الرأي

يوم دنس "عيال زايد" عقالهم العربي بوحل التطبيع .. لا شيء يغسل العار

يوسف فارس

31 آب 2020 19:36

لاقى حدث هبوط أول طائرة إسرائيلية في مطار "أبو ظبي" بدولة الإمارات العربية المتحدة، أجواءً احتفالية في الصحافتين الأمريكية والإسرائيلية، وبدا ملاحظاً التغطية الحثيثة التي أفردتها المواقع والصحف الأمريكية تحديداً للحدث.

يبدو الأمر مقنعاً إذا ما فهمنا في البداية أن من "طبخ" اتفاقية التطبيع هذه، هو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يريد منها أن تكون حبل نجاته، وسط تدهور شعبيته إثر معالجته السيئة لتفشي فيروس كورونا، والتقهقر الذي تعيشه قواته في العراق في أعقاب اغتياله غير المحسوب للجنرال قاسم سليماني. إذ يريد ترامب الذي يقف على أعتاب انتخابات رئاسية مع خصم عنيد مثل جو بايدن، أن يستثير انتماء طائفة كبيرة من الناخبين الذين يقعون في مجال تأثير اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، وأيضاً، التغطية على فشله في فرض صفقة القرن على الفلسطينيين، فضلاً عن تعثر مشروع ضم الضفة الغربية المحتلة للسيادة الإسرائيلية.

كل الممارسات الإقطاعية التي سلكها ترامب في الملفات الخارجية، وحققت فشلت ذريعاً ونتائج عكسية على صورة الولايات المتحدة الخارجية، يريد ترامب أن يغسلها على حساب دول عربية وظيفية مثل الإمارات، يريد أن يتباهى بإنجازات إعلامية، وليست أكبر من ذلك.

وفي هذا السياق، أفردت قنوات أمريكية حكومية ناطقة بالعربية والإنجليزية، مساحةً واسعة لتظهير الحدث على نحو إعلامي، مثلاً، غطت قناة الحرة الأمريكية رحلة طائرة "العال" منذ بداية تجهيزها في مطار "بن غريون" في تل أبيب، ثم واكبتها بعدد لا حصر له من التقارير والأخبار المصورة عبر موقعها الإلكتروني.

كل تلك الاحتفالات الإعلامية، قابلتها ردود فعل سلبية من الجمهور العربي، الذي رفض السلوك الإماراتي الفج، والتباهي "الأخرق" على حساب الشعور القومي العربي الذي يناصب "إسرائيل" العداء، وكان ملاحظاً قدر التعليقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الذي لخصت الموقف بعبارة "عار على شماغكم العربي .. عار".

وسط كل ذلك الضجيج، يحاصر الجميع تساؤل منطقي، عن العائد الذي قد تجنيه دولة مثل الإمارات من فضيحة كهذه، وما الذي كان يضيرها لو أبقت تطبيعها هادئاً وبعيداً عن استفزاز الشارع، على شاكلة ما تفعله دول مثل "تركيا ومصر وقطر والمغرب والأردن" ؟ كل تلك الدول تطبع بشكل أمني وعلني مع "إسرائيل" لديها اتفاقيات تعاون أمنية واقتصادية واسعة، ولكن بصمت، ماذا ستجني الإمارات ؟

ما حدث هو "حرق" حقيقي للدور العربي الذي يمكن أن تؤديه الإمارات على الساحة العربية، ما سيحدث هو أن تلك البلاد، ستزداد عزلة، وستفقد أي قوة ناعمة في الشارع العربي تؤهلها لأداء دور فاعل في الملفات الساخنة، فهل سيقبل الفلسطيني مثلاً أن تتقدم "أبو ظبي" كوسيط أو مفاوض يمثله في أي حراك دبلوماسي قادم؟، ألم تحول السياسيات الأمريكية والإسرائيلية الهوجاء، دولة الإمارات إلى وجه آخر من عملة أحد أوجها "إسرائيل".

ثم، أليس من شأن هذا "الكرنفال التطبيعي" أن يضاعف مشاعر الضغينة تجاه الإمارات وكل حلفاءها الإقليميين؟، فمن يحق له أن لا يساند العمليات اليمنية ضد "المجلس الانتقالي اليمني" المدعوم إماراتياً !

جولة واحدة في مواقع التواصل الاجتماعي على التعليقات التي واكبت حدوث انفجار لأنبوبة غاز في أحد مطاعم أبو ظبي، الذي تزامن مع اقلاع الطائرة الإسرائيلية إلى البلاد، وقد الابتهاج والشماتة إن شئت، تظهر العزلة التي أضحت تعيشها دولة "عيال آل زايد" في الشارع العربي، فماذا لو كانت تلك الانفجارات ناجمة عن تصفية حساب سابق بين حكام هذه البلاد وجماعة "أنصار الله" اليمنية!

لا شيء يغسل عار التطبيع .. لا شيء

ملاحظة: المقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن موقفه السياسي

النهضة نيوز - بيروت

ملاحظة: الٓاراء السياسية الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن موقف "النهضة نيوز"