التعاون الأمني الإسرائيلي-الفلسطيني ، حقيقة أم خرافة

أخبار

التعاون الأمني الإسرائيلي-الفلسطيني ، حقيقة أم خرافة

23 تشرين الثاني 2020 14:01

كتب ستيفن إم فلاتو، نائب رئيس الصهاينة المتدينين في أمريكا، في شبكة عروتس شيفع العبرية مقالا بعنوان: التعاون الأمني الإسرائيلي-الفلسطيني ، حقيقة أم خرافة، ذكر الكاتب في المقال أن السلطة الوطنية الفلسطينية أعلنت وسط ضجة كبيرة الأسبوع الماضي أنها ستستأنف التعاون الأمني مع "إسرائيل" . و لكن هل لاحظ أحد أنه توقف في الأساس ؟

وذكر الكاتب أن وسائل الإعلام و العديد من الخبراء المتنوعين يشيرون إلى إعلان السلطة الوطنية الفلسطينية على أنه "تنازل" رئيسي للسلطة الفلسطينية ، و الذي من المفترض أن تكون "إسرائيل" ممتنة له إلى الأبد . ففي الواقع ، بدأت الطبول تدق بالفعل "لإسرائيل" لكي ترد بالمثل من خلال تقديم بعض التنازلات الخاصة بها لصالح الجانب الفلسطيني .

و بالنسبة لأولئك الذين لم يلاحظوا ، فقد أعلن رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ، محمود عباس ، إنهاء " التعاون الأمني " قبل ستة أشهر ، بتاريخ 18 مايو 2020 ، احتجاجا على قرارات سياسية إسرائيلية كان يعتقد بشكل واسع النطاق أنه سيتم اتخاذه ، و الذي تمثل في ضم أراضي الضفة الغربية "لإسرائيل" ، و لكنه لم يحدث على الإطلاق .

لذلك ، اعتقدت أنه سيكون من المثير للاهتمام مقارنة عدد الإسرائيليين الذين قتلوا أو أصيبوا في الهجمات الفلسطينية خلال الأشهر الستة الماضية من "عدم التعاون الأمني" بالأشهر الستة السابقة التي اتسمت بالتعاون الأمني ، و قد حصلت على الإحصائيات المتوفرة على مواقع وزارة الخارجية الإسرائيلية (mfa.gov.il) و جهاز الأمن الداخلي الإسرائيل "الشاباك/ شين بيت " (shabak.gov.il) .

فخلال هذه الأشهر الستة التي توقف فيها التعاون الأمني الإسرائيلي مع السلطة الفلسطينية ، قتل إسرائيلي واحد و جرح 16 في هجمات إرهابية قام بها فلسطينيين . و قد كان بامكاننا سماع جميع أنواع أصوات الادانة و الأصوات اليهودية المنادية للسلام و هي تصرخ : " انظروا ؟ قتيل و ستة عشر جريحا ! ، انظروا كيف ساءت الأمور لأنه لم يعد هناك تعاون أمني مع السلطة الفلسطينية ! " .

بعد ذلك ، قمت بمراجعة الاحصائيات الخاصة بالأشهر الستة التي سبقت إعلان عباس ، أي الأشهر الستة التي كان من المفترض أن السلطة الفلسطينية كانت تتعاون أمنيا خلالها مع قوات الأمن" الإسرائيلية" لمكافحة الإرهاب ، و احزروا ما الذي وجدته ، تم تسجيل قتيل واحد و 39 جريحا ! . مما يعني أن عدد الإسرائيليين الذين تضرروا من هجمات الفلسطينيين خلال أشهر "التعاون الأمني " كان أكثر من ضعف عدد الذين تضرروا خلال أشهر "عدم التعاون الأمني ".

من الواضح أن هاتين الفترتين اللتين تبلغ مدتهما ستة أشهر تقدمان لمحة سريعة عن الموقف . و لكنه لا يعني أن "التعاون الأمني" لم يقدم لإسرائيل أي فوائد على الإطلاق ، فمن حين لآخر ، و كجزء من التنافس العربي الداخلي ، ستحتجز السلطة الفلسطينية مؤقتا أعدادا صغيرة من الإرهابيين التابعين لحركة حماس على سبيل المثال .

و لكن لنكن واضحين بعض الشيء ، فـ"التعاون الأمني" الذي تتعهد به السلطة الفلسطينية لا يشبه إلى حد بعيد ما تتطلبه اتفاقيات أوسلو . و بحسب اتفاقية أوسلو ، فإن قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية مطالبة بحل الفصائل الفلسطينية و مصادرة أسلحتها و اعتقال الإرهابيين و تسليمهم لإسرائيل ليتم محاكمتهم .

و ما لا يعلمه العديد من "الإسرائيليين" أن السلطة الفلسطينية أكثر من قادرة على القيام بهذا العمل ، حيث أنه يوجد لديها واحدة من أكبر قوات الشرطة من حيث العدد في العالم ، بالإضافة إلى أنهم يعرفون التضاريس المختلفة و يعرفون أين توجد مستودعات الأسلحة و البيوت الآمنة و مواقع التدريب الخاصة بالفصائل الفلسطينية المسلحة . فهم يمكنهم القيام بالمهمة إذا أرادوا ذلك ، لكن الحقيقة هي أنهم لا يريدون فعل ذلك بكل ببساطة .

