يمكن للوحدة أن تصيب أي عمر، لكن دراسة جديدة كشفت أن الشباب هم أكثر الأشخاص وحدة وعزلة في الولايات المتحدة الأمريكية، في حين أن الأشخاص في الستينيات من العمر هم الأقل عزلة مقارنة بغيرهم.
وظهرت هذه النتائج بعد أن حلل الباحثون ردود أكثر من 2800 شخص أمريكي تتراوح أعمارهم بين 20 و69 عاما شاركوا في استطلاع عبر الإنترنت.
وخلال الدراسة، وجد الباحثين أن مستويات الشعور بالوحدة كانت الأعلى بين الشباب في العشرينات من العمر، والأدنى بين المشاركين في الستينيات من العمر، في حين بلغ الشعور بالوحدة ذروة أخرى في منتصف الأربعينيات من العمر.
وقال كبير المؤلفين المشاركين في الدراسة الدكتور ديليب جيست، العميد المساعد لقسم الشيخوخة الصحية ورعاية كبار السن في كلية الطب بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو: "إن ما وجدناه كان عبارة عن مجموعة من المتنبئين بالوحدة عبر فترات الحياة المختلفة. وبالنسبة لجميع الأعمار، تضمنت عوامل التنبؤ بالوحدة مستويات أقل من التعاطف والرحمة، وتشكيل شبكات اجتماعية أصغر، وعدم وجود للزوج أو للشريك، والمعاناة من مشاكل في النوم. أما بالنسبة للأشخاص في الستينيات من العمر، فقد ارتبطت الوحدة بانخفاض الكفاءة الذاتية الاجتماعية، والتي يمكن الإشارة إليها على أنها القدرة على عكس الثقة في ممارسة السيطرة على دوافع الفرد وسلوكه وبيئته الاجتماعية. في حين أنه بالنسبة للأشخاص في الخمسينيات من العمر، فقد ارتبطت الوحدة بمستوى أقل من التواصل الاجتماعي".
الوحدة لدى الشباب
وتجدر الإشارة إلى أن الدراسة قد أكدت النتائج الأخرى التي أوضحت وجود صلة قوية بين الشعور بالوحدة وانخفاض مستويات الحكمة والشعور بالتعاطف والرحمة.
وقال الدكتور جيست: " يبدو أن التعاطف يقلل من مستوى الشعور بالوحدة في جميع الأعمار، ربما من خلال تمكين الأفراد من إدراك وتفسير مشاعر الآخرين بدقة إلى جانب اتباع السلوك المفيد تجاه الآخرين، وبالتالي زيادة فعاليتهم الذاتية الاجتماعية واتساع شبكاتهم الاجتماعية ".
أما بالنسبة إلى سبب شعور الشباب بالوحدة الشديدة، فقد لاحظ الباحثون أن الأشخاص في العشرينات من العمر يواجهون ضغوطا كبيرة أثناء محاولتهم تأسيس حياة مهنية وإيجاد شريك حياة مناسب لهم.
وقالت تانيا نجوين، المؤلفة المشاركة في الدراسة، الأستاذة المساعدة في الطب النفسي بالجامعة: "كثير من الناس في هذا العقد يقارنون أنفسهم بغيرهم بشكل مستمر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهم قلقون بشأن عدد المعجبين والمتابعين لديهم، مما أدى إلى انخفاض مستوى الكفاءة الذاتية الاجتماعية، والذي قد يؤدي إلى مزيد من الشعور بالوحدة والعزلة عن محيطهم الاجتماعي الواقعي".
وأضافت: " في حين أن الأشخاص في الأربعينيات من العمر يبدؤون في مواجهة تحديات جسدية ومشكلات صحية، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري، كما وقد يبدأ الأفراد في فقدان أحبائهم المقربين منهم ويرون أطفالهم يكبرون ويصبحون أكثر استقلالية عنهم. وهذا يؤثر بشكل كبير على الهدف الذاتي وقد يتسبب في تحول في التعريف الذاتي لديهم، مما يؤدي إلى زيادة الشعور بالوحدة ".
بالإضافة إلى ذلك، أشار الدكتور جيست إلى أن نتائج هذه الدراسة ذات صلة بجائحة فيروس كورونا التاجي المستجد بشكل خاص.
حيث قال: "نريد أن نفهم ما هي الاستراتيجيات التي قد تكون فعالة في تقليل الشعور بالوحدة خلال هذه الأوقات العصيبة، فالوحدة تتفاقم بسبب اجراءات التباعد الجسدي الضروري لوقف انتشار الجائحة الفيروسية ".
كما وقالت الدكتورة نجوين: "إن الجهود المبذولة لمنع ومعالجة الشعور بالوحدة يجب أن تأخذ القضايا المتعلقة بالعمر التي قد يواجهها الناس بعين الاعتبار".
النهضة نيوز