اكتشف علماء من جامعة مونستر الآلية المعقدة لسم الأرملة السوداء باستخدام تقنيات متقدمة مثل المجهر الإلكتروني البارد والمحاكاة الديناميكية الجزيئية، مما يفتح المجال لتطبيقات محتملة في الطب والتكنولوجيا الحيوية.
تأثير سم الأرملة السوداء على الأعصاب
سم الأرملة السوداء يُعد من أخطر السموم العصبية، حيث يحتوي على كوكتيل من سبعة أنواع من السموم التي تهاجم الجهاز العصبي، خاصة سم "α-latrotoxin" الذي يستهدف الفقاريات ويُعتبر ساما للبشر، يعمل هذا السم عن طريق اضطراب إشارات الأعصاب، حيث يتسبب في تدفق غير محكوم لأيونات الكالسيوم داخل الخلايا العصبية، مما يؤدي إلى تقلصات عضلية شديدة وتشنجات.
آلية عمل السم
يعمل سم "α-latrotoxin" من خلال الارتباط بمستقبلات معينة على مستوى المشابك العصبية، وهي النقاط التي يحدث عندها الاتصال بين الخلايا العصبية أو بينها وبين العضلات. فور ارتباطه بالمستقبلات، يتدفق الكالسيوم بشكل غير محكم إلى داخل الأغشية العصبية، مما يؤدي إلى إطلاق الناقلات العصبية ويحفز تقلصات عضلية قوية.
على الرغم من أن العملية تبدو بسيطة في ظاهرها، إلا أنها تخفي وراءها آلية معقدة للغاية. وقد نجح علماء جامعة مونستر في كشف بنية سم "α-latrotoxin" قبل وبعد دخوله إلى الغشاء الخلوي باستخدام تقنيات المجهر الإلكتروني البارد (Cryo-EM) والمحاكاة الديناميكية الجزيئية (MD).
التحول في السم
أظهر العلماء أن السم يمر بتحول كبير عند ارتباطه بالمستقبل. حيث يشكل جزء من جزيء السم ما يشبه "ساق" تخترق الغشاء الخلوي مثل إبرة. هذا الجزء الخاص يشكل مساما صغيرة تعمل كقناة للكالسيوم. وقد أظهرت المحاكاة الديناميكية الجزيئية أن أيونات الكالسيوم تتدفق إلى الخلية عبر بوابة انتقائية تقع مباشرة فوق المسام.
التحول في سم الأرملة السوداء
عند ارتباط سم "α-latrotoxin" بمستقبل المشابك العصبية، يتحول جزء من الجزيء إلى "ساق" تخترق الغشاء الخلوي. هذه "الساق" تشكل مساما تعمل كقناة للكالسيوم، مما يسمح بتدفق أيونات الكالسيوم إلى داخل الخلية عبر بوابة انتقائية.
تطبيقات مستقبلية
بفضل هذه النتائج، أصبح لدى الباحثين فهم أفضل لكيفية عمل سم "α-latrotoxin". وفقًا للبروفيسور كريستوس جاتسوجيانيس: "يحاكي السم عمل قنوات الكالسيوم في غشاء المشابك العصبية بطريقة معقدة للغاية، ويختلف في جميع الجوانب عن جميع السموم المعروفة حتى الآن". تفتح هذه الاكتشافات آفاقًا واسعة لتطبيقات مستقبلية، بما في ذلك تطوير مضادات سموم محسنة، وعلاجات للتشنجات والشلل، واستخدامات جديدة في المبيدات الحيوية.
تم نشر نتائج هذه الدراسة مؤخرًا في مجلة Nature Communications. يذكر أن فريق البحث بقيادة كريستوس جاتسوجيانيس كان قد كشف في دراسات سابقة عن بنية سموم الأرملة السوداء التي تستهدف الحشرات قبل دخولها إلى الغشاء الخلوي.