تشير بيانات أولية إلى أن تناول دواء الميتفورمين ، المستخدم لعلاج داء السكري من النوع الثاني، قبل الحمل قد يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بغثيان الصباح الشديد أو ما يُعرف بحالة Hyperemesis Gravidarum بنسبة تصل إلى 70%، لكن لا تزال هناك حاجة إلى تجارب سريرية لتأكيد هذه النتائج.
ما هو الغثيان الشديد في الحمل ولماذا يُشكل خطراً؟
الغثيان الشديد أو Hyperemesis Gravidarum (HG) هو حالة طبية تصيب آلاف النساء الحوامل سنويا، وتتميز بغثيان وقيء متكررين وشديدين قد يؤديان إلى فقدان الوزن، والجفاف، واضطرابات في توازن الأملاح، مما يسبب مضاعفات صحية خطيرة للأم والجنين على حد سواء، كما أن النساء اللواتي أصبن به في حمل سابق معرضات لخطر تكراره في حملهن التالي.
العلاقة بين هرمون GDF15 والغثيان أثناء الحمل
كشفت أبحاث سابقة أن النساء اللاتي يمتلكن استعدادا وراثيا للإصابة بالغثيان الشديد في الحمل عادةً ما تكون لديهن مستويات منخفضة من هرمون يسمى عامل النمو والتمايز 15 (GDF15) قبل الحمل، ينتج المشيمة هذا الهرمون أثناء الحمل، وهو ضروري لنمو الجنين وبقائه. وتؤكد النظرية أن انخفاض مستويات GDF15 قبل الحمل يجعل الجسم أكثر حساسية للزيادة المفاجئة في هذا الهرمون أثناء الحمل، مما يسبب الغثيان والقيء الشديد.
كيف يرتبط الميتفورمين بمستويات GDF15؟
الميتفورمين، دواء شائع لعلاج السكري، معروف بقدرته على رفع مستويات هرمون GDF15، مما يؤدي إلى خفض الشهية وفقدان الوزن لدى مستخدميه، استنادا إلى هذا الرابط، افترض الباحثون أن تناول الميتفورمين قبل الحمل قد "يدرب" الجسم على تحمل ارتفاع الهرمون، وبالتالي قد يقي من حدوث الغثيان الشديد أثناء الحمل.
نتائج الدراسة وأهميتها
نشرت الدراسة، التي استندت إلى استبيانات عبر الإنترنت، في 27 يونيو 2025 في مجلة American Journal of Obstetrics and Gynecology، وشملت أكثر من 5400 مشاركة ممن تواصلوا عبر منصات مؤسسة أبحاث وتعليم Hyperemesis Gravidarum.
وأظهرت النتائج أن:
تناول الميتفورمين قبل الحمل ارتبط بانخفاض خطر الإصابة بالغثيان الشديد بنسبة أكثر من 70% في الحمل الأول، و82% في الحمل الثاني.
استخدام التبغ قبل الحمل ارتبط أيضا بانخفاض الخطر بنسبة 49%، رغم مخاطره الصحية الأخرى.
على العكس، ارتبط استخدام مضادات الاكتئاب من نوع SSRI بزيادة خطر الغثيان في الحملين الأول والثاني.
كذلك ارتبط استخدام القنب بزيادة خطر الغثيان في الحمل الثاني فقط.
آراء الخبراء والخطوات المستقبلية
أكدت الدكتورة مارلينا فيجزو، المشاركة في الدراسة من كلية الطب في جامعة جنوب كاليفورنيا، أن النتائج تقدم دليلا قويا على فائدة علاج الميتفورمين قبل الحمل للوقاية من Hyperemesis Gravidarum.
ومع ذلك، حذر الدكتور ستيفن أورهيلّي من جامعة كامبريدج بأن هذه النتائج تعتمد على بيانات ذاتية من عينة محدودة، مشددا على ضرورة إجراء تجارب سريرية للتحقق من فعالية وجرعة ووقت تناول الميتفورمين في الوقاية من الغثيان الشديد.
وأشارت الدكتورة إيمي بريشت-دوشير، طبيبة النساء والتوليد في كاليفورنيا، إلى أن الميتفورمين آمن أثناء الحمل ويستخدمه كثير من المرضى للتحكم في السكري، لكن فعاليته في منع الغثيان عند تناوله أثناء الحمل غير معروفة بعد.
قد يكون تناول الميتفورمين قبل الحمل وسيلة واعدة للحد من الغثيان والقيء الشديد لدى النساء المعرضات له، خصوصا في حالات الحمل المتكرر، هذه الدراسة تمهد الطريق لإجراء تجارب سريرية تؤكد هذا الاحتمال، مما قد يحدث نقلة نوعية في علاج وإدارة هذه الحالة الصحية المزعجة.