أخبار

بعد خان شيخون.. تركيا ستبحث عن سوتشي جديد

22 آب 2019 16:17

أسبوعان على انهيار الهدنة في شمال غرب سوريا، كانت كفيلة بأن يقوم الجيش بتحقيق منجز عسكري لافت على مستوى السرعة والدقة في التنفيذ، لتصبح خان شيخون، التي كان من المتوقع أن تشهد معارك عنيفة وطويلة الأمد،

أسبوعان على انهيار الهدنة في شمال غرب سوريا، كانت كفيلة بأن يقوم الجيش بتحقيق منجز عسكري لافت على مستوى السرعة والدقة في التنفيذ، لتصبح خان شيخون، التي كان من المتوقع أن تشهد معارك عنيفة وطويلة الأمد، تدخل ضمن ناطق قدرة الجيش على دخولها بعمليات تمشيط لا اقتحام، ما وفر جهداً عسكرياً كبيراً، وخسائر بشرية ومادية في المجهود العسكري وبالكتلة العمرانية في المدينة التي كانت مسرحاً لجريمة استخدام الأسلحة الكيميائية بهدف اتهام دمشق. 

الالتفاف والاختراق من العمق بهدف السيطرة على التلال الحاكمة في المنطقة وأبرزها تل النمر، شمال خان شيخون، قطع طرق الإمداد الواصلة إلى المدينة التي تعد من أكبر الخزانات البشرية للميليشيات على الطريق الدولي الرابط بين حلب - حماة، ما دفع المسلحين المنتشرين في مناطق هامة مثل كفرزيتا - اللطامنة، للانسحاب بجزء كبير من قوامها نحو "مورك"، التي تشهد تواجد نقطة المراقبة التركية التاسعة، وهذا الانسحاب بهدف الاحتماء بالوجود التركي الذي تؤكد أنقرة أنه سيدوم، وربما تستند في تصريحاتها إلى مخرجات اتفاق سوتشي إلا أن هذا الاتفاق بات مهدداً بالانهيار بنتيجة محاولة الجيش التركي إيصال تعزيزات إلى خان شيخون بحجة تعزيز نقطة المراقبة في مورك، الأمر الذي قابلته دمشق برد عسكري كان في احتمالاته أن يصعد نظام أنقرة بتدخل مباشر كما حدث سابقاً، من تحليق لمقاتلات تركية من طراز F16 فوق خان شيخون، ويعد الرد الروسي بتدخل مقاتلات من طراز "سوخوي ٣٥ لطرد الطيران التركي، توافق عالِ المستوى على أهداف العملية بين دمشق وحليفها في موسكو، الأمر الذي يجعل من الخطوات التركية بإنشاء نقاط مراقبة قريبة من طريق حلب - حماة، المعروف باسم M5، مناورة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لحرف مسار العمل العسكري السوري، وعرقلته بما يخلق هامش للتفاوض والبحث عن حلول تتناسب ورؤاه للشمال الغربي من سوريا، والذهاب نحو الحفاظ على اتفاق سوتشي، بأي شكل كان.

المعلومات الميدانية الواردة من مسرحة العمليات تؤكد سيطرة الجيش على المزارع الغربية لـ خان شيخون، مع التقدم شرق بلدة مورك، وهذا يعني أن دمشق تحاول إجبار التركي على اتخاذ قرار الانسحاب من نقاط المراقبة في ريف حماة الشمالي، ومع معرفة التهدئة الميدانية السورية على محور "تل ترعي"، شمال شرق خان شيخون، يكون من المفهوم أن الحكومة السورية تحاول تجنب تحويل الاتراك المعركة في شمال غرب سوريا إلى مواجهة مباشرة بين الجيش السوري والقوات التركية، إذ أن هذه المواجهة ستخلق هامشاً للإدارة الأمريكية لجذب أنقرة أكثر من المتوقع، بما يسقط دورها كطرف ضامن في محادثات أستانا، لذا من البديهي أن تترك القوات السورية منفذاً ضيقا يناسب انسحاب القوات التركية ومن معها من ميليشيات، ليكون ريف حماة الشمالي خلال أيام خال من الوجود المسلح.

بعد خان شيخون، تشير التوقعات إلى تحول سراقب، الواقعة شرق الطريق M5، إلى هدفاً للعملية السورية، لكن التكتيكات التي ستذهب بالقوات السورية نحو تحقيق هذا المنجز غير متوقعة، وقد يكون بسيناريو مشابه لما حدث في "خان شيخون"، وهو عموماً سيناريو كانت قد اتبعته القوات العسكرية في سوريا في معركة البادية، وإسقاط الطوق عن دير الزور في صيف العام ٢٠١٧، من خلال تحريك القوات على أكثر من محور لتنفيذ عمليات تلاقي تشطر مناطق سيطرة العدو إلى عدة جيوب، تجبر الميليشيات على الانسحاب قبل إطباق الحصار عليها.

وإذا ما استمر الاتراك بمحاولة العرقلة، قد يذهب حلفاء دمشق وخاصة روسيا نحو حوار على نقاط جديدة مع أنقرة، تنسف اتفاق "سوتشي" وتعيد التركي إلى النقطة صفر فينا يخص الشمال الغربي من سوريا، وذلك لفشله في ضبط إيقاع الميليشيات في المنطقة، وعدم قدرته على تنفيذ تعهداته فيما يخص الاتفاق الذي كان يقضي بإنشاء منطقة منزوعة من السلاح وفتح الطرقات، ما جعل النار هي اللغة السورية في تنفيذ الاتفاق.