تقارير وحوارات

كيف سيبدو العالم بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟

4 تشرين الثاني 2020 01:32

كتب المحلل السياسي الإماراتي الدكتور "سالم الكتبي" مقالاً في شبكة عروتس شيفع، عرض فيه واقع الانتخابات الأميركية وتداعيات نتائجها على السياسات الداخلية والخارجية لولايات المتحدة.

في البداية لفت الكاتب إلى أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية اجتذبت الاهتمام العالمي بلا شك، حيث إن جميع الدوائر السياسية والإعلامية في جميع أنحاء العالم تتابعها باهتمام كبير. ويقول الكاتب إن هذا مؤكدٌ لأن الولايات المتحدة لا تزال قوة عظمى تهيمن على القرارات والقوة في النظام العالمي في يومنا هذا.


وفي هذا الإطار يوضح الدكتور الكتبي أنه على الرغم من كل ما يقال عن ضعفها وانحسارها وأحيانا قرب انهيار إمبراطوريتها، فإن هذا لا يقلل بأي حال من وزنها ومكانتها الاستراتيجية في العالم، على الأقل في الوقت الحاضر، كما أن هذا الاهتمام مرتبط بظروف هذه الانتخابات.

وهنا يشرح الكاتب أن هذه الظروف ستجعل النتائج استثنائية، بغض النظر عمن سيفوز، سواء من حيث الاستمرار أو مراجعة السياسات الأمريكية الحالية. وبصراحة، يقول الكاتب، فإن هذا السباق الانتخابي هو الأكثر إثارة للقلق في العالم مقارنة بأي جولة انتخابية أمريكية سابقة، حيث تحبس العديد من العواصم أنفاسها في انتظار الإعلان عن نتيجة انتخابات 3 نوفمبر.

ويتوسع الكاتب ليقول إنه "عند مراجعة موضوعات ومناقشات السباق الانتخابي المثير لجدل، ظهر عدد من الملاحظات الرئيسة، وهي:

1- من الصعب الاعتماد على نتائج استطلاعات الرأي.

2- يبدو أن المرشح الديمقراطي جو بايدن في وضع أفضل من منافسه الرئيس الجمهوري دونالد ترامب.

فوفقًا لاستطلاعات الرأي الأخيرة، يتمتع بايدن بميزة كبيرة، ولكننا لا ننسى الدرس المستفاد من انتخابات عام 2016، يضيف الكاتب، عندما كانت هيلاري كلينتون في المكانة نفسها، وربما حصلت على الإحصائيات والأرقام نفسها، ولكنها خسرت الانتخابات نتيجة تصويت الهيئة الانتخابية في نهاية المطاف لصالح الرئيس الحالي دونالد ترامب.

والجدير بالذكر بحسب مقال الدكتور "سالم الكتبي" ، هو أن نتائج الاقتراع لم تتضمن أي نتائج مطمئنة أو فرقاً كبيرًا يمكن أن يبرر حلاً مبكراً للمبارزة الانتخابية. فبالإضافة إلى التجارب السابقة، يجب مراعاة الظروف المحيطة بهذه الانتخابات أيضاً، بما في ذلك جائحة فيروس كورونا المستجد المتفشية في الولايات المتحدة الأمريكية وحول العالم.

ففي الحقيقة، يقول كاتب، سيجد الناخبون صعوبة في المغامرة بإحداث تغيير في مثل هذه الظروف الحرجة، حيث أصبح هذا العامل مؤثرًا بشكل متزايد مع احتفاظ الرأي العام الأمريكي بانطباعات سلبية عن إدارة أوباما، التي كان بايدن يحتل فيها مركز نائب الرئيس.

بالإضافة إلى ذلك، يلفت المقال، إلى أنه من المعروف أن كل رئيس أميركي جديد يجري تغييرات في سياسات سلفه، ونادرًا ما سينفذ الوعود التي قطعها في برنامجه الانتخابي، كما فعل الرئيس الحالي دونالد ترامب في العديد من القضايا التي تركها سلفه باراك أوباما خلفه.

