تقارير وحوارات

تنتظره مسرحية نيابية.. قانون التحرش الجنسي في لبنان: ثغرة في الجدار الصلب

إيمان عبد

13 تشرين الثاني 2020 16:41

أقرت لجنة العدل النيابية قانون تجريم التحرش الجنسي الذي كانت قد طرحته رئيسة لجنة المرأة والطفل النيابية النائب عناية عز الدين.

واقترح نص القانون العام الماضي من النائبة عز الدين ، وبعد جولة من استشارات قانونية مع جمعيات نسوية و هيئة شؤون المرأة الوطنية، أحيل القانون الى لجنة العدل لإقراره وإحالته الى الهيئة العامة لمجلس النواب، تمهيداً لوضعه على جدول أعمال جلسة المجلس؛ للتصويت عليه فيما بعد .


وسبق إقرار هذا القانون ، سقوط قانون يعالج نفس القضية "التحرش الجنسي وتجريمه"، كان قد قدمه النائب غسان مخيبر عام 2017، ولكن في ذلك الوقت أثار القانون جدلا في مجلس النواب، إذ أصبحت الجلسة مسرحية هزلية تسخر من فعالية القانون وتستخف بقضية التحرش الجنسي، فمنح الثقة أوّلا لتعود وتسقط عنه.

التحرش الجنسي بمضمونه الواسع، يقع أكثر من 90% من ضحاياه من النساء، ورغم تزايده في المجتمعات العربية خاصة وارتفاع صرخات المنظمات الحقوقية النسوية، لكن قليلة هي الدول التي عمدت لتجريمه في نصوصها القانونية. وتبقى المغرب وتونس والجزائر من الدول الاستثنائية التي وضعت قوانين لمكافحة هذه الظاهرة .

جدل و خلاف و علامات استفهام كثيرة تطرح حول القانون المطروح في لبنان فما الذي سيحث المجلس النيابي اللبناني الذي يسيطر عليه الذكور فيما يضم 6 نساء على التصويت عليه ؟ ومن الذي يضمن أن لا تتحول الجلسة الى حفلة هزلية تستخف بهذا القانون ؟ وأيضا أسئلة تطرح حول القانون مدى فعاليته وهل فعلا يساهم بالحد من هذه الظاهرة ؟

فداء عبد الفتاح المحامية والحقوقية حددت حديثها مع "النهضة نيوز" عدة ثغرات في هذا القانون؛ فرغم أن هناك محاسبة للمتحرش وتتراوح العقوبة بين الغرامة المادية الى السجن لثلاثة سنوات بناء على الفعل الذي يرتكب، إلا أنه يطلب من المدّعية تحديد إثبات ودليل وهو بالأمر بالمستحيل.

"التحرش فعل مفاجئ "، هذا ما قالته عبد الفتاح فمن الصعب أن تثبت الضحية أنها تعرضت للتحرش وتجلب إثبات لقوى الأمن أو القضاء لمحاسبته. وهنا مقارنة مع قانون التحرش الجنسي في فرنسا مثلا ، لا يتطلب من الضحية أو المتحرش بها أن تجلب إثباتا أو شهودا على تعرضها للتحرش، بل تكفي شهادتها ليقوم القضاء أو الشرطي باتخاذ الإجراءات اللازمة .

إضافة للإثباتات التي تصعب على المتحرش بها جلبها ، تذكر فداء عبد الفتاح الإجراءات البيروقراطية التي قد تعلق بها المدّعية ، وتقول :" حالات العنف الأسري التي تقع ضحيته المرأة ، عادة هي قضايا أمور مستعجلة وعلى القضاء وضع جلسات محاكمة عاجلة و لكن هنا نعلق في إجراءات بيروقراطية والقضية لا تكون معجلة بل تتأجل شه أحيانا وتبقى المرأة ضحية عنف الى حين الجلسة ، فما بالكم بقانون التحرش الجنسي و المماطلة التي ستشهدها قضاياه ."

وتضيف عبد الفتاح أن هناك مشكلة مع قوى الامن الداخلي، فهي غير مؤهلة في معظم الاوقات للتعامل مع قضايا التحرش الجنسي كما مع قضايا العنف الأسري.

ولا تنكر فداء عبد الفتاح الثغرة التي يمكن أن يحدثها هذا القانون في الحائط المسدود أمام حقوق المرأة في لبنان ، ولكن تعتبر أن العمل القانوني يجب أن يرفق بعمل توعوي عن ماهية التحرش، وأيضا يجب أن يرفق بآلية تطبيق تكون فعالة و سريعة و تحد من هذه الظاهرة بالفعل، و تقول :" يمكن إقرار الكثير من القوانين من خلف الطاولة ولكن دون آلية تطبيق فاعلة فما الجدوى منها ؟"

وترى عبدالفتاح في هذا الصدد، أن هذا القانون بهذه المواد كان يمكن الاستعاضة عنه بتعديل طفيف على قوانين العقوبات، فهناك نص في قانون العقوبات اللبناني يحدد "الأفعال المنافية للحشمة " ما يعني التحرش الجنسي ويمكن أن يكون بفعالية أكبر .

وعن ما إذا القانون سيصطدم بإشكالية التصويت في المجلس النيابي كالمرة السابقة تتوقع عبد الفتاح أن يفتح الجدلية نفسها والنقاش نفسه .

النهضة نيوز - خاص