بحثت دراسة حديثة تم نشرها في مجلة التغذية السريرية حول كيفية تأثير فقدان الوزن الكبير لدى الأفراد البدناء للغاية على استقلابهم ووضعهم النفسي وعمليات اتخاذ القرارات لديهم.
دور المزاج وجلوكوز الدم على طريقة اتخاذ القرارات
أظهر البحث في تطور الإنسان أن إشارات الموارد الطاقية الداخلية، مثل مستويات سكر الدم، كانت ضرورية للبقاء على قيد الحياة، فعلى سبيل المثال ارتبطت القرارات المتعلقة بالدفاع عن الإقليم والتزاوج بالإنفاق الطاقي على شكل إشارات استقلابية، كما توجه الإشارات الأيضية السلوكيات للتكيف الوقائي مع البيئات المتقلبة، مما يقلل من عدم توافر الغذاء.
يعتبر الجلوكوز إشارة فعالة لموارد الطاقة الداخلية لأنه يوفر السعرات الحرارية للوظائف الخلوية، كما يُعلم الدماغ عن احتياطيات الطاقة المتاحة، مما يمكنه من تقييم ضرورة اكتساب المزيد من موارد الطاقة.
بالإضافة إلى الجلوكوز، فإن المزاج أيضًا يؤثر على عمليات اتخاذ القرارات، ومن منظور تطوري، منع المزاج المنخفض أجدادنا من البحث عن الطعام في مواقف صعبة.
مخاطر الأكل العاطفي
يعتبر الأكل العاطفي، الذي ينطوي على تناول الطعام لتهدئة مزاج الفرد ، سلوكا سيئا من الناحية التطورية، وغالبا ما يؤدي المزاج المنخفض إلى الأكل العاطفي، مما قد يؤدي إلى زيادة استهلاك الأطعمة عالية السعرات الحرارية وبالتالي إلى زيادة خطر الإصابة بالسمنة.
يمكن أن تؤدي السمنة إلى تغيير معدلات الأيض، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات سكر الدم، ولكن لم تقيِّم سوى القليل من الدراسات ما إذا كان استعادة وظيفة الجلوكوز والمزاج يمكن أن تؤثر على عمليات اتخاذ القرارات البشرية.
دراسة العوامل المؤثرة باتخاذ القرارات الهامة عند البدناء
حددت الدراسة الحالية الآليات التفاضلية المعنية في عمليات اتخاذ القرارات الخطرة لدى الأفراد البدناء ذوي المستويات الأعلى من المتغيرات الأيضية والنفسية، كما تم تقييم تأثير فقدان الوزن على اتخاذ القرارات.
لتقييم عملية صنع القرار، خضع المشاركون البدناء لمهمة قمار كمبيوترية كمقياس لتقييم الميل إلى المخاطرة، وتم قياس مستويات الهيموجلوبين السكري (HbA1c) لرصد مستويات سكر الدم طويلة المدى، كما أكمل المشاركون في الدراسة استبيان جدول التأثير الإيجابي والسلبي (PANAS) لتقييم مزاجهم.
وفقًا للدراسات السابقة التي تشير إلى السلوكيات المرتفعة للمخاطرة لدى الأفراد البدناء، افترض البحث الحالي أن الميل إلى المخاطرة يرتبط إيجابيا بمؤشر كتلة الجسم (BMI)، كما افترض الباحثون أن العوامل الأيضية والنفسية توجه عمليات اتخاذ القرارات بشكل إيجابي كدالة لتدخل فقدان الوزن، وكان من المتوقع أن يكون HbA1c ضعيف التنبؤ بقرارات المخاطرة قبل فقدان الوزن ولكن قوي التنبؤ بعد فقدان الوزن.
تم تجنيد ما مجموعه 62 مشاركًا بدينًا للغاية، 41 امرأة و21 رجلاً، من المركز التخصصي لطب السمنة في مستشفى جامعة شليزفيج هولشتاين في كيل، ألمانيا، حيث بدأ جميع المشاركين في الدراسة برنامج فقدان الوزن تحت إشراف طبي لمدة عشرة أيام، بالإضافة إلى النصائح الغذائية والعلاج النفسي في جلسات جماعية، وتم الحصول على عينات الدم وقياسات الدهون والوزن في الأسبوعين صفر و 10.
طُلب من كل مشارك في الدراسة اختيار بين خيارات خطرة وآمنة، وكانت الخيارات الخطرة لها احتمالية 50٪ من الربح في جائزة أكبر أو أصغر، بينما كان الخيار الآمن له احتمالية 100٪ من الربح في جائزة متوسطة.
تأثير فقدان الوزن على اتخاذ القرارات الهامة عند البدناء
أدى فقدان الوزن إلى تحسن ملحوظ في مستويات HbA1c والمزاج لذا يمكن اعتبار HbA1c كمتنبئ في توجيه الميل إلى المخاطرة بعد فقدان الوزن، مما أدى إلى تحسن المزاج.
توقع HbA1c قرارات المخاطرة لدى المشاركين بشكل سلبي قبل وبعد فقدان الوزن، حيث كان الميل إلى المخاطرة أقل لدى الأفراد ذوي مستويات HbA1c الأعلى، ويمكن أن يكون السبب في ذلك هو إدراك الدماغ لتوافر الطاقة العالي واتباع استراتيجية تقليل القرارات الخطرة بسبب وفرة السعرات الحرارية.
قبل تدخل فقدان الوزن، كان المشاركون في الدراسة على استعداد أكبر لاختيار خيارات خطرة، بالمقارنة مع بعد فقدان الوزن من خلال التدخل، ويُعتبر هذا تغييرًا سلوكيًا إيجابيًا، حيث ارتبط الميل المنخفض إلى المخاطرة بنمط حياة أكثر صحة.
قد تنظم الإشارات الدوبامينية العلاقة بين مؤشر كتلة الجسم والميل إلى المخاطرة، وفي الدراسة الحالية، ارتبطت مستويات الجلوكوز المنخفضة بتفضيل المكافآت الفورية ولكن الصغيرة على المكافآت الأكبر.
مجلة التغذية السريرية