أوضح النائب اللبناني الدكتور الياس جرادة، بأن الحرب الإسرائيلية على لبنان كانت ضمن مخطط تخريبي وليست نتيجة إسناد غزة، مؤكدا أن لا بديل عن المقاومة لأنها السبيل الوحيد لمواجهة إسرائيل.
النائب الياس جرادة ضيف شارع الحمرا
حيث أكد جرادة خلال لقاء في برنامج شارع الحمرا مع الإعلامي فراس خليفة على قناة ltv في يوتيوب، أن الحرب الإسرائيلية على لبنان، كانت ضمن مخطط تخريبي وليست نتاج حرب الإسناد وغير مرتبطة بالمقاومة، مشيرا إلى أن عملية طوفان الأقصى جاءت بتوقيت فجر السابع من أكتوبر إلا أن الإسرائيلي استغل هذا التوقيت ليترجم مخططاته على الأرض تحت شعارات عديدة.
وأضاف: "لقد تم استغلال طوفان الأقصى، إذ نجد بأن التوقيت حمساوي وإنما الإيقاع إسرائيلي، حيث قامت إسرائيل ببناء صورة دفاعية لتبرير مشاريعها المسبقة المراد بها التطهير العرقي، كما أن حرب لبنان كانت مُعدة مسبقاً، وهنا يحضرني كلام الإعلامي جان عزيز على أحد المحطات عام 2019، إذ ما تحدث به آنذاك حول يُترجم الآن على الأرض حرفيا".
وشرح جرادة أنه سبق وأن تحدث مواطنه جان عزيز عن إمكانية شن إسرائيل حرباً ضروساً على لبنان والتلويح بعبارات " إعادة عقارب الساعة إلى عام 1982 (الحرب الأهلية اللبنانية) وإعادة الحرب على اللبنانيين".
واستطرد: "إن الحرب على لبنان كانت قادمة لا محالة حتى بدون حرب الإسناد، إذ كان المبرر سيكون البدء بعملية ضد خطر قادم من لبنان لدرء تكرار عملية طوفان الأقصى، لذا يجب إدراك الواقع وأن المشروع أكبر بكثير مما تبنته المقاومة بمؤازرة غزة، ونذكر بأن لا يد لأي جهة لبنانية بتوقيت السابع من أكتوبر".
وأكد النائب إلياس جرادة أن الوعي الشعبي والسياسي هو السبيل الوحيد للمواجهة ولإجهاض ما حدث (في إشارة إلى الحرب الإسرائيلية في لبنان) وأكد أن هذا الإجهاض لن يتم إلا بتضامن لبناني.
وحول طبيعة المعركة الحاصلة والموقف الواجب تبنيه من قبل حكومة وشعب لبنان، أكد إلياس جرادة أن لا بديل عن المقاومة في ظل تحييد الجيش اللبناني عن الحل وتأطيره في فئة المنفذ للقرارات الدولية، وأشار إلى وجوب اتحاد القوى اللبنانية تحت راية الشعب وتحت شعار مقاومة العدو، خاصة وان العديد من هذه القوى تفخر بتاريخها المقاوم إزاء قضايا ومفاهيم خاصة بها.
وندد النائب اللبناني بسياسة الإسقاط وقولبة المعايير التي أضحت تؤطر داعمي المقاومة في فئة معينة أو عقيدة أو فصيل أو حتى إيديولوجية.
وشدد على تمسكه بفكرة مقاومة العدو وتيقنه من أنها السبيل الوحيد لمواجهة التصعيد الحاصل ودحر العدوان الإسرائيلي، إذ قال: "إني اليوم أجد أن المقاومة هي السبيل الوحيد لمواجهة ما يجري، خاصة وأن اسرائيل لا تحترم المواثيق الدولية وكانت تسعى جاهدة لإحداث مجازر دموية بالشعب اللبناني وهو ما ترجمته عملية تفجير البيجر".
وأضاف: "إن الأحداث الأخيرة تثبت مشروعية ولبنانية المقاومة، خاصة وسط الأنباء المتداولة حول تخلي المحور عنها، إذ أنها لم تتراجع وفي الحقيقة إن ما يوقف العدوان هو مدى صمودنا ودفاعنا عن وطننا".
