تعد المساحات الطبيعية الرملية للمريخ موطنا للكثير من الأحوال الجوية القاسية، بما في ذلك العواصف الترابية الفردية الكبيرة للغاية ، و التي يمكن ملاحظتها في بعض الأحيان باستخدام التلسكوبات من على سطح الأرض . لكن الطقس اليومي لكوكب الأحمر ما يزال لغزا غامضا ومحيرا.
وفي الوقت الراهن ، أشارت دراسة جديدة راقبت الحركات الدقيقة لتموجات الرمال الضخمة على سطح المريخ إلى أن المريخ قد يشهد في الواقع رياحا أكثر مما كان يعتقد الباحثون من قبل .
كما أنه ليس من غير المألوف العثور على ميزات تشبه التموجات الرملية ، المعروفة باسم "megaripples" ، في بعض صحارى المريخ ، لكن العلماء اعتقدوا سابقًا أن هذه كانت أشكالًا راكدة للأرض و بقايا الكوكب القديمة الأكثر ديناميكية من الناحية الجيولوجية ، حيث ساد التفكير بأن الغلاف الجوي الرقيق للمريخ لم يكن من المحتمل أن يثير رياحا قوية بما يكفي لتحريك تلك التموجات الرملية و الكثبان الضخمة .
و لكن وفقا لسيمون سيلفسترو وهي عالِمة الأبحاث في المعهد الوطني للفيزياء الفلكية في نابولي بإيطاليا ، و المؤلفة الرئيسي للدراسة التي نشرت في يونيو الماضي في مجلة البحوث الجيوفيزيائية عن الكواكب ، قد يكون الأمر مختلفا الآن عما سبق .
حيث تقول سيلفسترو : " إن هذه هي آخر الأشياء التي تتوقع أن تتحرك على سطح المريخ ، لأنك تحتاج حقا إلى رياح قوية لتحريك هذه الرمال الكثيرة . فالحقيقة هي أن الغلاف الجوي للمريخ يثير الدهشة دائما و يمكنه فعل ما لا يمكن توقعه ".
خلال الدراسة ، استخدم العلماء البيانات التي جمعتها مركبة استكشاف المريخ المدارية التابعة لناسا ، و التي تدور حول الكوكب منذ عام 2006 لدراسة موقعين قريبين من خط الاستواء المريخي ، منطقة " McLaughlin Crater " و منطقة " Nili Fossae " ، ثم قارنوا صورا ملتقطة لهذه المواقع على مدى 7.6 أعوام المنطقة الأولى و 9.4 أعوام في المنطقة الثانية ، و وجدوا أن الحلقات الضخمة في كلاهما قد تحركت بمعدل 3 أقدام خلال تلك الفترات الزمنية .
و أضافت سيلفسترو أن النتائج التي توصل إليها فريقها كانت غير متوقعة ، لأن الحلقات العملاقة تتكون من حبيبات رملية خشنة و ثقيلة ، خاصة عند قمم تلك الكثبان الرملية المتموجة . مشيرة إلى أنه يمكن أن تهب جزيئات الغبار الدقيقة أثناء العواصف الترابية المريخية ، و لكن لم يكن معروفا من قبل ما إذا كانت الرياح على المريخ قوية بما يكفي لنحت مثل تلك الحلقات الضخمة.
و أكملت : " نرى أساسا أن المريخ لا يزال يتفاعل جيولوجيا من وجهة النظر هذه . و فيما يتعلق بالتاريخ الجيولوجي للكوكب ، لا يمكننا التمييز بين ماضي المريخ و حاضره ، و هذا أمر مهم لاستكشاف الكوكب الأحمر ".
في الوقت الراهن ، يخطط العلماء لتوسيع نطاق تركيزهم ليشمل مواقع أخرى على كوكب المريخ ، بما في ذلك موقع بالقرب من المنطقة القطبية الشمالية للكوكب ، كما و قالت سيلفسترو أن دراستها يمكن أن تساعد في استكشاف الكوكب في المستقبل ، حيث سيحتاج العلماء إلى فهم كيف يمكن أن يؤثر مناخ المريخ على أطقم رواد الفضاء و معداتهم .
والجدير بالذكر أن وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" قد أطلقت أحدث مركبة لها على المريخ في المدار بتاريخ 30 يوليو ، حيث من المتوقع أن يصل المستكشف الآلي ذو الست عجلات ، المسمى بيرسفيرانس ، إلى المريخ في شهر فبراير المقبل ، و قد قالت سيلفسترو إن العربة الجوالة يمكن أن تحصل على رؤية أوضح عن قرب لتلك الكثبان و الحلقات العملاقة خلال مهمتها .
النهضة نيوز - بيروت