أخبار

بماذا يتسلح عمر واكيم؟ وعلى من يراهن ؟

على من تراهن يا عمر ؟ تدفع بالسؤال اليه وكأنك تنتظر استسلاما لفكرتك بعبثية المحاولة في الاجواء التي خلقت بين الناس، وفي الاليات التي وضعت انتخابيا، وفي القيود التي اسقطها رجال السلطة والمال والمذهبية،

على من تراهن يا عمر ؟ تدفع بالسؤال اليه وكأنك تنتظر استسلاما لفكرتك بعبثية المحاولة في الاجواء التي خلقت بين الناس، وفي الاليات التي وضعت انتخابيا، وفي القيود التي اسقطها رجال السلطة والمال والمذهبية، على اهل المدينة تدريجيا.

يتسلح عمر بالكثير من الارقام والحقائق، ويلقي عليك رواية كاملة للمشهد في بيروت، ولبنان. هذه حقائقهم يؤكد بلا تردد.. هذه ارقامهم التي تدينهم سنة تلو سنة، مهما تبدلت شعارات احزابهم وراياتهم على مر سنوات ما بعد الحرب الاهلية. وهذه بيروت التي يصادرونها تحت كل العناوين بحسب ما هو رائج من بضاعة، في السياسة والاقتصاد والمال والمذهبية والموت والغرائز.. ولهذا، فان المفاجأة يمكن ان نسجلها في دائرة بيروت الثانية.

ها هي بيروت وقد تشتت اهلها تباعا، الى عرمون وبشامون ومزرعة يشوع والدبية والمنصورية وغيرها. لا يبتسم عمر وهو يروي ويسرد ما يراه، ويراه اهل المدينة من حولهم. فالعاصمة التي كان يفترض ان تكون بدورها الطبيعي حاضنة للكل، قسموها بخطوط تماس تعزل اللبنانيين، وتفرقهم باسم الدوائر الانتخابية. هذا من صمد منهم في المدينة وبقي فيها. اما الاخرون فقد ابعدوا عنها الى الضواحي والجبال، تحت اسماء كثيرة، من بينها قانون الايجارات، فيما كانوا يتغنون بأن “بيروت لاهلها”!

اهل بيروت يرون الان ان واحد في المئة، يحوزون 90 في المئة من الودائع في البنوك. اهل بيروت، وكل اللبنانيين، يرون الان ان لبنان يحتل المرتبة ال143 في مؤشر الفساد عالميا (من اصل 180 دولة)، وهو يتراجع! اهل بيروت وكل اللبنانيين، يرون ان اكثر من 30 في المئة من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر. هذا ليس برنامجا دعائيا. انها تقديرات هيئات دولية (وللعلم فان خط الفقر، يعني ان ثلث الشعب اللبناني يعيش الفرد فيه بأقل من دولارين يوميا).

لا يتردد عمر عندما تسأله “جورنال” عن اكثر ما يحزنه في بيروت: “الناس النايمة في الشوارع”.

يدرك عمر ان البطالة بين الشباب 40 في المئة. في البرنامج الانتخابي للائحة “صوت الناس”، يذكر بأن لبنان يحتل المرتبة 143 من بين 144 دولة في العالم من حيث التمثيل السياسي للنساء، في حين ان نسبة حضورهن في المجلس النيابي فلا تتعدى 3 في المئة!

هذا مجرد غيض من فيض. ديون لبنان بلغت نحو 100 مليار دولار، في دولة عدد سكانها نحو خمسة ملايين. للمقارنة فقط، سكان مصر يتعدون الى 100 مليون انسان، ورغم انتشار الفساد بدرجة مروعة، تبلغ ديونها نحو 90 مليار دولار. اي تفوقنا على مصر بالمديونية.

