هواوي

أخبار

أمريكا والصين .. الحرب قد تبدأ من "هواوي"

14 حزيران 2020 22:17

رأى جراهام تي أليسون وهو أستاذ السياسية في جامعة هارفارد، في مقال نشره عبر مجلة " الناشيونال إنتريست" إن الحرب التكنولوجية التي تشنها الولايات المتحدة ضد الصين قد تتطور إلى حرب حقيقية. وأن الإدارة

رأى جراهام تي أليسون وهو أستاذ السياسية في جامعة هارفارد، في مقال نشره عبر مجلة " الناشيونال إنتريست" إن الحرب التكنولوجية التي تشنها الولايات المتحدة ضد الصين قد تتطور إلى حرب حقيقية.

وأن الإدارة الأمريكية تهدف إلى قتل شركة هواوي الصينية بشكل نهائي.
وتنبأ الكاتب الأمريكي، الذي ألف كتاب مقدر للحرب، بان تلويح الولايات المتحدة الأمريكية بوقف تصدير "أشباه الموصلات" التي تدخل في صناعة تقنيات الجيل الخامس، لـ "هواوي"؛ سيدفع حالة الهدوء العسكرية القائمة إلى الانفجار نحو معركة حقيقية.

وعلل الكتاب ذلك، بالقول أن الصين لن تسمح بانهيار أبرز شركاتها الرائدة، وأنها قد تضطر للسيطرة على تايوان، في حال انصاعت للقرارات الأمريكية.

 

وفيما يلي نص المقال الذي ترجمته "النهضة نيوز" :


إن الحرب التكنولوجية التي تديرها الإدارة الأمريكية ضد الصين تهدف بشكل مباشر إلى إضعاف شركة الاتصالات الصينية الوطنية "هواوي" من أن تصبح القوة التكنولوجية و المورد المهيمن الرئيسي لتقنيات الجيل الخامس 5G في العالم .

كما أن هدف الإدارة ، كما وصفها موظف سابق في إدارة ترامب ، هو "قتل هواوي". و قد سمعت الصين تلك الرسالة بالفعل و فهمت ما تريده الولايات المتحدة ألأمريكية و كيفية التعامل معها ، و ذلك بحسب ما قاله كما الرئيس التنفيذي الأسطوري لشركة هواوي رين زينغفي لقيادة الشركة في شهر فبراير الماضي ، مضيفا :" لقد دخلت الشركة في حالة حرب!" .

و بعد أشهر من الجهود الدبلوماسية لثني دول أخرى عن شراء البنية التحتية لتقنيات الجيل الخامس الصينية من شركة هواوي ، قامت الإدارة الأمريكية بتسديد ما وصفه بعض المسئولين "الضربة القاتلة" بتاريخ 15 مايو ، حيث حظرت وزارة التجارة الأمريكية تداول و تصدير جميع أنواع أشباه الموصلات المتقدمة من الموردين الأمريكيين إلى شركة هواوي ، كما و حظرت جميع مبيعات معدات تصميم و إنتاج أشباه الموصلات المتقدمة من قبل الشركات الأجنبية التي تستخدم التكنولوجيا الأمريكية أو الملكية الفكرية الخاصة بها .

و الآن ، مع بقاء قرابة الخمسة أشهر من عقد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في شهر نوفمبر، هل يمكن أن تحاول الولايات المتحدة فرض هذا الحظر ليصبح مكافئا لحظر النفط الذي فرضته الولايات المتحدة على اليابان في أغسطس من عام 1941؟ ، ففي حين أن الكثير من الناس قد لا يتذكرون ما حدث ، و بينما لم يكن بالتأكيد ما قصدته الولايات المتحدة أو توقعته ، فإن هذا الإجراء عجل بهجوم اليابان على ميناء بيرل هاربور الأمريكي بعد أربعة أشهر فقط من ذلك الحظر ، و هو ما دفع الولايات المتحدة إلى دخول الحرب العالمية الثانية .

إن الفكرة القائلة بأن الولايات المتحدة و الصين قد تجدان أنفسهما في حرب حقيقية ساخنة دموية ستشعر العديد من القراء بأنه أمر لا يمكن تصوره . و لكن يجب أن نتذكر أنه عندما نقول أن شيئا ما لا يمكن تصوره ، فهو ليس ادعاء حول ما هو ممكن في هذا العالم المتغير ، بل حول ما يمكن أن تتخيله عقولنا . ففي صيف عام 1941 ، كانت إمكانية قيام دولة أقل من ربع حجم الولايات المتحدة بإطلاق صاروخ ضد أقوى دولة في العالم أبعد من خيال واشنطن بكثير .