لأنه فيما يتعلق بالسلطة الفلسطينية ، فإن الفصائل الفلسطينية المختلفة المعادية لإسرائيل مثل حركة حماس ، و حركة الجهاد الإسلامي ، و حركة فتح ، و الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، يبقون أخوة مهما تنامت الخلافات بينهم ، فالإسرائيليين هم أعداؤهم سواء أكان هناك اتفاق سلام أم لا . و قد تم توضيح هذا الواقع بشكل درامي قبل بضع سنوات في صحيفة نيويورك تايمز ، و هي صحيفة غير معروفة بتعاطفها الكبير مع إسرائيل .

فبتاريخ 23 مارس 2014 ، نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا إخباريا حول دخول القوات الإسرائيلية منطقة جنين التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية لملاحقة الإرهابيين، و قد كان مؤلف المقالة آنذاك هو رئيس مكتب نيويورك تايمز في القدس ، الصحافية جودي رودورين .

حيث جادلت السيدة رودورن في مقالتها السبب في قيام الاسرائيليين و ليس السلطة الفلسطينية بمطاردة الإرهابي ، على الرغم من أن جنين تخضع لـ "السيطرة الكاملة" للسلطة الفلسطينية ، إلا أن الضباط الإسرائيليين قالوا أن قوات الأمن الفلسطينية لا تعمل بشكل عام في مخيمات اللاجئين الفلسطينية .

يذكر أن مخيمات اللاجئين الفلسطينية هي بؤر سيئة السمعة للنشاط المعادي لإسرائيل . و لكن فيما يتعلق بقوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية ، فهي تمثل لهم المناطق المحظور عليهم دخولها أيضا . ففي أوروبا ، يصف هذا المصطلح "المناطق المحظورة على الشرطة" الحي الذي يكون فيه السكان المحليون معاديين جدا للشرطة ، لذلك لا يمكن للشرطة الذهاب إلى هناك .

فبحسب المقالة ، شرعت القوات في اعتقال منفذ هجوم يدعى حمزة الحاج ، و الذي وصفه مسؤول إسرائيلي بأنه "قنبلة موقوتة" له سجل طويل من الهجمات الإرهابية و كان في مراحل متقدمة من التخطيط لمزيد من هجمات ضد إسرائيليين .

و عندما اقتربت قوات الاحتلال من منزل الحاج ، فتح النار عليهم ، و ساعده فلسطينيين آخران في ذلك هما عمر أبو زينة و زين جبارين ، حيث قتل الثلاثة في تبادل لإطلاق النار . و قد أشارت صحيفة نيويورك التايمز في المقال إلى حقيقة أن زين كان "عضوا في الجهاد الإسلامي" ، و أن جبارين كان عضوا في "الجناح العسكري لحركة فتح" .

هنا يتبادر في ذهنك تساؤل قوية ، و الذي يتبادر في أذهاننا دائما : "الجناح المسلح لفتح ؟ ، و أليس هذا الفصيل الفلسطيني الذي قادر ياسر عرفات و يقوده محمود عباس في منظمة التحرير الفلسطينية ، و أنه قد ألقى السلاح عندما تم توقيع اتفاقية أوسلو ؟! ".

و عندما تفكر أكثر ، يخطر في بالك تساؤل أخطر ، و هو : "عضو في الجهاد الإسلامي ؟! ، كيف يمكن ذلك ؟ حيث يقال لنا دائما أن الأصوليين المسلمين في حركة الجهاد الإسلامي هم أعداء لحركة فتح العلمانية المعتدلة ".

فعلى الرغم من التساؤلين أعلاه ، صدفت هذه العملية في جنين أنه قد صودف فريق ثلاثي من خصوم سياسيين مفترضين ، الحاج الذي ينتمي لحركة حماس ، زين الذين ينتمي لحركة الجهاد الإسلامي ، و جبارين الذي ينتمي لحركة فتح . و الذين كانوا يعملون معا بشكل وثيق لتحقيق هدف مشترك لهم ، و هو قتل اليهود و تحرير فلسطين . و الجدير بالذكر أن جميعهم كانوا يعملون بحرية في مناطق السلطة الفلسطينية ، و قد كانت السلطة تغض الطرف عن نشاطهم طوال الوقت .

لذلك ، دعونا لا نخدع أنفسنا . فالحقيقة هي أن التعاون الأمني الإسرائيلي-الفلسطيني ، كما هو موصوف في وسائل الإعلام الدولية ، هو إلى حد كبير محض خرافة و أسطورة إعلامية . فالوحيدين الذين يبحثون عن أمن "إسرائيل" بصدق هم "الإسرائيليون" أنفسهم. 

النهضة نيوز_ترجمة خاصة