وعن إمكانية نشوب حرب طائفية في لبنان وإعادة اللبنانيين للحرب الأهلية، أكد النائب إلياس جرادة أن الاحتضان الشعبي الذي جرى عقب تفجير البيجر وبدء العدوان يدحض إمكانية نشوب الحرب الأهلية، وأن التلويح بهذه الورقة ما هو إلا للضغط على السياسي.
الياس جرادة يتحدث عن المقاومة ويستذكر مشهد صلب المسيح
وأسهب النائب الياس جرادة بالحديث عن المقاومة ومفهومها، مؤكدا أن المقاومة هي وجه الحق وأنها السبيل للتصدي لمخططات المنظمات العالمية الجديدة وأدواتها، بما فيها "إسرائيل".
وأبان شرعية المقاومة وارتباطها الوثيق بالطبيعة الإنسانية الصادقة البعيدة عن المصلحة، قائلا: "المقاومة: هي أن تقف مع الحق وتنطق بالحق، وأن اختيار الحق واجب وأن الهجوم لا يأتي إلا بعد اتباع الحق، فالمقاومة حق مكتسب بكل الشائع حتى بشريعة الأمم المتحدة وحقوق الإنسان، كيف لا؟ بعد أن تشعر وأن وجودك مرتبط بفكرك وأن التخلي عن إنسانيتك يجعل من وجودك وجوداً رقمياً في هذا العالم".
واستهجن د. الياس جرادة من القولبة الفكرية الجارية فيما يخص مقاومة الأجندات الخارجية، وأسِف من تأطير الحاضنة الشعبية للمقاومة بـ "فكر، فئة أو انتماء"، وأشار إلى أبهى صور مفهوم المقاومة، مستذكراً مشهدية صلب السيد المسيح.
وذكّر عضو المجلس النيابي بدماء العلماء ورجال الدين التي سُفكت على طريق الحق والتمسك بالمقاومة لإعلاء الحقيقة ودحر الظلم والمفاهيم الخاطئة، موضحاً أن المقاومة هي خلاصة التَيقُن ونتاج مفهوم الحقيقة، وربط بين الحقيقة والتعامل البشري الخالص النقي، قائلاً: "من إنسانيتنا وعلاقتنا بالبشر وحقوقهم يأتي مفهوم المقاومة".
وأضاء جرادة على المجريات المتغيرة والهادفة إلى تزييف المشهد وتشريع القتل الفكري والجسدي والنفسي خلال حواره مع مضيفه الإعلامي فراس خليفة، حيث صرَّح: "كنا قد حذرنا قبل السابع من أكتوبر من بعض المخاوف وبعد السابع من أكتوبر فوجئنا للأسف بأن ظنوننا أضحت واقعاً، هم يريدون أخذ البشرية لعالم مغاير عن العالم الذي خلقنا فيه وتشبثنا به نحن ومن سبقنا على مر العصور وآلاف السنين".
وأكد أن الهدف من وراء الخروقات اللاأخلاقية في غزة ولبنان، هو إرساء مفاهيم ومنظومات غير إنسانية، بعيدة كل البعد عن سُلَّمِ المفاهيم والقيم التي صاغها السلف الصالح من العلماء ورجال الدين لحماية الإنسان.
وأبان أن هذا الأمر تجلى على الأرض وتُرجم باستهدافات طالت القطاع الصحي والكوادر الطبية في غزة ولبنان، بعد أن تم تحييد القوانين التي ترعى القطاع الطبي وعدم العمل بها خلال الحرب الدائرة.
وأعرب د. جرادة عن أسفه الشديد بسبب هذه الاستهدافات، وأبان أن الصمت المعتمد من قبل المجتمع الدولي يُترجم كـ تبرير وتأييد لقصف واستهداف المنظومات الصحية.
وأفاد بأن هذه الخروقات الإنسانية، ما هي إلا بداية لإرساء مفاهيم جديدة في الحروب، تُشرع قتل الأبرياء والكوادر وذلك بهدف قولبة المفاهيم وتحييد الإنسانية وقيم التعامل بين البشر.