و لمعاقبة اليابان على عدوانها العسكري ضد جيرانها في أواخر الثلاثينيات ، فرضت الولايات المتحدة في البداية عقوبات ، ثم فرضت حظرا على صادرات الحديد عالي الجودة و وقود الطائرات إلى اليابان .

و عندما فشلت هذه الدول في وقف توسعها ، زادت واشنطن الضغط من خلال تضمين المواد الخام الأساسية مثل الحديد و النحاس و الألمونيوم أيضا.

و أخيرا في يوم 1 أغسطس 1941 ، أعلن فرانكلين روزفلت أن الولايات المتحدة ستحظر جميع شحنات النفط إلى اليابان .

و الجدير بالذكر أن 80٪ من نفط اليابان كان يأتي من الولايات المتحدة الأمريكية ، و قد طلبت القوات العسكرية اليابانية أن يتم استخراج النفط محليا و كذلك عبر منطقة الرخاء المشترك الأكبر في شمال شرق آسيا .

و ذلك في إطار مواجهة ما اعتبرته خيارا بين الاختناق البطيء و المؤكد من ناحية ، و اغتنام الفرصة القصوى التي أعطت لليابان في البقاء من ناحية أخرى ، حيث اختارت الحكومة أن تغتنم الفرصة بما تأمل أن يكون "ضربة قاضية" عبر شن هجوم استباقي جريء يهدف إلى تدمير قوات البحرية الأمريكية في المحيط الهادئ المتمركزة في بيرل هاربور .

و كما قال مصمم الهجوم ، الأدميرال إيزوروكو ياماموتو للإمبراطور الياباني في ذلك الوقت : " في الفترة الأولى المتراوحة ما بين ستة أشهر و عام من الحرب ضد الولايات المتحدة وإنجلترا ، سنتحرك بسرعة و دقة و سأريكم سلسلة من الانتصارات دون انقطاع . و لكن إذا ما استمرت الحرب لمدة سنتين أو ثلاث سنوات ، فلا أثق في انتصارنا النهائي ".

  • بعد ربيع البجعة السوداء ، ماذا يمكن أن يحدث أيضا في خريف عام 2020 ؟

دعونا نتخيل أن إدارة ترامب تنفذ الحظر المفروض على جميع مبيعات أشباه الموصلات و المعدات المتطورة لتصنيع أشباه الموصلات إلى الصين بالفعل . و لنتخيل كذلك أن رئيس شركة هواوي يؤمن حقًا بما قاله بعد الإعلان عن الحظر أن هذا يجبر شركة هواوي على "السعي للبقاء" بدلا من التقدم .

 فإذا خلص الرئيس شي جين بينغ إلى أن هذه مسألة حياة أو موت لشكته الوطنية المتطورة التي تعتبر الملصق لبرنامج انتخابه الرئاسي الواعد بالقيادة التكنولوجية الصينية بحلول عام 2025 وعام 2030 ، فما الخيارات المتاحة أمام الصين ؟

و مع تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة و الصين خلال الأشهر المقبلة ، هل يمكن أن تقرر بكين محاولة جعل تايوان التي تقوم بصناعة أشباه الموصلات حلا لها ؟ ، فقد قام مخططو الدفاع الأمريكيون بتحليل مجموعة من السيناريوهات التي يعتقدون أن المخططين الصينيين قد أخذوها بعين الاعتبار . حيث يبدأ ذلك بقطع شريان الحياة في تايوان من النفط و الغذاء و الإمدادات الأساسية الأخرى التي تصل يوميا عن طريق السفن ، و التي تشبه في جوهرها نسخة القرن الحادي و العشرين من التدابير القسرية التي استخدمتها الصين في عام 1996 لتخويف تايوان .

أما الخيار الثاني فهو أن يقوم القراصنة السيبرانيين في الصين بإغلاق الشبكة الكهربائية التايوانية و شبكة الإنترنت كخطوات أولية ضمن مخطط تصاعدي يمكن أن يشمل بعد ذلك هجمات سرية أو علنية على القواعد العسكرية التايوانية لإقناع الحكومة التايوانية على تلبية مطالبها. و الخيار الثالث يتنبأ باعتماد الصين على الوكلاء و المتعاطفين معها ، و ربما بمساعدة نسخة صينية من "عملية الاستيلاء على القرم" من قبل مقاتلي مجموعة فاجنر الروسية العسكرية الخاصة التي سيطرت عام 2014 على شبه جزية القرم بالكامل ، حيث استولوا على المطارات و الموانئ و مراكز الاتصالات .