لكن درجة الاستقرار أو التغيير في السياسة الخارجية في هذه المرحلة تبدو كبيرة، خاصة أن هناك العديد من القضايا التي يجب التعامل معها بعد الرئاسيات، مثل العلاقات مع حلفاء واشنطن في حلف الناتو، وتغير المناخ وإيران والقيادة العالمية وموقف الولايات المتحدة تجاه مسؤولياتها والتزاماتها الدولية، بالإضافة إلى علاقاتها مع الصين وروسيا اللتين تعتبران القوّتين العظميين المقابلتين للولايات المتحدة.

وثانيًا، هي أن عدم اكتراث الناخبين الأمريكيين بقضايا السياسة الخارجية لا يعني أن هذه القضايا ليست ذات صلة بالنزاعات الانتخابية. حيث تجدر الإشارة على سبيل المثال، إلى أن موقف الرئيس ترامب الحاد تجاه الإيرانيين ونجاحه في تولّي دور رئيس كوسيط في تطبيع العلاقات بين بعض الدول العربية و"إسرائيل"، هي مواقف يدعمها جزء كبير من الناخبين الأمريكيين، بغض النظر عن صبغتهم السياسية والأيديولوجية.

بالإضافة إلى ذلك، أردف المقال، فإن إدارة العلاقات مع الصين تعتبر ميزة ذات أهمية كبيرة للناخبين الأمريكيين، فعلى الرغم من أنها مسألة سياسة خارجية، إلا أن الأمر يتعلق بتأثير الصين الكبير على الأسواق والوظائف المحلية في الولايات المتحدة.

فبالنسبة للعلاقات مع الصين، يسعى الرئيس ترامب إلى منع وصول الصين إلى التفوق العالمي من خلال حرمان الشركات الصينية من التكنولوجيا الأمريكية. وبدلاً من ذلك، يميل خصمه بايدن إلى الحفاظ على صيغ التعاون والشراكة مع الصين في المستقبل المنظور على الأقل.

بالإضافة إلى الملاحظتين الأولى والثانية، هناك ملاحظة فرعية ثالثة ذكرها الكاتب، وهي أنه لا ينبغي أن يتم تفسير تصعيد الرئيس ترامب تجاه إيران على أنه بالضرورة يعكس رغبة في شن حرب بمجرد فوزه بولاية ثانية، وهو أمر يعتقد بعض الأطراف في المنطقة أنه حقيقة أو احتمال ممكن.

وخلص الكاتب إلى استنتاج أنه يمكننه القول إن العكس هو الصحيح. فإذا بقي ترامب في البيت الأبيض، سيتعيّن على الإيرانيين تغيير موقفهم وتقديم سيناريوهات موضوعة بالفعل للتفاوض مع ترامب في ولايته الثانية، وتقديم التنازلات والموافقة على الجلوس على طاولة المفاوضات لتوقيع اتفاقية نووية جديدة.

كما يعتقد الدكتور "سالم الكتبي" أن الموقف الإيراني من هذه المسألة جاهز للإعلان عنه في الوقت المناسب، فبالنسبة لمسألة الضغط الاقتصادي الأمريكي الشديد على طهران، فإن الإيرانيين مقتنعون بأن استراتيجية الرئيس ترامب تجعل نظامهم غير مستدام. فعلى وجه الخصوص، هناك بوادر لشرق أوسط جديد في الأفق، خاصة مع تطبيع العلاقات بين عدة دول عربية وإسرائيل.

وأعرب الكاتب عن اعتقاده أنه إذا كانت هناك أي معالم بارزة في النظام العالمي والعلاقات الدولية، فأن انتخابات 3 نوفمبر هي واحدة من أهمها التي ستحدّد اتّجاه مجموعة كاملة من القضايا في المستقبل المنظور، وسواء كان ذلك استمرارًا للسياسة الخارجية الحالية للرئيس ترامب وانخراطه في العديد من القضايا، أم انتصارًا للمرشح الديمقراطي جو بايدن وإعادة التفكير في سياسات ترامب.

على أي حال، يختم الكاتب، فالثابت الوحيد هو التغيير. حيث إن الاستقرار يعني أنه من الصعب تغيير أو إزالة نتائج ثماني سنوات من المواقف الأمريكية بشأن قضايا معينة، وأن التغيير لا يعني أن آثار ونتائج السنوات الأربع الأخيرة من العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والعالم قد تم شطبها تمامًا أيضًا.

شبكة عروتس شيفع