وأردف: "هذه إسرائيل وحروبها التي دحضت ولازالت تدحض القوانين الدولية والحقوق المفروضة للشعوب بموافقة دولية، والدليل حرب غزة ومجازر الإبادة الجماعية والتطهير العرقي".
الياس جرادة: إسرائيل مجرد أداة قتل لمنظومة جديدة
وحول فهمه للتداعيات الأمنية في غزة والتي وصلت إلى لبنان بفعل الحروب الإسرائيلية، وعن رؤيته للمقاومة الحاصلة، أوضح النائب إلياس جرادة أن مفهوم "حروب إسرائيل" خاطئ وأن إسرائيل مجرد أداة تستخدمها منظمات جديدة، ظهرت في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي.
وأبان أن هذه المنظمات تعمل على إرساء مفاهيم حديثة بالعلاقات بين الدول وتتجذر بنشر شريعة الغاب وانتفاء مفهوم الإنسانية، لأجل تفعيل منظومة علاقات دولية معينة، حيث أشار إلى أن قتل الأطفال والأمهات واستهداف الجسم الطبي، ما هي إلا جسور تفعيل منظومة العلاقات الجديدة وأن هذه الحرب التي بدأت ولازالت في غزة والتي طالت ولازالت مستمرة في لبنان، ما هي إلا جزء من حرب كونية لتغيير المفاهيم والقوانين والتشريعات المراد إرسائها.
وأكد الياس جرادة على ضرورة مجابهة الحرب الكونية بحرب مضادة، وذلك لوقف التمدد المخيف الذي يهدف لأخذ البشر إلى عالم رقمي جديد ليصبح عدداً من مجموعة أعداد، وأوضح النائب في مجلس النواب اللبناني أن حركات التغيير وأطراف النزاع في العالم هي صنيعة المنظومات الجديدة، إذ قال:
"أُذَكر بأن هذه المنظومة هي نفسها من خلقت القاعدة لتحارب في أفغانستان وداعش، وخلقت أوكرانيا لتحارب في أوروبا، وهي نفسها من خلقت إسرائيل لأن الأخيرة هي مجرد أداة قتل تابعة لهذه المنظومة، إذ أن إسرائيل ليست كيان قائم بذاته أو مشروع بل هي أداة قتل فقط، وهنا أناشد اليهود بأن يفقهوا حقيقة الكيان وأن يحيدوا عن ممارساته".
وعن سبب مناشدته الغريبة لليهود للاستفاقة وعدم الانجرار وراء مشروع إسرائيل لكونها أداة قتل فقط وليست كيانا قائماً بذاته، لاسيما في ظل الحماية الدولية لهذا الكيان الوظيفي، أجاب: "للأسف أننا لا زلنا نعيش على ردود الأفعال والصدمة ولم نؤسس استراتيجية بخلاف المنظومة الجديدة التي أسست قبل سنوات لاستراتيجية، إذ أن أكثر ما يحمي إسرائيل هو الخطف الإعلامي وتأليب الرأي العام، وإن ثقافة تيك توك من بين خطة الخطف الإعلامي حيث نقلت المجتمعات إلى ثقافة الهوس المفرط بالعالم الرقمي وجعلت الناس مُعلبين بأفكارهم ورغباتهم وتصرفاتهم، والأخطر من ذلك بأنهم يجعلون الناس يظنون بأنهم أحرار وهم ليسوا كذلك".
وقال النائب في البرلمان اللبناني أن الأكثر إيلاماً في هذا الوقت الراهن، هو الصمت لكونه دعم ومشاركة مباشرة بالفعل، إذ أن إسرائيل ومن لف لفها يسوقون أفكارهم وتصرفاتهم من خلال العالم الرقمي في ظل غفلة أبناء هذا العالم".
وأضاء الياس جرادة على التغييرات السلبية التي طالت الطبيعة البشرية القائمة على الأحاسيس والمشاعر الإنسانية، قائلاً: "أذكر هنا بالتغييرات الجذرية الطارئة في طبيعة البشر المتعلقة بكيفية التفاعل مع القضايا الإنسانية، إذا كان الناس حول العالم يتعاطفون ويتظاهرون بعد أذية أي حيوان، أما اليوم فالناس بمعظمهم يتبعون سياسة الصمت رغم حرب الإبادة القائمة".