بامكانك ان تقول الكثير. مليارات الدولارات انفقت على شبكة الكهرباء منذ ما بعد انتهاء الحرب الاهلية، لكن حتى العاصمة لم تؤمن فيها الخدمة كاملة. هل نتابع؟ تصنيف لبنان في سرعة الانترنت بلغ في العام 2014، المرتبة 175 عالميا، من اصل 192 دولة. مشروع البطاقة الصحيّة لكل مواطن، نائم في أدراج مجلس النواب. إبان الحرب، وبشكل أكثر وقاحة بعد الحرب، جرت عمليات سطو فظيعة على الاملاك البحرية. الاستيلاء على وسط بيروت ومساحات واسعة من البحر قبالة هذه المنطقة، ومشروع ساحل المتن، حرم اللبنانيين من قيمتهما التي تبلغ نحو 60 مليار دولار، أي ما يوازي ثلاثي الدين العام.

عى صفحته على “فيسبوك”، اختصر عمر واكيم الكثير عندما كتب : “أخي المواطن… بغض النظر أن محاولة إستغلال الضائقة المالية والمعيشيّة التي تعاني منها نتيجة السياسات المالية و الإقتصادية لبعض “فاعلي الخير”، هي بحد ذاتها إهانة لكرامتك و إنسانيتك، فإنّ مجرّد إجراء عملية حسابيّة بسيطة يُثبت مدى سفالة محاولتهم و ضعف حيلتهم….مثلاً، إذا قام هالفاعل الخير بدفع مبلغ ألف دولار مقابل شراء ضميرك و صوتك لولاية نيابية واحدة فقط إذا ما صار تمديد، أي 4 سنوات، فكأنّه دفع لك بدل “إهانة يومية” وقدرها ألف ليرة لبنانية (ألف دولار مقسّمة على 1،460 يوم). وفي المقابل ونتيجة سياسات هال “فاعلي الخير” الماليّة و الإقتصاديةّ، بلغت خدمة الدين العام السنويّة لغاية اليوم، مبلغاً وقدره 8 مليار دولار مقسمة على 650 ألف عائلة لبنانية، أي أنّك تتكلّف نتيجة “هالمبايعة الإهانة” مبلغاً و قدره ألف دولار شهرياً، أي ما يعادل 50 إلف ليرة يومياً”. واختتم قائلا “أخي المواطن إحسبها، كرمال أولادك وكرامة أولادك ومستقبل أولادك…إحسبها”.

لكن المعادلات الانتخابية ليست سهلة.. الا ترى مستحيلات هنا؟ يوافق عمر، لكنه لا يقبل بالواقع المفروض على بيروت. “نحن لم نخترع البارود. لم نبدأ اليوم، بدأنا منذ زمن، ونحن نستكمل الطريق.. الناس تتجاوب معنا في لقاءاتنا المباشرة معهم. لكن المعركة قاسية. هناك تقديرات بأن اكثر من مليار دولار انفقت حتى الان (قبل شهر من الانتخابات) على الحملات الانتخابية، وهو يتخطى السقف المالي الموضوع، وللاسف فان هيئة الاشراف لم تدقق في هذه الارقام… كأنما هذه السلطة المطبقة على الجميع، تقول لك.. يا اما معك مصاري او اذهب الى بيتك”.

وهل يتضمن ذلك اموالا خليجية؟ يقول عمر :الكثير.. بشكل مرعب.. واطالب هيئة الاشراف بالتدقيق في المسألة”.

ومع ذلك، بنبرة تحد تليق به، يؤكد عمر “لائحة صوت الناس ستحقق خرقا.. على قدر محبة الناس برغم الحصار المالي والاعلامي.. يردون ان تكون الحياة بأمل في لبنان مستحيلة، لهذا فان المواجهة فرضت علينا، لكنها معركة سواء عبر انتخابات او نشاطات من اجل حياة افضل واكثر كرامة. نريد ان نعيش بكرامة في بلدنا. لا اريد الهجرة ولا لاولادي ان يهاجروا او يستحوا بوطنهم”!

