تصريحات ترامب عن السيطرة الأمريكية على غزة تثير موجة ردود واسعة

ترامب يكشف نواياه بشأن غزة ويثير موجة ردود عالمية

أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، صدمة عالمية واسعة، بعد إعلانه عن ضرورة سيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة، ونقل سكانه إلى مناطق أخرى خارجه للأبد، مما أثار موجة واسعة من الردود المستنكرة.

خطة ترامب: الاستيلاء على غزة و تهجير الفلسطينيين

وكان ترامب قد أعلن أمس الثلاثاء، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، بأن "الولايات المتحدة ستتولى السيطرة على قطاع غزة، ونتوقع أن تكون لنا ملكية طويلة الأمد هناك."

وأضاف ترامب: "ستتحمل الولايات المتحدة مسؤولية إزالة القنابل غير المنفجرة والأسلحة، وتسوية المنطقة، وهدم المباني المدمرة، إضافة إلى توفير فرص عمل للشباب وتنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة في غزة."

وشدد على ضرورة أن يغادر الفلسطينيون قطاع غزة إلى الأبد، ونقلهم إلى أماكن أخرى في بلاد مختلفة ليعيشوا فيها بسلام ولا يتعرضون لإطلاق النار والقتل، مشيرا إلى أن الفلسطينيين لن يرغبوا في العودة إلى غزة.

وأعرب ترامب عن ثقته بأن مصر والأردن ستستقبلان الكثير من سكان قطاع غزة، وسيقدمان الأراضي اللازمة لخطته الخاصة بالفلسطينيين.

ورأى ترامب بأن قطاع غزة يمكن أن يصبح "ريفييرا" الشرق الأوسط، في إشارة إلى منطقة الريفيرا الفرنسية، وأن الكثير من الناس من جميع أنحاء العالم سيعيشون فيه بعد إعادة تطويره، مشيرا إلى ان خطته في غزة ستخلق الآلاف والآلاف من الوظائف، وستكون شيئا يمكن للشرق الأوسط بأكمله أن يفخر به.

ولوح ترامب باستعداده لإرسال قوات أمريكية للمساعدة في تأمين غزة، قائلا: "سنفعل ما هو ضروري، إذا لزم الأمر، فسنفعل ذلك، سنتولى تلك القطعة التي سنطورها."

ردود عالمية واسعة على خطة ترامب في غزة

وقد لاقت تصريحات ترامب بشأن غزة، ردودا عالمية حادة، عبرت من خلالها العديد من الدول والجهات عن تنديدها وانتقادها لخطة ترامب، ورفضها تهجير الفلسطينيين خارج أرضهم في قطاع غزة، والتأكيد على حل الدولتين.

حيث أدانت حركة حماس، تصريحات ترامب التي وصفتها بالعدائية، مؤكدة بأن الشعب الفلسطيني وقواه الحية لن يسمحا لأي دولة في العالم باحتلال أرضه أو فرض وصاية على شعبه.

كما اعتبرت حركة الجهاد الإسلامي، بأن مواقف ترامب ومخططاته هي تصعيد خطير يهدد الأمن القومي العربي والإقليمي خاصة في مصر والأردن، اللتين تريد الإدارة الأمريكية أن تضعهما في مواجهة الشعب الفلسطيني وحقوقه.

ورفض الرئيس الفلسطيني دعوات الاستيلاء على غزة، مشددا على أن قطاع غزة هو جزء أصيل من أرض دولة فلسطين، وأن الحقوق الفلسطينية المشروعة غير قابلة للتفاوض.

وحذر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من أن أي نقل قسري أو ترحيل للأشخاص من الأراضي المحتلة سيشكل انتهاكا للقانون الدولي، مشددا على أن مثل هذا الإجراء محظور تماما.

ومن جهتها أكدت وزارة الخارجية السعودية، على أن موقف المملكة من قيام الدولة الفلسطينية هو موقف راسخ وثابت لا يتزعزع، ولا يحتمل التأويل.

