، بوراك دالجين ، لصحيفة "عرب نيوز" أن هناك خطر لحدوث الازدواج الضريبي في تركيا من حيث توفير الخدمات الرقمية .
حيث أوضح أنه " سيتعين على الشركات متعددة الجنسيات دفع الضرائب على خدماتها الرقمية و دفع الضرائب على عملياتها داخل تركيا أيضا، وأعتقد أنه يجب أن تصمم خطط الضرائب هذه من خلال التشاور و التوافق الدولي ".
كما و أشار دالجين، وهو أحد الأعضاء المؤسسين لحزب "ديفا" الانفصالي الجديد في تركيا ، بقيادة القيصر المالي السابق علي باباكان ، إلى أن تركيا ستعين سفيرا في وادي السيليكون بولاية كاليفورنيا إذا وصل حزبه الجديد إلى السلطة . مضيفا : " نحتاج إلى منظور شامل يطور النظام البيئي التكنولوجي لدينا ، و ليس العكس ".
في الوقت الراهن ، إن شركة جوجل هي الشركة الوحيدة التي لديها مكتب اتصال رسمي في إسطنبول ، بينما قد تفتتح شركة نتفليكس مكتبا لها في تركيا عما قريب . و وفقا لبيانات القطاع الرقمي في البلاد ، يبلغ اجمالي الإيرادات التي تحصل عليها شركات التكنولوجيا العملاقة في تركيا حوالي 2.3 مليار دولار سنويا .
و قد قال الدكتور إكينسي : " إن معدل ضرائب الخدمات الرقمية الجديدة (DST) البالغ 7.5 % مرتفع للغاية مقارنة بالضرائب الأخرى التي تكون بشكل عام متراوحة بين %2 إلى 3% فقط ، حيث أن الضرائب المفروضة على الشركات البريطانية أو الفرنسية لا تتعدى معدل الـ 3% ".
و أضاف " إذا فرض مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة عقوبات على تركيا ، فإن ذلك سيؤثر بالسلب على العلاقات الاقتصادية و التجارية بين البلدين بلا شك . و قد تشمل هذه العقوبات إدخال رسوم جمركية إضافية جديدة و قيود معقدة لنظام الاستيراد على المنتجات المصدرة من تركيا إلى الولايات المتحدة . و قد تقارن الحكومة التركية دخل الدولة المتولد من خلال ضرائب الخدمات الرقمية الجديدة (DST) التي تم جمعها من الشركات الأمريكية و العبء الاقتصادي لتلك العقوبات ، و نتيجة لهذه المقارنة ، قد تختار تركيا مراجعة ضرائب الخدمات الرقمية الجديدة (DST) بطريقة للقضاء على أي ادعاءات تمييز ".
النهضة نيوز