فإذا استولت القوات الصينية على مصانع و مختبرات صناعة أشباه الموصلات المتقدمة التايوانية ، فهل سيحل ذلك مشاكل أشباه الموصلات المتقدمة التي تحتاجها شركة هواوي وغيرها من الشركات الرائدة في مجال التقنيات الصينية في صناعاتها ؟ . على الرغم من اختلاف الآراء ، بعد التشاور مع عدد من العاملين في الشركات الأمريكية و البريطانية الرائدة في هذه الصناعة ، فإن أفضل رأي هو أن هذه الفترة قد تعتبر وقتا حرجا للصين ، و التي قد تمتد من عام إلى عامين لتستطيع الاعتماد على نفسها في هذا المجال . و بالطبع ، سيقوم قادة الصناعة مثل شركتي Qualcomm و ARM باستمرار بتحسين تصميماتهم و عمليات التصنيع الخاصة بهم في هذا الوقت .

 و لكن نظرا إلى أن شركة هواوي بجانب عدد من الشركات الصينية الأخرى قد عملت بجد في تطوير القدرات المحلية ، حتى و إن كان يجب أن تكون متأخرة لمدة عام ، فقد يسمح ذلك للصين بالاستمرار في ريادتها في هذه التكنولوجيا الجديدة المهمة رغم كل شيء .

و الجدير بالذكر أنه قبل الإقدام على العمل العسكري ضد تايوان ، ستفكر الصين في ردود الفعل الأمريكية . ففي عام 1996 ، عندما بدأت بكين في تحركات مماثلة ، أجبرت على التراجع عندما أمر الرئيس الأمريكي بيل كلينتون حاملتي طائرات أمريكيتين بدعم تايوان . و لكن هذا الإذلال الدرامي أثار تصميم القادة الصينيين على بناء قدراتهم العسكرية الخاصة لضمان عدم حدوث ذلك مرة أخرى . فكما تم الإبلاغ على نطاق واسع ، بما في ذلك في أكثر الكتب مبيعا بواسطة كريس بروز ،"سلسلة القتل" ، فقد تغير ميزان القوة العسكرية الصينية بشكل كبير منذ ذلك الحين ، و في المباريات الحربية الثمانية عشر الأخيرة التي خاضتها الولايات المتحدة و الصين في محاكاة حرب ساخنة على تايوان ، كانت النتيجة الصين : ثمانية عشر مقابل صفر للولايات المتحدة الأمريكية .

فهل مثل هذا السيناريو محتمل ؟ لا أعتقد ذلك . إنني أراهن على أن تصريحات الولايات المتحدة بشأن الحظر المفروض على توريد جميع أشباه الموصلات لهو مجرد نباح إعلامي لا أكثر . كما أن هذه هي أيضا الطريقة التي يقيم بها السوق هذه المواجهة ، حيث ارتفعت أسعار أسهم الموردين الرئيسيين لأشباه الموصلات لشركتي هواوي و الصين ، بما فيها  شركة TSCM و Intel و Qualcomm و Broadcom  منذ الحظر المعلن عنه .

و مع ذلك ، فإن السؤال الحاسم هو ما إذا كان مثل هذا السيناريو ممكنا .  والجواب على هذا السؤال هو "نعم بالتأكيد" ، حيث يجب على أولئك الذين يجدون هذا خياليا أن يراجعوا بعناية ما فعلته الأوتوقراطية بقيادة حزب الرئيس شي في الأسابيع القليلة الماضية في هونغ كونغ .

فإدراكا منها أن الأزمة ستكون أمرا رهيبا يجب إهداره ، استغلت بكين التشتيت و الفوضى الناجمين عن جائحة فيروس كورونا لتضييق الخناق لوقف انزلاق المدينة نحو مزيد من الحكم الذاتي . كما أن الجهود غير الفعالة التي بذلتها السلطات المحلية طوال العامين الماضيين لمنع المظاهرات الأسبوعية الغاضبة التي تطالب بمزيد من الحكم الذاتي كان بمثابة إحراج لشي و حكومته .