في حين شدد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، على أهمية المضى قدما فى مشروعات وبرامج التعافى المبكر وإزالة الركام ونفاذ المساعدات الإنسانية بوتيرة متسارعة دون خروج الفلسطينيين من قطاع غزة، خاصة مع تشبثهم بأرضهم ورفضهم الخروج منها.

وأعربت الإمارات عن رفضها القاطع للمساس بالحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني ومحاولة تهجيره، مؤكدة قناعتها أن لا استقرار في المنطقة إلا بحل الدولتين.

أما وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، فقد رأى بأن تصريحات ترامب بأن الولايات المتحدة ستسيطر على غزة غير مقبولة، مبينا أن أي خطط تترك الفلسطينيين خارج المعادلة ستؤدي إلى تأجيج الصراع.

وأبدت روسيا اعتقادها بأن التسوية على أساس حل الدولتين هي السبيل الوحيد لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط، مبينة أن تصريحات ترامب أحد مظاهر سياسة الإلغاء الغربية.

وأملت الصين أن تعتبر كل الأطراف وقف إطلاق النار وإدارة القطاع بعد انتهاء الصراع فرصة لإعادة التسوية السياسية للقضية الفلسطينية لمسارها الصحيح استنادا إلى حل الدولتين، مؤكدة معارضتها أي محاولة لتغيير التركيبة السكانية في الأراضي الفلسطينية.

وبدوره أعرب الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، عن ارتيابه من مقترح ترامب واصفا إياه بأنه ليس منطقيا، وأكد على أن الفلسطينيين هم الذين يتعين عليهم الاهتمام بغزة، كما عارضت تشيلي أي تهجير قسري للسكان الفلسطينيين من غزة.

وأيضا أكد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، على ضمان أن يكون للفلسطينيين مستقبل في وطنهم في غزة والضفة الغربية، وضرورة أن نشهد وجود الدولتين.

كما كررت فرنسا معارضتها لأي تهجير قسري للسكان الفلسطينيين في غزة، مشيرة إلى أن مستقبل غزة يجب ألا يكون في إطار سيطرة دولة ثالثة بل في إطار دولة فلسطينية مستقبلية."

وشددت ألمانيا على أن طرد الفلسطينيين من غزة أمر غير مقبول، فيما أوضحت إسبانيا بأن غزة هي أرض الفلسطينيين وأن سكان غزة يجب أن يبقوا فيها، وأكدت أستراليا على موقفها الداعم لحل الدولتين.

واعتبرت إيرلندا بأن أي فكرة لتهجير سكان غزة إلى أي مكان آخر تتناقض بشكل واضح مع قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ودانت اسكتلندا، خطة ترامب للتطهير العرقي في غزة مشددة على أنها خطيرة وغير مقبولة.

تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن

ويذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كان قد اقترح في 25 كانون الثاني/ يناير الماضي، ولأول مرة نقل الفلسطينيين من غزة إلى الأردن ومصربصورة دائمة أو مؤقتة، ريثما تتم إعادة إعمار قطاع غزة، معللا ذلك بأن غزة الآن غير صالحة للسكن.

وقد قدر مبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، أن تستغرق عملية إعادة بناء القطاع ما بين 10 إلى 15 عاما.

وحينها سارعت كل من مصر والأردن إضافة إلى العديد من الدول العربية لإعلان معارضتها لهذا الاقتراح، ورفضهم القاطع لأي مشاريع تؤدي إلى تهجير الفلسطينيين.

وجاءت خطة ترامب، بالتزامن مع سريان اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وصفقة تبادل الأسرى، والذي دخل حيز التنفيذ، في 19 كانون الثاني/ يناير، بعد 15 شهرا من حرب الإبادة المستمرة على القطاع، والتي أدت إلى استشهاد أكثر من 46 ألف فلسطيني، وإصابة أكثر من 110 آلاف معظمهم من المدنيين والنساء والأطفال، وتهجير معظم سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون قبل الحرب.

وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس ترامب أقدم خلال فترة حكمه الأولى وتحديدا في كانون الأول/ ديسمبر 2017، على إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، واتخذ قرار نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس أيضا.