خبراء و جواسيس سابقين في الموساد يشرحون كيف كانوا يرسمون خطط الاغتيالات

أخبار

خبراء و جواسيس سابقون في الموساد يكشفون كيف كانوا يرسمون خطط الاغتيالات

5 كانون الأول 2020 12:54

كشف خبير بارز في وكالة المخابرات الإسرائيلية "الموساد"، واثنين من الجواسيس السابقين في الوكالة كيفية تنفيذهم لعمليات الاغتيال المستهدف في الخارج في تقرير تلفزيوني تم بثه يوم أمس الجمعة.


تم تقديم التقرير من القناة 12 الإسرائيلية كلمحة نظرية حول كيفية تنفيذ الموساد للاغتيالات، وكيف يستعد العملاء في الميدان وماهية المعضلات الأخلاقية التي قد يواجهونها في مهامهم، وجاء هذا التقرير بعد مقتل العالم النووي الإيراني البارز محسن فخري زاده الأسبوع الماضي.

وتألف التقرير من مقابلات حية مع ثلاثة أشخاص على دراية بآلية عمل الموساد، الخبير الصحفي رونين بيرغمان والجاسوسين السابقين فيكتور أوستروفسكي ورام بن باراك، وأشارت القناة الـ 12 الإسرائيلية إلى أن الرقابة العسكرية الإسرائيلية قد وافق على نشر التقرير.

وتجدر الإشارة إلى أن بيرغمان، يعمل مراسلا إسرائيليا يكتب لصحيفة يديعوت أحرونوت ونيويورك تايمز ومؤلف كتاب "اصعد واقتل أولا: التاريخ السري للاغتيالات المستهدفة لإسرائيل"، في حين أن بن براك هو نائب سابق لمدير الموساد ويشغل الآن منصب نائب عن حزب يش عتيد المعارض، بينما أوستروفسكي هو عضو سابق في الموساد، والذي كتب عام 1990 كتابا أخبر الجميع عن الموساد بشكل التفافي تحت اسم "عن طريق الخداع".

النائب السابق للموساد رام بن باراك في الكنيست

وقال الأشخاص الذين تمت مقابلتهم أن الاغتيالات التي قام بها الموساد في السابق أثناء عملهم في الوكالة كانت عمليات معقدة للغاية، وتتطلب التنسيق الدقيق والتجزئة والتخطيط وجمع المعلومات الاستخبارية.

ومن جانبه قال أوستروفسكي: "إن الاغتيال من أكثر العمليات تعقيدا، لأنك تخلط بين العديد من العناصر التي قد لا يكون هناك امكانية على الربط بينها".

كما وقال بن باراك: "إن الاغتيال يعتبر مهمة معقدة للغاية، فهي تتطلب التنسيق الدقيق بين القوات ومسؤولي الخدمات اللوجستية، وفي الغالب تعتمد على معلومات استخبارية يمكنك الوثوق بها".

ومن جانبها قال تقرير القناة 12 أن عملية اغتيال العالم الإيراني البارز فخري زاده كانت عملية معقدة للغاية، حيث أنه لمن المحتمل أنه قد تم التخطيط لها منذ شهور.

كما وقال بريجمان: "إذا كانوا حتى تلك اللحظة يقومون بجمع المعلومات عن الهدف لأي سبب من الأسباب، مثل محاربة الإرهاب أو صنع أسلحة نووية، فإنهم الآن بحاجة إلى تجميع ملف مختلف تماما ليتمكنوا من تنفيذ المهمة. على سبيل المثال، ماذا يفعل في روتينه اليومي، ومن الذي يعيش معه وما الذي يفعلونه، هل لديه حراس شخصيون، وما نوع السيارة التي يقودها وهي مصفحة أم لا، وما إلى ذلك ".

بالإضافة إلى ذلك، أوضح كل من بن باراك وأوستروفسكي أن المعرفة بالعملية كانت ستقتصر على أقل عدد ممكن من الناس، على الرغم من أنها من المحتمل أن تشمل بضع مئات من الأشخاص أيضاً.

وأضاف أوستروفسكي: "هناك عامل أساسي يوجه المهاجم أو المهاجمين، وهم النشطاء الميدانيين الذين يجمعون المعلومات المطلوبة، والذين غالباً لا يعرفون السبب وراء قيامهم بذلك حتى، فأنت لا تريد وضعا يسقط فيه أحد ثم يسقطون جميعا مثل حجارة الدومينو، حيث أن التخطيط التشغيلي لمثل هذه المهام الحساسة يمكن أن يتراوح من أيام إلى عدة سنوات، وذلك اعتمادا على مدى تعقيد العملية".