لقد سألني الزملاء و النقاد كيف يمكن لإحباط و سيطرة شاملة مفروضة من قبل الحكومة التي أكدت سلطتها بفاعلية على البر الرئيسي أن يعيقها بعض المراهقين الجامحين ، و الجواب على ذلك هو تحرك بكين البطيء لفرض قانون جديد للأمن القومي على هونغ كونغ ، و الذي سيحظر أربع خطايا تعتبرها الحكومة الصينية من الخطوط الحمراء ، و هي " الخيانة ، الفتنة ، التخريب ، التدخل الأجنبي " . فهذا القانون سيسمح لقوات أمن الدولة في بكين بالعمل علنا في هونغ كونغ ​​لاعتقال المخالفين و المعارضين .

و تجدر الإشارة إلى أنه تحت غطاء إجراءات مكافحة جائحة الفيروس التاجي المفروض التجمعات الاجتماعية و متطلبات التباعد الاجتماعي ، اعتقلت بكين بالفعل عددا من قادة حركة الاحتجاج و الديمقراطية و عززت نظام المراقبة الخاص بها في هونغ كونغ و البر الرئيسي للصين . فبينما عاد بعض سكان هونج كونج إلى الشوارع للاحتجاج مؤخرا ، إلا أن قادة هذه الجهود عبروا عن شعورهم بأن الفشل هو نتيجة "لا مفر منها" .

بصفته وزير خارجية تايوان ، حذر جوزيف وو قبل أسبوعين قائلا : " إذا سقطت هونغ كونغ ، فإننا لا نعرف ما الذي سيحدث بعد ذلك . فقد تكون تايوان هي التالي " .

كما و أدانت حكومة الولايات المتحدة تصرفات بكين بشكل علني و حازم ، حيث وصفها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بأنها تدق "أجراس الموت لاستقلال هونغ كونغ". و هي تستعد حاليا للرد بالعقوبات و حتى النظر في حرمان هونغ كونغ من كونها مركزا خاصا للتجارة و التمويل على الرغم من أن ذلك من شأنه أن يلحق الضرر بهونج كونج أكثر من بكين .

من المؤكد أن كل هذا سيصبح ذخيرة في أبشع حرب تدور في وقتنا هذا ، و هي الحرب الدائرة داخل الولايات المتحدة الأمريكي ، حيث يقاتل ترامب من أجل إعادة انتخابه لضمان ما يعتبره بقاءه الشخصي و مستقبل رؤيته لأمريكا ، ضد المرشح الديمقراطي المنافس جو بايدن و حزبه الديمقراطي الذين يقاتلون من أجل ما يعتقدون بأنه بقاء الديمقراطية الأمريكية .

باختصار ، كما كتبت في كتاب "مقدر للحرب" (الذي نُشر في يوم الذكرى قبل ثلاث سنوات) ، يجب أن نتوقع أن تسوء الأمور قبل أن تتفاقم ، ففي الوقت الذي تشوه فيه الولايات المتحدة بشكل متزايد الصين الصاعدة التي تهدد بتهجيرنا من مركزنا القيادي في كل ساحة عالمية ، و تدفع الصين مرة أخرى لضمان أن تتمكن من تحقيق حلمها ، يجب أن يكون كلاهما على دراية تامة بأن التنافسات الجيوسيدية غالبا ما تنتهي باندلاع حروب حقيقية .

علاوة على ذلك ، فإن الخطر الرئيسي للحرب في هذه الخصومات لا يأتي من القوة الصاعدة أو الحاكمة التي تقرر أنها تريد الحرب أم لا . فبدلا من ذلك ، إن الإجراءات التي لها آثار غير مقصودة ، أو استفزازات من أطراف ثالثة ، أو حتى حوادث من شأنها أن تكون غير منطقية أو تتم إدارتها بسهولة ، غالبا ما تؤدي إلى دوامة من ردود الفعل التي تجر الأبطال الرئيسيين إلى ما يعرفه كلاهما بأنه سيكون كارثة مدمرة .

 

خلاصة القول : ما تبقى من عام 2020 يمكن أن يشكل اختبارا حقيقيا و صعبا للولايات المتحدة و الصين كما فعلت الأشهر الخمسة الأخيرة من عام 1941 للولايات المتحدة و اليابان .

مقال رأي للكاتب : جراهام تي أليسون ، أستاذ قسم دوجلاس ديلون في كلية هارفارد كينيدي . و هو المدير السابق لمركز بيلفر في جامعة هارفارد ، و مؤلف كتاب "مقدر للحرب : هل يمكن لأمريكا و الصين الهروب من فخ ثوسيديديس ؟.

النهضة نيوز - ترجمة خاصة