دراسة الحمض النووي القديم للفايكنغ يكشف سبب موتهم

كشفت دراسة جديدة على الحمض النووي المكتشف من بقايا عظمية لسلالات عصر الفايكنغ، الشعب الأسطوري الذي يعتبر في يومنا هذا منقرضاً، أنهم قد يكونوا أصيبوا بمرض الجدري القاتل.

وبحسب ما أفاد فريق العلماء القائم على الدراسة التي نشرت بتاريخ 24 يوليو في مجلة Science العلمية المرموقة، فإن النتائج تشير إلى أن ظهور فيروس الجدري القاتل الذي كان يعتقد أنه ظهر قبل ما يقرب من 1000 عام ، قد ظهر إلى عام 603 بعد الميلاد تقريباً.

واكتشف الباحثون في السابق آثارا قديمة للحمض النووي لفيروس الجدري في مومياء من منتصف القرن السابع عشر، والتي وضعت الأصل المشترك لظهور السلالات الحديثة من الفيروس في القرن السادس عشر أو السابع عشر.

ولكن لا يزال من غير المؤكد متى بدأ الفيروس الذي يسبب الجدري في إصابة الناس. حيث يقدر العلماء أن المرض قد قتل ما يصل إلى 500 مليون شخص، وهو الفيروس الوحيد الذي تم القضاء عليه على مستوى العالم بشكل تام في وقتنا هذا عبر اللقاحات المبكرة.

كما ووثقت السجلات المكتوبة منذ أكثر من 3000 عام إصابة الناس بأعراض شبيهة بالجدري، وقد حدد العلماء وجود بعض بقايا الفيروس على بعض الجثث المحنطة أيضاً، ولكن من الصعب إثبات أن فيروس الجدري كان السبب في موت أصحاب تلك الجثث.

وبحسب البروفيسورة آنا دوجان، عالمة الوراثة التطورية في جامعة ماكماستر في هاملتون بكندا، التي لم تشارك في الدراسة: "إن هذا عمل مثير حقاً، حيث أن فهمنا لهذا المرض التاريخي والمدمر أصبح أكثر اتساعاً من قبل، وقد أصبحنا نعرف أكثر عن تنوع فيروس الجدري الذي لم يكن مفهوما بشكل تام حتى الآن".

بالإضافة إلى ذلك، قام البروفيسور مارتن سيكورا، عالم الأحياء الرياضية في جامعة كوبنهاغن، وزملاؤه بعزل الحمض النووي الفيروسي من عينات مأخوذة من أسنان وعظام 1867 إنسانا عاشوا منذ 3100 إلى 150 عاما تقريباً. وقد كان هناك وجود لبقايا فيروس الجدري على عينات 13 شخصاً منهم، و التي يعتقد أن 11 منهم كانوا من الفايكنج الذين عاشوا في شمال أوروبا و غرب روسيا و المملكة المتحدة في عصر الفايكنج منذ أكثر من 1000 عام.

في حين عاش الاثنان الآخران في غرب روسيا خلال القرن التاسع عشر وكانوا مصابين بسلالات فيروس الجدري الشبيهة بالسلاسات الحديثة.

وأعاد الفريق بناء المخططات الوراثية شبه الكاملة لأربعة من بقايا الفيروسات القديمة التي اكتشفوها، والتي تكشف أن سلالات الجدري في عصر الفايكنغ تنتمي إلى مجموعة منقرضة الآن من فيروسات الجدري.

وخلال هذه الفترة، ربما كان الجدري منتشراً في جميع أنحاء أوروبا وقد كان يشكل جائحة فيروسية قاتلة، حيث أن عادة للفايكنغ المتمثلة بالترحال والغزو أدت إلى تفشي الفيروس معهم أينما سافروا، وقد تكون سبباً أساسياً في انقراضهم أيضاً، وذلك بحسب ما قاله البروفيسور سيكورا.

والجدير بالذكر أنه على الرغم من اختفاء سلالات فيروس الجدري القديمة، إلا أن بقايا حمضها النووي قد ساعدت في الكشف عن علاقات البشر الواسعة مع مسببات الأمراض. حيث يقول البروفيسور سيكورا: "لقد كانت هذه الأنواع من الأوبئة جزءاً أساسياً من تاريخنا البشري. فما نراه اليوم هو مجرد غيض من فيض مما كان موجودا في السابق".