دراسة قطرية تكشف رحلة تطور كوفيد-19 خلال 4 سنوات وتأثير الطفرات على المناعة

تطور فيروس كوفيد-19

في دراسة حديثة أجراها باحثون في وايل كورنيل للطب-قطر، تم الكشف عن كيفية تطوّر فيروس SARS-CoV-2 خلال جائحة كوفيد-19، وقد شكلت هذه الدراسة أحد أعمق التحليلات التي تتبع تطور الفيروس على مدار أربع سنوات، موفرة رؤى مهمة حول كيفية تحور الفيروس وتأثير تلك التغيرات على الأشخاص والمجتمعات.

منهجية الدراسة

أُجريت الدراسة عبر تعاون بحثي مقره قطر، بمشاركة ستة مؤسسات علمية، وركزت الدراسة على تحليل وبائي موسع شمل أكثر من 1.5 مليون شخص، كانت الدراسة شاملة لمدة أربع سنوات، مما سمح للباحثين بتوثيق التحولات الجوهرية التي مر بها الفيروس طوال مراحل الجائحة.

تطور الفيروس وطفراته الجينية

كشف الباحثون في الدراسة أن SARS-CoV-2 خضع لطفرات جينية سريعة ومتتالية أدت إلى ظهور متغيرات متعددة، تميزت بقدرات متفاوتة في ما يتعلق بالانتقال بين الأفراد وشدة الإصابة، علاوة على ذلك أظهرت الطفرات قدرة متزايدة للفيروس على التهرب من المناعة الطبيعية المكتسبة.

في المراحل الأولى للجائحة، كان الفيروس يركز بشكل رئيسي على زيادة قدرته على الانتقال بين الأفراد، ومع مرور الوقت، وخاصة بعد ظهور المتحوّر "أوميكرون"، بدأ الفيروس في تحسين قدرته على التهرب من الجهاز المناعي، مما جعل مقاومته للعديد من الدفاعات المناعية أكثر صعوبة.

تأثير المتحوّر "أوميكرون" على المناعة الطبيعية

قبل ظهور "أوميكرون" في أواخر عام 2021، كانت المناعة الطبيعية المكتسبة من العدوى السابقة توفر حماية قوية وطويلة الأمد ضد إعادة الإصابة، مع فعالية تصل إلى 80%. ومع تحول "أوميكرون" إلى السلالة السائدة، بدأت المناعة الطبيعية تفقد فعاليتها بسرعة، حيث أصبحت فعّالة فقط لدى الأفراد الذين أصيبوا حديثاً، وبدأت في التراجع بسرعة بعد مرور عام.

ظهور سلالات جديدة وتغير مسار الجائحة

مع تقدم الجائحة وتفشي متحوّر "أوميكرون"، تغير مسار الفيروس بشكل ملحوظ، بعد هذا التحور أصبحت العدوى أكثر انتشاراً بسبب التحصين المجتمعي الواسع، بما في ذلك التطعيمات التي ساهمت في توفير مستوى من المناعة الجماعية. ومع ذلك، فرض هذا التغير على الفيروس تطوير آليات جديدة للتهرب المناعي، كما أدى انتشار العدوى والتطعيمات إلى ظهور متغيرات فرعية جديدة مثل XBB و JN.1، التي أظهرت تنوعاً وراثياً كبيراً.

التحديات المستمرة والمستقبل المجهول للفيروس

وفي تعليقها على النتائج، أكدت الدكتورة هيام كيميتلي، المعدة الرئيسية للدراسة والأستاذة المساعدة في أبحاث علوم الصحة السكانية في وايل كورنيل للطب-قطر، أن التطور المستمر للفيروس وقدرته المتزايدة على التهرب المناعي تجعل من الصعب تحقيق مناعة مجتمعية طويلة الأمد وأضافت: "قصر مدة المناعة يؤدي إلى موجات متكررة من العدوى، مما يعكس الأنماط التي نشهدها مع فيروسات البرد والإنفلونزا."

ضرورة التحديث المستمر للقاحات

تظل التحديات قائمة في مواجهة فيروس SARS-CoV-2، إذ تحذر الدراسة من أن الفيروس سيظل موجوداً وسيواصل إعادة إصابتنا بشكل متكرر، وأكدت الدكتورة كيميتلي على ضرورة تحديث اللقاحات بشكل مستمر لتجديد المناعة، خصوصاً للفئات الأكثر عرضة للخطر مثل كبار السن والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة.

تسلط هذه الدراسة الضوء على التغيرات المستمرة في الفيروس وتكشف عن الحاجة الملحة لمواصلة الجهود العلمية والتقنية لمواجهة التحديات القادمة في مكافحة الجائحة.