في حين قال بيرجمان: "غالبا ما استغرقت عمليات الاغتيال التي نفذها الموساد على مر السنين وقتا طويلا للتخطيط لها، وعادة ما كانت تتم بجهد كبير لضمان عدم وقوع أي أضرار جانبية، حيث كان عملاؤنا نادرا ما يقودون الهدف إلى مكان معين من أجل استهدافه، وغالبا ما كانوا ينفذون العملية بينما يقوم الهدف بعمله وبعيش حياته بشكل طبيعي. وقتل فخري زاده بينما كان يقود سيارته على طريق خارج بلدة أبسارد الريفية، بالقرب من طهران، وهي وجهة شهيرة للنخبة الإيرانية".

وأكمل: "على سبيل المثال، كان فتحي الشقاقي، زعيم الجهاد الإسلامي في فلسطين، والذي تم اغتياله في مالطا في شهر أكتوبر من عام 1995، يسلك طرقاً معيناً ويشتري بعض الأشياء بشكل اعتيادي، وهي أمور تم رصدها جيداً من قبل عملائنا. وفي يوم الاغتيال، ذهب إلى الفندق الذي يقيم فيه، وبعد ذلك ذهب لشراء بعض القمصان، وعاد إلى الفندق مجدداً، ولكن في طريق العودة اقترب منه سائق دراجة نارية وأطلق عليه النار ببساطة".

بالإضافة إلى ذلك، قال بن باراك إنه بدلا من ذلك، يمكن جذب الهدف إلى موقع تنفيذ عملية الاغتيال المخطط لها من خلال الإغراء أيضاً، حيث قال: "غالبا ما يميل الرجال إلى  سهولة إغرائهم بالنساء، وحتى في حالة عدم وجود علاقة بين الرجل والمرأة التي تغازله، فإنه لا يعتقد أبدا أن شيئا ما ليس صحيحاً. حيث أنه سيشعر بالإطراء والانقياد وراءها، وعندما ينجح الأمر نقوم باغتياله بكل بساطة".

والجدير بالذكر أن بن باراك قد أكد أن عملاء الموساد ليس لديهم أي شعور بالندم على عمليات الاغتيال التي نفذوها.

أضاف: "لا أعتقد أن هناك معضلة أخلاقية عندما تفعل شيئا تؤمن به، خاصة عندما يمكن أن ينقذ ما تفعله حياة الآخرين، فأنت من المفترض أن تحميهم بحكم موقعك وعملك".

بينما قال بيرجمان أن قتل العلماء دائما ما كان محفوفا بالمخاطر من الناحية الأخلاقية، حيث تم اتهام إسرائيل بارتكاب سلسلة من الاغتيالات لعلماء إيرانيين بين عامي 2010 و 2012.

وقال الرئيس السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA، جون برينان، أن العالم الإيراني البارز فخري زاده لم يكن عضوا في جماعة إرهابية، وبالتالي فهو لم يجب أن يكون هدفا مشروعا للاغتيال، على الرغم من أنه كان يحمل رتبة لواء في الحرس الثوري الإيراني، والذي صنفته الولايات المتحدة الأمريكية بأنه منظمة إرهابية.

وأضاف أوستروفسكي: "لكي نقول أنه لا توجد دماء على يدي شخص يبني عملية صنع القنابل الذرية، فإنه يحتمل أن يديه قد تلطخت بالفعل بالكثير من الدماء، فهو مسؤول مثل الشخص الذي يضغط على زر إطلاق تلك القنابل المدمرة بلا شك".

وعندما سئلا عن مقتل فخري زاده، أشاد كل من بيرجمان وبن براك بالعملية، حيث قال بن باراك: "يحتاج الأشخاص الذين يتعاملون في أشياء ممنوعة إلى معرفة أنه يمكن استهدافهم في أي وقت أيضاً".

وأضاف بيرجمان أن رئيس الموساد السابق مئير داغان قد تحدث دائما عن أهمية استخدام عمليات القتل المستهدف (سياسة الاغتيالات)، مضيفاً: "دائما ما قال لي: يقولون أن كل شخص لديه بديل، لست متأكدا من ذلك. هل كان لدى تشرشل بديل؟ هل كان لدى هتلر بديل؟، هل كان لعماد مغنية من حزب الله في سوريا عام 2008 بديل؟، فحتى خلفوه الأربعة الذين أتوا بعده لم يتمكنوا من ملء مكانه".

وتجدر الإشارة إلى أن إسرائيل لم تعلق رسميا على الاتهامات الإيرانية بشأن تنفيذها لعملية اغتيال فخري زاده، وحذر المسؤولون المواطنين الإسرائيليين الذين يسافرون إلى الخارج من احتمال تعرضهم لهجمات إرهابية إيرانية في أعقاب عملية الاغتيال، وحذروا العلماء النوويين الإسرائيليين السابقين من أنهم قد يكونوا في مرمى نيران إيران.

النهضة نيوز _ ترجمة خاصة