العقار أفضل استثمار

أخبار لبنان

لبنان| قبل أن تقعوا في فخ: "العقار أفضل استثمار"

باولا عطية

1 تموز 2020 13:43

العقار أفضل استثمار تحت هذا الشعار كثرت الإعلانات التلفزيونية التي شجعت اللبنانيين على الاستثمار بودائعهم ومدخراتهم المحجوز عليها في البنوك بالعقارات من خلال ما يعرف بالشيكات المصرفية وفي بعض الحالا

العقار أفضل استثمار! تحت هذا الشعار كثرت الإعلانات التلفزيونية التي شجعت اللبنانيين على الاستثمار بودائعهم ومدخراتهم المحجوز عليها في البنوك بالعقارات من خلال ما يعرف بالشيكات المصرفية، وفي بعض الحالات يمكن أن يطلب البائعون مبلغا صغيرا بعملة الدولار أيضا قبل أن يقوموا بإيداع الشيكات وصرفها من بنك لبناني، على الرغم من أنه لا يمكنهم سحب سوى جزء ضئيل للغاية من المبلغ نقدا.

فبعد الأزمة المالية التي عصفت بالاقتصاد اللبناني والتي طالت القطاع المصرفي وجاءت نتيجة سياسات فاسدة اعتمدتها الحكومات السابقة في إدارة شؤون لبنان الى جانب سياسات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، التي ارتكزت على تشجيع المستثمرين على وضع أموالهم في البنوك بفوائد عالية بدل استثمارها بمشاريع اقتصادية تنمي البلد.

قبل أن ينتهي كل ذلك، بتهريب كبار المودعين في لبنان أموالهم بالعملات الصعبة، قبيل ثورة 17 تشرين الى خارج لبنان؛ ما أدى الى نقص حاد في احتياطي مصرف لبنان من العملات الصعبة وأثر على سعر صرف الدولار في لبنان بالنسبة الى الليرة اللبنانية، ما اجبر المصارف الى فرض ما عرف بالكابيتال كنترول في الفترة الأولى على حجم السحوبات بالدولار المسموحة للمودعين، وتنتقل من بعدها الى الحجز التام على أموال هؤلاء بالدولار، الا ان الوفد الحكومي المفاوض مع صندوق النقد الدولي طمأن المودعين المحجوز على أموالهم ان عملية الاقتطاع من الودائع لن تطال الا كبار المودعين، أي من تخطت قيمة ودائعهم نتيجة ارباحهم من الفوائد الـمليون دولار وفما فوق.

أما الوضع الراهن، فينطبق عليه واقع المثل الشعبي بقليل من التصرف: "مصائب قومٍ عند قوم .. مرابح"، إذ وجد أصحاب العقارات في ازمة الدولار وافلاس المصارف فرصة لإعادة تنشيط القطاع العقاري في لبنان خصوصا بعد فترة الركود التي اصابته بعد تآكل ثقة المستثمرين في الخارج بلبنان.

الطريقة التي حاولت المصارف فيها التخلص من حسابات المودعين "غير المتوفرة حالياً" عبر تحويلها إلى عقارات، لاقت قبولاً لدى شريحة معينة تمتلك فائضاً من الخيارات التي تتخطى السعي وراء لقمة العيش، وهذا بالضبط ما فعله المغترب اللبناني "إلياس" الذي نقل تجربته في هذا المجال وأكد أنه اضطر للتعاطي مع الواقع الراهن، إذ قام أولا بشراء ساعة روليكس "Rolex" الفاخرة ، ثم اشترى أرضا في قريته، و اشترى شقة أكبر في العاصمة بيروت و باع شقته القديمة في أوائل شهر يونيو. مما سمح له بتقليل الرصيد الموجود في حسابه المصرفي بالدولار من أكثر من مليون دولار إلى أقل من النصف تقريبا، وكان يتطلع إلى شراء سيارة رياضية للأراضي الوعرة، لكنها نفذت من متاجر ومعارض المستوردين.

وعلى صعيد آخر، لم يعني ارتفاع الأسعار وانتعاش سوق العقارات وارتفاع أعداد العقارات التي يتم بيعها أن قيمتها قد ارتفعت بالنسبة للأسواق غير اللبنانية. فعلى العكس تماما، تآكلت الثقة في قيمة العملة المحلية "الليرة اللبنانية" إلى حد أن الأسعار قد تنخفض بشدة إذا ما قام العميل بتحويل الأموال لشركات العقارات أو لحساب بنكي خاص بمالك العقار الذي يرغب بشرائه باليورو أو بالدولار الأمريكي.

وهو ما وضحه زاهر البستاني، مدير إحدى الشركات العقارية في لبنان بالقول " الدولار أصبح هو المعيار الحقيقي اليوم، حيث أن هناك خصما يصل إلى 60% على أسعار العقارات إذا ما دفع العميل بالدولار الأمريكي الحقيقي، مقارنة باستخدام الدولار من الأرصدة المجمدة في البنوك اللبنانية، و الذي أصبح يعرف محليا باسم "لولار"، مضيفا "هذا الازدهار الطفيف شبه انتهى تقريبا بسبب انخفاض عدد العقارات المتاحة في السوق في الوقت الراهن، بالإضافة إلى أن حافز البيع أصبح يتضاءل بالنسبة لشركات العقارات والبائعين لأنهم قد شارفوا على تغطية ديونهم للبنوك بالكامل".

ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد، بدأ العديد من الناس يفقدون الأمل في أن يتمكنوا من استعادة وصرف أموالهم من البنوك. خاصة بعد أن انخفضت قيمة العملة المحلية "الليرة اللبنانية" بنحو 80% في السوق السوداء منذ شهر أكتوبر الماضي، في حين لا تزال قيمة العملة المحلية في السوق الرسمية 1.507.5 ليرة لبنانية مقابل الدولار سارية، ولكن نادرا ما يتم تطبيقه منذ أن بدأت الأزمة النقدية منذ فصل الصيف الماضي.

يضيف البستاني موصفاً الوضع الراهن: " أن أسعار العقارات ستنخفض على الأرجح خلال العام المقبل، فقد لجأ الناس إلى شراء العقارات دون رؤية على المدى الطويل، وذلك لأنهم اضطروا إلى إخراج دولاراتهم من البنك خوفا من خسرانها، لكنهم لا يدركون أن الممتلكات التي لا يعيشون فيها أو لا يقومون بتأجيرها سيتعين عليهم دفع ضرائبها ونفقات ملكيتها. وفي العام المقبل، سيعود العديد منهم لبيعها بخسارة على الأرجح".

خلاصة ما سبق قدمها رئيس تجمع رجال الاعمال القيادي في الهيئات الاقتصادي فؤاد رحمة، الذي فسر في حديث لمراسلة "النهضة نيوز"،  أن "مسألة بيع العقارات تصب في الدرجة الأولى بمصلحة من عليه دين؛ فعندما يبيع عقاره ويحصل في المقابل على شيك من البنك يستطيع اكتتاب ديونه هذا الشيك، أما من ليس عليه دين فمن المفضل ألا يبيع عقاره او ممتلكاته؛ لأنه عندما سيقدم الشيك الى البنك لن يعطيه البنك أمواله فورا انما قد يحجز عليهم او يجمدهم لفترة قصيرة حتى ولو كان المبلغ بالليرة اللبنانية، كما يمكن لصاحب الشيك التوصل الى اتفاق مع البنك بإعطائه جزء من المال وتجميد الجزء الثاني وذلك يعود لسياسة كل بنك".

النهضة نيوز