هل يمكن ان تخجل بوطن؟ يقول عمر ان المطبقين على بيروت، جعلوا ايام الحرب كأنها افضل مما نعايشه منذ العام 1991.. وانا مثلي مثل اي مواطن لبناني، هناك ديون علي، واعمل واناضل… ولهذا نكافح”.

“الناي النايمة في الشوارع اكثر ما يؤلمني في بيروت.. يؤلمني ايضا النسيان… نسيان تاريخنا وقضيتنا.. بيروت يحولونها للملك سلمان.. ماكاو ثانية اقول… يبعدونها عن هويتها”.

ولست وحدي، يقول عمر.. “نحن نعمل لخلق حالة كاملة تعمل في لبنان، من دونها لا يمكنك ان تغير”. يقول عمر ان “مؤتمر سيدر-1 ليس اكثر من محاولة أخرى من قبل أصحاب الأيادي السود لرهن لبنان، ومستقبل أبنائه، تمهيدا لبيعه في دهاليز السوق السوداء العالمية”. يسأل عمر رئيس الحكومة سعد الحريري “رئيس الخرزة الزرقا…دولة الرئيس، وانت تخبر أهلنا في عرمون عن الإنماء، هل من الممكن ان تخبرهم لماذا ومن هجرهم من بيروت؟”.

في بعض ما تطرحه لائحة “صوت الناس”، ما يمس حياة ملايين اللبنانيين:

محكمة خاصة من العام 1991 تسقط كل الحصانات، وتكون مهمتها النظر في كل بنود الإنفاق منذ العام 1992 وحتى اليوم؛ عدالة اجتماعية باعادة توزيع الثروة؛ المدرسة الرسمية والجامعة الوطنية ومعالجة قضية المدارس التربوية التابعة للطوائف والمعفاة من الضرائب؛ منح المرأة الحق بالجنسية لاولادها؛ تأمين الحد الادنى للمعيشة، ومن طبابة وتعليم؛ الغاء الطائفية السياسة وبمؤسسات الحكم واعتماد قانون انتخابي خارج القيد الطائفي، على اساس لبنان دائرة واحدة وعلى اساس النسبية، واعتماد قانون مدني للاحوال الشخصية.

ستكون هناك معركة اساسية في الدائرة الثانية في بيروت، جزء منها صراع على هوية اهل بيروت التي يؤمن بها عمر واكيم. الهوية العروبية الحقيقية التي واجهت الاسرائيلي وانتمت الى محيطها العربي وقضاياه. بيروت الثانية، ينتخب فيها 350 الف ناخب، وتختصر كل الفئات اللبنانية، من سنة وشيعة ومسيحيين ودروز.. لوائح عدة تتصارع فيها على 11 مقعدا، لكن محللين يعتقدون ان التنافس الحاد سيكون على ثلاثة مقاعد، الأرثوذكسي، الدرزي، الإنجيلي، من دون ان يعني ذلك ان المعركة السياسية فيها تطال كل صوت ومقعد وحارة، في المريسة، رأس بيروت، زقاق البلاط ، المزرعة، المصيطبة، ميناء الحصن، الباشورة والمرفأ.

عمر واكيم، يحمل ارثا غنيا يقرن مواقفه هذه بالافعال، وهو من بيئة قاتلت من اجل حقوق اللبناني وقضاياه. انقاذ بيروت ممكن، يشدد عمر :”الطائفية كانت وراء الأزمات السياسية التي حفل بها تاريخ لبنان الحديث، والتي كانت تتفجر حروبا أهلية وقتلا وخرابا ودمارا. والطائفية منعت قيام دولة القانون، فصارت الدولة وكرا للفساد والسرقات. بالطائفية صار القتلة والمجرمون زعماء وقادة و”قديسين”، وبالطائفية أيضا صار النهابون واللصوص رجالات دولة ووزراء ونوابا”.

آن لذلك ان يواجه ببعض الشجاعة.