كشفت دراسة علمية جديدة من المستشفى التابع لجامعة تشجيانغ في الصين عن ارتباط محتمل بين مرض الصدفية وبعض أمراض القلب الخطيرة، وذلك عبر تحليل البيانات الجينية باستخدام تقنية "التوزيع العشوائي المندلي"، وقاد البحث الدكتور نينغ غاو، ونشر في مجلة "فرونتيرز إن إيميونولوجي".
وأوضحت الدراسة أن الصدفية "وهي مرض جلدي مزمن ناتج عن خلل في الجهاز المناعي"، لا تقتصر تأثيراتها على الجلد فحسب، بل تمتد إلى الجسم بأكمله عبر التهابات مزمنة، هذا الاكتشاف يعزز أهمية التعامل مع الصدفية كحالة صحية شاملة، لا تقتصر على المظهر الخارجي وإنما تشمل الصحة القلبية أيضا.
مخاطر خفية للصدفية تزيد من فرص الإصابة القلبية
فالصدفية هي اضطراب مناعي مزمن يتسبب في تسارع نمو خلايا الجلد، مما يؤدي إلى ظهور بقع حمراء متقشرة ومثيرة للحكة على مناطق مثل الركبتين والمرفقين وفروة الرأس، وعلى الرغم من شيوعها كمرض جلدي إلا أن آثارها تتعدى الجلد لتشمل الجسم بأكمله نتيجة الالتهابات المستمرة، فالعوامل المؤثرة في تطور الصدفية تشمل الاستعداد الوراثي، واختلال الجهاز المناعي، والمحفزات البيئية مثل الضغط النفسي أو العدوى أو الطقس البارد.
وحتى الآن لا يوجد علاج شاف للمرض، لكن تتوفر خيارات علاجية متنوعة مثل المراهم الطبية والعلاج الضوئي والأدوية المثبطة للمناعة، ومع ذلك تكشف الدراسة الأخيرة عن أن المخاطر قد تتجاوز الأعراض الظاهرة، حيث تشير البيانات إلى وجود صلة جينية حقيقية بين الصدفية وبعض أمراض القلب مثل فشل القلب والرجفان الأذيني والنوبات القلبية وأمراض صمامات القلب والسكتة الدماغية الناتجة عن الشرايين الكبيرة، إن هذه النتائج تعزز الحاجة لمتابعة شاملة لحالة المريض تتجاوز العناية الجلدية.
تأثير الجينات في مضاعفات الصدفية
واعتمد الباحثون في تحليلهم على بيانات جينية واسعة النطاق لأشخاص من أصول أوروبية، بهدف التحقق مما إذا كان الاستعداد الوراثي للإصابة بالصدفية يرتبط فعليا بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، فباستخدام منهجية "التوزيع العشوائي المندلي"، تمكن الفريق من تحديد ما إذا كانت العلاقة سببية فعلية وليست مجرد ارتباط عارض.
وأظهرت النتائج بشكل واضح أن الأشخاص الذين لديهم استعداد جيني للإصابة بالصدفية معرضون بشكل أكبر للإصابة بأمراض قلبية متعددة، بما في ذلك فشل القلب والرجفان الأذيني والنوبات القلبية وأمراض صمامات القلب والسكتات الناتجة عن الشرايين الكبيرة، وفي المقابل لم يرصد أي ارتباط بين الصدفية وأنواع أخرى من السكتات، مثل السكتة القلبية الصمية أو السكتة الناتجة عن الأوعية الصغيرة.
اعتماد نهج علاجي شامل لمرضى الصدفية
ولتحسين دقة النتائج فحص الباحثون تأثير العوامل الخارجية، وتبين أن تأثيرها ضئيل على النتائج النهائية، مما يدعم وجود صلة سببية حقيقية، ونظرا لكون أمراض القلب من أبرز أسباب الوفاة عالميا، فإن هذه النتائج تعزز ما أظهرته دراسات سابقة حول وجود معدلات أعلى من أمراض القلب لدى مرضى الصدفية، خاصة في الحالات المتوسطة إلى الشديدة، وتشير النتائج إلى أهمية فحص مرضى الصدفية بشكل دوري للكشف عن المؤشرات القلبية المبكرة، بما في ذلك ضغط الدم والكوليسترول.
ويؤكد الخبراء ضرورة اعتماد نهج علاجي شامل يأخذ في الحسبان صحة القلب إلى جانب علاج الجلد، لتحسين جودة حياة المريض على المدى الطويل.