هل يمكن أن يساعد استنشاق رائحة عرق شخص آخر في تخفيف اضطراب القلق الاجتماعي أو "الرهاب الاجتماعي"؟ يبدو أن هذا أمر محتمل فعلاً، كما يقترح بحث سويدي جديد.
استنشاق رائحة العرق تساهم في خفض مستويات القلق
قام البحث على إجراء تجربة شملت 48 امرأة فقط، كن قد عانين جميعهن بما يُعرف باضطراب القلق الاجتماعي، وهو خوف شديد ينتاب الشخص في كثير من الأحيان عندما يشعر أن الآخرين يراقبوه أو يحكمون عليه عند المشاركة في مواقف اجتماعية مشتركة.
عادة ما يُركز العلاج القياسي على العلاج بالكلام الذي يتضمن ممارسة التأمل المصمم خصيصاً لتخفيف القلق الذي يشعر به الشخص، لكن الباحثين السويديين اكتشفوا أنه عندما يتم الجمع بين هذا "العلاج الفكري" واستنشاق رائحة العرق من الآخرين، فإن النتيجة تظهر انخفاضاً حاداً في مستويات القلق.
دراسة تدعم تأثير رائحة العرق على أعراض القلق الاجتماعي
وأوضحت مؤلفة الدراسة "إليسا فيغنا" وهي باحثة مساعدة في المركز الوطني السويدي لأبحاث ومنع الانتحار في معهد كارولينسكا، أن "القلق الاجتماعي هو اضطراب شائع يسبب خوفاً شديداً ومستمراّ من المواقف الاجتماعية، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى القلق والخوف من المواقف العامة مثل التحدث أمام الجمهور والتعرف على أشخاص جدد وحتى التحدث إلى أمين الصندوق في متجر، ولذلك يمكن أن يكون اضطراب القلق الاجتماعي متعباً للغاية، وقد يؤثر على العديد من مجالات الحياة اليومية".
وأشارت "فيغنا" إلى أن هذه هي الدراسة الأولى التي تستخدم رائحة الجسم كطريقة مساعدة للعلاج، وقالت أن النتائج "كانت ممتعة للغاية وواعدة"، ففي حين أن جلسة واحدة فقط من العلاج بالكلام تسببت في انخفاض بنسبة 17٪ في القلق المبلغ عنه ذاتياً، وجد الفريق أن الكلام بالإضافة إلى تعرض الإنسان لرائحة العرق أدى إلى انخفاض بنسبة 39٪.
تأثيرات اضطراب القلق الاجتماعي على الأفراد
وأوضح المعهد الوطني الأمريكي للصحة النفسية أنه وبالرغم من أن اضطراب القلق الاجتماعي شائع للغاية، إلا أنه قد يسبب أضراراً بالغة، فمن الممكن أن يتسبب في المحصلة بتعطيل قدرة الشخص على العمل أو الذهاب إلى المدرسة أو الانخراط في أي نوع من أنواع الأنشطة اليومية الروتينية التي يعتبرها معظم الناس أمراً مفروغاً منه، مثل تناول الطعام في الأماكن العامة أو الذهاب إلى دورة المياه العامة.
وبدون علاج، يمكن أن يستمر الاضطراب لسنوات، أو حتى طوال حياة الشخص بأكملها، وهنا يجب أن يبدأ العلاج بالكلام والتأمل.
مشاركة رائحة العرق لعلاج اضطرابات القلق الاجتماعي
وأوضحت "فيغنا": "العلاج بالكلام هي ممارسة تعتمد على التأمل، والتي تساعد الشخص على التركيز على اللحظة الحالية وإدراك الأفكار والمشاعر دون تفسير أو حكم، وأظهرت الدراسات أن هذا العلاج يمكن أن يحسن القلق وأعراض الاكتئاب".
وفي الوقت نفسه، حولت فيغنا وزملاؤها انتباههم إلى الدور المحتمل للعرق في معالجة اضطراب القلق الاجتماعي، والعرق الذي يتم إنتاجه هو سائل مالح صافٍ، يتراكم عادةً تحت الذراعين وباطن القدمين أو راحتي اليدين.
وبالإضافة إلى تبريد الجسم، أشار فريق البحث إلى أن العرق يحتوي على ما لا يقل عن 300 مركب منفصل، مما يجعله مصدراً مهماً للمعلومات على شكل أكثر كثافة وتعقيداً مما قد تراه العين، أو الأنف.
تأثير إيجابي لرائحة العرق
لمعرفة دور العرق، ركزت "فيغنا" وفريقها على 48 امرأة تتراوح أعمارهن بين 15 و 35 عاماً، وجميعهن يعانين من اضطراب القلق الاجتماعي، وعلى مدار يومين، خضع جميع المرضى لجلسة واحدة من علاج التأمل.
وفي نفس الوقت، جمع المحققون عينات عرق من مجموعة منفصلة من المتطوعين، لم يكن أي منهم مصاباً باضطراب القلق الاجتماعي، حيث تم جمع العينات بعد أن شاهد المتطوعون إما فيلم رعب مصمم لإثارة الخوف أو كوميديا مصممة للترفيه، وتم تقسيم النساء إلى ثلاث مجموعات، وبالإضافة إلى علاج التأمل تعرضت المجموعة الأولى للعرق الناتج من موقف مخيف، والثانية تعرضت للعرق الناتج عن موقف مضحك، والمجموعة الثالثة تعرضت لهواء نقي، بدون رائحة العرق، كمجموعة مقارنة.
والنتيجة: كان أداء المرضى في المجموعتين الأوليين أفضل بكثير من حيث تقليل القلق بانخفاض بنسبة 39٪، مقارنة بأولئك في المجموعة الثالثة الذين لم يتعرضوا للعرق بانخفاض بنسبة 17٪.
هذا وأقر مؤلفو الدراسة بأنهم فوجئوا عندما اكتشفوا أن السياق العاطفي الذي ينتج فيه العرق لا يؤثر على فعالية العلاج بالعرق، وعند دمجها مع العلاج بالتأمل، كان لجميع عينات العرق نفس التأثير الإيجابي.
المصدر: المعهد الوطني الأمريكي للصحة النفسية